مقالات وآراء

صديقي الحمار .. في اوكرانيا تسبب في الدمار

د. حامد برقو عبدالرحمن

 

 

(1) في المدرسة عن موضوع له علاقة بالحمار سأل المدرس ان كان منا من له تجربة التعامل مع ذلك الحيوان، إلتفت الطلاب الي بعضهم البعض بشيء من الإستنكار أو الترفع ؛ رفعت يدي ، قلت له نعم !. قال لي اين وجدت الحمار؟ إجبته (بصوت يكسوه الإستغراب وبعض الفخر) في بيتنا !! .

هنا إبتسم البروفيسور/ عاصم … ثم قال : “معظم الذين بهذه القاعة كان لديهم حمير في بيوتهم ، وانت قد لا تكن واحداً منهم”ليدخل بعدها الجميع في فاصل من الضحك.

لكن للأمانة كانت في بيتنا موديلات من الحمير كما حال السيارات اليوم في بيوت المسؤوليين السودانيين (في بلد يموت أهله بالجوع والمرض والعطش ، يتغيب الإيتام عن المدارس بينما تذهب أمهاتهم الأرامل للاعمال الشاقة لإطعامهم).

 

(2) في الثقافة العربية فإن الحمار كالحرية والديمقراطية منبوذ ومبغوض. ولا يذكر في صحائفهم إلا في معرض الغباء، حيث قال أحمد شوقي :

سَقَطَ الحِمارُ مِنَ السَفينَةِ في الدُجى

فَبَكى الرِفـــاقُ لِفَقـدِهِ وَتَرَحَّمـــوا

حَتّى إِذا طَلَعَ النَهارُ أَتَت بِه

نَحوَ السَفينَةِ مَوجَةٌ تَتَقَدّمُ

قالَت: خُذوهُ كَما أَتاني سالِماً

لَم أَبتَلِعهُ لِأَنَّهُ لا يُهضَم

 

لكن عند الاخرين من امم الأرض يعتبر مثالاً للثورة والصبر والتحدى  لذلك اسس عمر كلول حزب الحمير في كردستان العراق عام 2005.

لكن سبقه في تمجيد الحمار الرئيس الأمريكي السابع ومؤسس الحزب الديمقراطي أندرو جاكسون الذي إتخذ من الحمار شعاراً لحزبه ولحملته الانتخابية عام 1828.

أندرو جاكسون من قادة التحرير والاتحاد الذي هزم البريطانيين عام 1812.

وهو الرئيس الذي ظلت صورته على فئة عشرين دولار قبل ان تقرر حكومة الولايات المتحدة في عهد الرئيس باراك اوباما إستبدالها بصورة ناشطة الحقوق هارييت توبمان لتكون ثاني إمراءة وأول أسود تطبع صورته على العملة الامريكية.

العملة التي كان من المنتظر ان ترى النور في 2020 لو لا مماطلة الرئيس العنصري دونالد ترامب. والمفارقة ان السيدة / هارييت توبمان لم تنل الشرف إلا لمحاربتها لأسلاف دونالد ترامب وأفكارهم.

 

(3) في السودان ؛ لنا مع الحمار أكثر من قصة:

أشهر المتحولين في تاريخ السياسة السودانية؛ (والمتحول سياسياً لا يقل غرابة عن مقابله المتحول جنسياً  لكن الناس يهتمون بالأخير) كان من أبناء دارفور. في صغره عمل مع والده الذي كان يملك قراشاً للحمير في سوق القرية ،(اي مربط). في حكومة الإمام الصادق المهدي الأخيرة اصبح وزيراً أقليمياً إلا انه كان لا يتعفف من المال العام. ولأن سرقة المال العام قبل حكومة الإنقاذ تعتبر عيباً اجتماعياً بجانب أنها محرمة. نبهه اعضاء حزبه في الاقليم لكن كان رده صادماً ، حيث قال انه يريد تعويض ما أكله (الجلابة منذ الإستقلال) أرأيتم المحنة ؟ .

في عام 2002 عندما قرر حزبه عدم مشاركة نظام الإنقاذ في الحكم إنسلخ مع (فضولي) السيد/ مبارك الفاضل ليؤسسوا مع الاخرين حزباً انقاذياً مع إستعارة إسم حزب الأمة. لكن عندما فقد مبارك الفاضل منصبه الإستشاري بالرئاسة  لم يذهب مع سيده بل اسس حزبه على نمط طفيلي ليبقى في الحكم ..

رغم أنه الأب الروحي لفكرة الجنجويد في السودان إلا ان اللوم مازال على صديقي الحمار !! .

 

(4) أما مأساتنا الثانية مع الحمار والتي من الواضح انها لن تكون الأخيرة ؛ تقاسمناها مع إخوتنا في أوكرانيا.

تاجر للحمير اصبح رجل الدولة في بلد أنجب (بابكر بدري،  النذير دفع الله، أحمد ابراهيم دريج، جون قرنق دي مبيور التيجاني الماحي، منعم منصور، فرنسيس دينق، يوسف كوة ،هاشم بامكار ، فاطمة احمد ابراهيم وآخرين).

بالترغيب والترهيب معاً وضع يده على جميع ثروات البلاد المعدنية ليسلمها الي زعيم عصابة بلقب رئيس دولة تتمتع بعضوية دائمة بمجلس أمن الأمم والشعوب ليستخدمها في غزو بلد مستقل وذي سيادة ، يستقطع أراضيه ويحرق أهله في القرن الحادي والعشرين.

نقول لإخوتنا في أوكرانيا لا نحن ولا للحمار يد في مأساتكم .

الأيام وحدها ستحكي لكم عن إستحمارِ حدث لمن دخل بلادنا على ظهر حمار .. وفرض نفسه على الأخيار !! .

 

 

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. ههههه.. يا برقو ربما أنت صغير السن لكني من الرعيل الذي خدم في السودان قبل الإنقاذ وهاجر إلى الخليج.. اضحكتني عبارتك عن الفساد قبل الإنقاذ وكيف انه كان محرما.. أؤكد لك أن الفساد لم يتوقف يوما منذ ثورة 24اكتوبر وحتى الآن عليه ارجو ان تصحح معلوماتك ولا تخدعوا الجيل الجديد بطهارتكم وعفة يدكم وترموا بها الآخرين..لا يمكن أن نهزم الفساد الا بالتحول الديموقراطي وما يتبعه من شفافية ورقابة ونزاهة.

    1. أخي Mohd
      تحية طيبة
      أكل المال العام حرام في كل أديان السماء و بذلك محرم في السودان قبل و بعد الإنقاذ.

      لكن ما اردت قوله ؛ انه كان يعتبر عيباً اجتماعياً بجانب انه محرم.
      قبل الإنقاذ ؛ تجد من يتكاسل عن اداء الصلاة لكن لا يقترب من المال العام.

      بالتأكيد هنالك من أهل الإنقاذ من لم يلوث يديه بالمال الحرام و هم ليسوا بالقلة .
      في الجانب الآخر هناك من كان يسرق من اموال الدولة قبل و بعد الإنقاذ.

      لكن كنت أعني ان البيئة العامة في عهد الإنقاذ كانت مشجعة .

      تحياتي و احترامي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..