مقالات سياسية

المبادرات المفخخة لا تعنينا في شيء…!

احمد بطران عبد القادر

لئن  تحدثنا عن الثورات العظيمة التي احدثت تغييرات جذرية في الفكر والحكم والإدارة لصالح قيم العدل والحريات والحقوق في التاريخ الانساني وقلنا ان الثورة الفرنسية من أفضل تلك الثورات واعظمها فقد رسخت هذه القيم وجعلتها الأساس للعقود الاجتماعية والسياسية في الدولة الحديثة فإن حركة نضال الشعوب في التاريخ المعاصر ضد الديكتاتوريات وأنظمة الاستبداد الظالمة انتجت ثورة عظيمة صِنواً لها تضاهيها في كل ما تحمله من القيم الأخلاقية للحضارة الإنسانية التي تحلت بها تمثل ذلك في ثورة شعب السودان المجيدة في ديسمبر ٢٠١٨م  الثورة التي هزمت بالسلمية الجبروت والطغيان وقد ادهشت العالم  بالاصرار  ووضوح الرؤية وصمود وبسالة شبابها وتحديهم لآلة البطش الجبارة والقوة المفرطة التي استخدمتها الاجهزة الأمنية ضدهم في كل مراحل الحراك الثوري المقاوم للظلم والاستبداد والفساد والمستمر منذ إذاعة الرئيس المخلوع لبيانه في صبيحة الجمعة ٣٠ يونيو ١٩٨٩م وحتي هذه اللحظة التاريخية الحرجة التي تسيطر عليها قوي انقلابية معادية لحركة الوعي والاستنارة من بقاياه رافضة لاي حلول للأزمة تغيب العسكر وتحالفاته الرجعية الانتهازية عن المشهد وكأنهم لا يدركون انهم اس الأزمة والسبب الرئيس فيها بتغولهم علي سلطة الشعب وسرقت ثورته تحت مزاعم الانحياز لها وهم يحاولون إنتاج نظامهم السابق في ثوب جديد

ولعمري هذا امر يدعو للاستغراب والتعجب فكان عليهم الانتباه إلى ان هذه الثورة المجيدة انتجت حركة وعي متقدمة جدا يقف خلفها جيل شبابي مستنير حر الإرادة مصادم لا يخشى الا الله والذئب علي غنمه وقد شملت كل فئات المجتمع السوداني بكافة أطيافه المختلفة وهذا الوعي شكل قناعه راسخة لدي الغالبية العظمى من مكونات المجتمع بخطورة الشمولية وأهمية الدولة المدنية الديمقراطية
فالشمولية تمجد حكم الفرد وتجسد ثقافة الإقصاء ولا تلد سوى الظلم والفساد والاستبداد والتسلط علي رقاب الشعوب وانتشار ثقافة العنف والاقتتال اما الديمقراطية فيمكن من خلالها خلق استقرار سياسي واجتماعي يُعبِّد الطريق لنهضة تنموية شاملة تعالج اختلالات إدارة الدولة بصورة جذرية فاعلة تضعنا في المسار الصحيح نحو التقدم والتطور والازدهار هذه القناعات تشكلت بعد تجارب مريرة فاشلة لحقب سوداء مظلمة اقعدتنا في بؤر التخلف والجهل و خلفت جراح عميقة في خارطة الوطن تولى العسكر فيها مقاليد الحكم في البلاد بفوهة البندقية
حركة الوعي هذه  كانت نتيجة طبيعية لتراكمات نضالية جسورة وتضحيات جبارة منذ مقاومة شعبنا العظيم الدكتاتورية الأولى وانتصاره في اكتوبر من العام ١٩٦٤م حيث استطاع بسلامة وعيه السياسي إزاحة دكتاتورية متمكنة وفرض علي القوات المسلحة ان تقف الي جانبه
وقد جدد شعبنا في ثورة ديسمبر المجيدة رفضه التام لحكم العسكر الذي لا يلد الا شمولية قابضة منكرة تخلق ذهنية سلطوية تؤثر علي مدارك الإدراك والوعي فينحط الفكر وتصاب مؤسسات الدولة وسلطاتها الثلاث بالخمول والكسل فتعجز عن القيام بمهامها الطبيعية فتهدر الحقوق وتهضم الحريات ويصاب الوطن بالدوار والتيه وتنتشر الفتن القبلية والصراعات الجهوية ويصبح أكثر عرضة للتدخلات الخارجية التي تعمل علي تمكين العناصر العميلة من مفاصل الدولة وإقصاء كل وطني غيور

