سكك حديد السودان وشراكة منتجة مع مبادرة مراكز راقية وشركة دال

إسماعيل آدم محمد زين
لعبت سكك حديد السودان دوراً مهماً في الربط بين أجزائه، إذ قربت المسافات وأدنت البعيد من أطرافه.كانت وسيلة لنقل المعرفة والتواصل بذات القدر من الحيوية في أيام نشاطها الدوؤب وقطاراتها تتحرك من بورتسودان إلي واو ومن عطبرة إلي حلفا القديمة شمالاً وإلي الروصيرص ونيالا غرباً! فرحة لم تدم وهكذا الدنيا!
ساهمت سكك حديد السودان في نشر المعرفة والتنوير عبر عمالها وقطاراتها فقد كانت تنقل البريد أو البوستة كما يقولون! والكتب! كان في وسع من يرغب في القراءة أن يطلب الكتاب من الخرطوم فيأتيه بالبريد عبر السكة حديد، فهنالك عربة للبوستة !
بعد أن لحق الدمار بالسكة حديد جراء سياسة التمكين بتشريد العمال و الموظفين وبيع قارات البخار بكل إرثها من التكنولوجيا ومعارفها، فقد تعطلت مسيرتها وأنقطع حبل الوصل لتوطين صناعاتها أو فلنقل أعمال الصيانة و نقل التكنولوجيا! ويا لها من خسارة لا تعوض!
مضت الأيام والسنوات ليدرك الناس،كم كان الفقد كبيراً عندما ينظرون لأكوام الاطارات البلاستيكية في المدن والقري-دليلاً علي فشل وسائل النقل بالسيارات وتكلفتها العالية علي الناس والبلاد والبيئة!
مع عودة الحياة لسكك حديد السودان وإعادة تعميرها،أدرك الموان أهميتها، لذلك جاءت مبادرة مواطني قرية قنب بالجزيرة بعد أن بدأ قار الخرطوم – مدني يعبر تاركاً محطتهم خلفه خاوية وخالية تندب حظها ولا يتوقف عندها كما في سابق الأزمان، حيث كان المحلي، كما يطلق عليه يأتي في وقت معلوم ، تضبط عليه الساعات! لذلك بادر المواطنين بقيادة الفنان طارق الزين وتيه وآخرين كثر تداعوا من مختلف قري المنطقة التي تربوا علي المائة (100). للمساهمة في إعادة تعمير المحطة لتعود بصورة أكثر بهاءاً ونضارة ولتصبح نموذجاً في الجهد الشعبي والعمل الطوعي مع الجهد الرسمي في إدارة السكة حديد. وموافقتها علي وقوف القطار ليقل مواطني المنقة إلي الخرطوم ومدني،مما يخفف عليهم كثيراً وللمقارنة تكلف تذكرة الحافلة والص حوالي 4000 جنيه بينما تقل تذكرة القطار عن 1000جنيه!
مما يؤكد علي جدوي النقل بالسكة حديد، خاصة في نقل المنتجات الزراعية والصناعية والحيوانية. وهنا علينا أن نذكر ونذكر الآخرين بأن لبعض الشركات والأعمال فضل كبير في بقاء السكة حديد وصمودها فقد وفرت لها هذه الشركات (دال وشيخو وغيرهما) أموالاً مكنتها من العمل، فقد كانت تنقل الحبوب مثل القمح ، مع رفدها بكوادر مؤهلة بعد أن شردت الانقاذ عناصرها الجيدة.
لذلك مع ظروف البلاد والناس علينا أن نعزز من قيمة أعمالنا كافة وننظر إليها بصورة شاملة لنعظم من فوائدها، بل نضاعفها ولا يتأتي ذلك إلا بالرؤية الثاقبة.
في تقدير ي سيصبح نموذج إعادة تعمير وتأهيل محطة قنب مثالاً لبقية الموانين في كافة أنحاء البلاد يجمعهم لتحقيق أهداف كثيرة، منها: إحياء محلات السكة حديد لتخدم الغرض الأول وهو نقل البائع والمنتجات المختلفة والمواطنين ، ثم المحافظة عليها وعلي أراضيها من التغول وحماية الممتلكات العامة وفرصة للتأكيد علي ضرورة ذلك لضمان سلامة الخطوط وأرواح المواطنين وللحد من الحوادث.إذلا تجدي القوانين، مهما كانت رادعة ودوننا المخدرات ، فمع الاعدام لتجارها، إلا أنهم يغامرون!لابد أن يدرك المواطن ويحس بأن المال العام جدير بالمراقبة والحماية وأنظروا إلي التكلفة العالية التي تتطلبها صيانة محطة واحدة! لذلك يمكن للاعلام أن ينقل هذه التجربة خاصة مع الأوضاع الحالية.
علينا أن نبث الرسائل ومنها بأن الخراب سهل والتعمير مكلف وصعب وعلي الموانين أن يسعوا للمحافظة علي الممتلكات العامة وصيانتها بالتعاون مع الجهات الرسمية وتحسين بيئة العمل ونقل هذه التجربة الفريدة إلي محطات أخري ،بل إلي مؤسسات أخري مثل مشروع الجزيرة.فقد شارك في صيانة محطة قنب الشيوخ والأطفال، النساء والرجال بالعمل، وآخرين كثر بالمال! في هذا الوقت العصيب ستكون رسالتنا للآخرين” أن حافظوا علي مؤسسات الدولة و لا تخربوها، بل أقدموا علي صيانتها و تطويرها! إن سرقة مسمار واحد كفيل بتخريب قطار طويل وإتلاف خطاً للسكك الحديدية طويل!
عندما يري الآخرون ، كيف يقوم أطفال قرية قنب بالجزيرة بصيانة وتجميل محطة السكة حديد فقد يترددون كثيراً عند نية الاقدام علي سرقة فلنكة أو مسماراً.
سيكون نموذج صيانة محطة قنب مثالاً ليس علي المستوي القومي ولكنه نموذجاً علي المستوي الاقليمي والعالمي ! يحتاج فقط إلي إعلام قوي وفعال وهي فرصة لدعوة السيدة نعمة الباقر لتقديم هذا النموذج! إذ السودان ليس خلوا من الأعمال الجيدة ليشاهدها العالم، مثلما شاهد مخازينا في تهريب الذهب!
لتعظيم الفوائد من تجربة صيانة محطة قنب للمنطقة والبلاد كلها، أدعو للربط مع مبادرة مراكز راقية وهي مراكز لتدريب وتوير قدرات المرأة في كافة مناق السودان ويمكن للسكة حديد أن تتبني هذا المشروع مع شركائها ، مثل شركة دال وشيخو، بأن توفر السكة حديد الأرض بجوار المحطة لقيام مراكز راقية للتدريب في مجالات الطهي وصناعة الطعام (مخبوزات ومعجنات..إلخ)، الزراعة المنزلية والبستنة، التفصيل والخياطة ،الكمبيوتر، بجانب تقديم خدمات أخري، مثل الاسعافات الأولية والعلاج،المحاضرات وإنشاء المكتبات العامة.
في محطة قنب يمكن إنشاء موقف للسيارات لتسهيل حركة المسافرين بتوفير خدمة حراسة العربات وربما أعمال الصيانات الخفيفة لحين عودتهم. مما يوفر شيئاً من المال لتسيير مركز راقية وضمان إستمرار العمل.
ستوفر المحطة نافذة لبيع منتجات مركز راقية، إذ تقوم الفكرة علي سياسة التدريب الانتاجي! لبيع المنتجات من مأكولات وشتول والخدمات الأخري.
أما شركاء السكة حديد مثل شركة دال يمكنها توفير مظلتين جميلتين لتشغيل عدد من ذوي الاعاقة بذات الشروط الموضوعة ويمكن أن نضيف إليها عمل شراكات لذوي الاعاقة بأن يعملوا في نظام ورديات لاستيعاب ثلاثة من الشباب في المظلة الواحدة (للتوافق مع طبيعة عمل المحطة). مع وجود عددا من المتعلمين من ذوي الاعاقة بالمنطقة بفضل مدرسة الصم بقرية دلقا، وقد أكمل بعضهم الدراسة الجامعية! إن حاجتهم للعمل لا تحتاج إلي تأكيد .
مع إدراكنا بما تخصصه شركة دال في إطار المسؤلية المجتمعية، يمكنها أن تساهم أيضاً بشكل كبير في مبادرة مراكز راقية وذلك بتشييد أحد المراكز الذي تحصل علي قطعة أرض ، ليكون نموذجاً لهذه المراكز بالبلاد.
أما إدارة السكة حديد وبقيادة مديرها النابه المهندس وليد محمد أحمد، يمكنها عمل شراكة مع مبادرة مراكز راقية بالاسراع في البت بالتصاديق ، مع وضع رسوم قليلة أو إعفائها إلي حين!حتي تقف هذه المراكز علي أرجلها،
ومن بف نفسك يا القطار
من بف نفسك يا القطار و رزيم صدرك قلبي طار وين الحبيب
أنت شلتو جيبو يا القطار
كم غربت من قريب وكم قربت من غريب
ما خليت لي نصيب غير البكا والنحيب!
ولا يقولن قائل “دعونا من السكة حديد وتدريب المرأة والشراكات، حتي تستوي الثورة! ،إذ الشعب لا يقهر والثورة منتصرة باذن الله” .
عشمنا في شراكة منتجة مع هذه المؤسسات الوطنية الهامة، سكك حديد السودان وشركة دال وكل الراغبين في خدمة المواطنين والبلاد،
* صور من العمل في صيانة وإعادة تعمير محطة قنب:
ياسلام ياأستاذ إسماعيل:
مقالك هذا نموذج للكتابة الراقية التي تسلط الضوء علي إنجازات مقدرة لشركات وطنية بدلا من شتمها و تخوينها كما إعتدنا من بقية كتاب المقالات, فلم تتقدم دول مثل كوريا الجنوبية و ماليزيا و تركيا إلا بمعونة شركاتها الوطنية خاصة الكبري منها.
كتابتك هذه نموذج للمقال الصحفي الذي يقدم مقترحات جميلة وحلول ممكنة و عملية لمشكلات وطننا الحبيب.
مقال يختلف تماما عن مقالات الشجب و الإدانة و الضرب في الميت التي تمتليء بها الراكوبة- وغيرها من الصحف السودانية يوميا و التي لاتزدينا إلا كربا و هما!- وماعليك سوي النظر في مقالات الراكوبة اليوم
شكرا لك أخي الفاضل علي الاطراء