هذا الوعي الخلاق الذي انتجته ثورتنا الميمونة تشكلت منه قاعدة جماهيرية ثورية صلبة من جيل شبابي مصادم مؤمن بالتغيير لا يقبل أنصاف الحلول اغلبه ينتمي للقارة العمرية ما دون الخمسين والذي يمثل جيل الالفينات القوي العظمي لقواه الحية وقد دفعت هذه الفئة العمرية بقيادات شبابية تواقة للتغيير متشوقة للبناء والتعمير متجردة لله ثم للوطن وانسانه مدركة لحجم التحديات بصورة تفوق الخيال وعازمة علي الوصول لنهائيات الطريق مهما كانت الكلفة والثمن تمثل هذا الوعي في ضرورة تحرير القرار الوطني وعدم المساس بسيادة الدولة وتحديد هويتها ومستقبلها بم يرضى تطلعات شعبها دون اي مؤثرات داخلية او خارجية وإنهاء الإنقلابات العسكرية وعملية الاستيلاء على السلطة بالقوة الي الابد

هذا الجيل الجديد المناضل الحر الصاعد لا يثق في العسكر أبدا ولا يحفل بكثير من الأحزاب السياسية لان اوعيتها لا تستوعب تطلعاته ولا تستجيب رؤاها لاشواقه في بناء وطن ناهض حر ومتعافي لكنه يدرك جيدا أهمية الديمقراطية في تحرره من الشمولية واستبدادها والديمقراطية بلا أحزاب سياسية فعلي الأحزاب السياسية ان تجدد رؤاها وتحرر افكارها من الاستلاب الثقافي والتقوقع والتحجر وتمجيد الفرد لتكسب ثقة هذا الشباب الحر الشريف كما عليها التوقف فورا عن الصراعات العبثية فيما بينها التي تعيق الانتقال الي الحكم المدني وتساند  العسكر و القوي الحزبية المتماهية معه في الاستمرار في سرقة سلطة الشعب واكراهه علي الخضوع والاستسلام لسياسة الأمر الواقع وعليه فإن كل المبادرات المطروحة في الساحة السياسية من بعض الحادبين على مصلحة الوطن او الطامحين في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء..! لا تعنيه في شيء ما لم تبعد كل الوجوه الانتهازية التي أكلت في موائد النظام المندحر وتريد ان تتسلق عبرها السلطة مجددا وما لم تنص صراحة على ان السلطة سلطة الشعب وان العسكر للثكنات وان يكون جيش مهني خاضع للسيطرة المدنية وان الدولة السودانية لابد ان تدار بطريقة مدنية وان مرحلة الانتقال لتفكيك بنية النظام السابق ومحاكمة ومحاسبة رموزه وأعوانه وتحقيق العدالة الانتقالية والقصاص للدم الطاهر ثم تحقيق سلام شامل عادل وانتهاج سياسيات اقتصادية ومالية توقف التدهور الاقتصادي وتهتم بمعاش الناس اما في جانب التعاون الدولي فيتطلع شعبنا لعلاقات حميدة تعلى من قيمة الوطن وانسانه وتراعي مصالحه ومفهوم التعاون الدولي في موروثه الحضاري الذي لا يقبل الضغوط والاملاءات بل تبني العلاقات علي الندية والإحترام والتعاون الذي يحقق مصالح الشعوب دون إكراه او استغلال للنفوذ بعامل التفوق المادي في امتلاك مصادر القوة والتقدم

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. صاح لاتعنيك لانكم دايرين تحكموا فهلوة
    وكيري واستهبال كانك فاكرانوالسودان ياهوالممشطين والمخروشين والشماشة الفي المؤسسة وغرهامن المحطات!!لالا..ياسيدي السودان كبيربي شعبوالكرهكم ودايمابخوفكم بي الانتخابات

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..