مقالات وآراء

سكان محلية المناقل والبحث عن مكانٍ يابس

عماد خليفة
كاليفورنيا
الرحمة والمغفرة لشهداء فيضانات وأمطار هذا العام في ولايات نهر النيل، جنوب دارفور، كسلا، شرق دارفور ومحلية المناقل بولاية الجزيرة المنكوبة وصادق التعازي لأسرهم المكلومة.
أمطار وفيضانات هذا العام أبانت بجلاء أن حكومة الأمر الواقع لا يأتي الإنسان (حياته، صحته، أمنه وممتلكاته) ضمن دائرة إهتماماتها مطلقا، إذ أن كل مايهمها جباية الضرائب والاتاوات من جيبه المْنهك. ذكر وزير المالية د. جبريل إبراهيم في لقاء له على قناة سودانية 24 أن مرتب الموظف لا يكفيه لثلاثة أيام وأنهم يعملون على توسيع المظلة الضريبية لدعم الخزينة العامة بالبلاد. السيد الدكتور جبريل أصبح يعمل في وزارة المالية ويفرض ويقرر ماشاء له من القرارات دون رقيب أو حسيب في ظل هذه الفوضى وحالة اللادولة التي يعيشها السودان لأول مرة في تاريخه الحديث.
ما حدث بمحلية المناقل غرب الجزيرة وبولايات أخرى هذا العام من موت ودمار للمنازل والممتلكات والانعام والأراضي الزراعية لاينفك من حالة الفوضى التي تعيشها البلاد بصورة عامة ولغياب الرؤى والاستراتيجيات والخطط لتدارك مثل هذه الكوارث وكيفية التعامل معها حال وقوعها.
تؤكد كل تحليلات الخبراء من الزراعيين والمهندسين أن هذه الكارثة قد نتجت لخطأ كبير من العاملين بالري عندما قاموا بفتح قناتي الري الرئيسية لمشروع الجزيرة وامتداد المناقل، تتجه الأولى شمالا لتروي الأراضي جنوب، وسط وشمال المشروع، وتميل الثانية غربا ثم تتجه شمالا لري أراضي غرب المشروع في إمتداد المناقل.
تم ضخ كميات كبيرة في هذه القنوات فاقت طاقتها الاستيعابية مما أدى إلى تدفقها باندفاعات عالية شكلت سيول جارفة غمرت أكثر من ثمانين قرية وحياً في محلية المناقل، مْسحت بعضها بالكامل من خارطة المحلية، دْمرت قرابة الثمانية آلاف منزلا وعدد من المدارس والمرافق الصحية، وطمرت السيول ما يقارب الخمسة آلاف من الأفدنة المزروعة بالذرة الرفيعة والخضروات وبعض المحاصيل الأخرى، كما أصبح مايزيد عن العشرين ألف مواطن في العراء يبحثون منذ أربعة أيام عن موطئ قدم في منطقة يابسة ليقفوا عليها.
تضررت كذلك جراء هذه السيول مناطق أخرى في غرب الجزيرة ومحلية جنوب الجزيرة.
تمتد تداعيات هذه الكارثة الإنسانية الغير مسبوقة في المنطقة بخروج آلاف الأسر المنتجة خارج  دائرة الإنتاج لهذا الموسم وربما الموسم القادم، كما أفقدتهم منازلهم وقضت بالكامل على كل ما يملكون من مواشي وأنعام وغيرها من مصادر الدخل الأخرى المعينة. ويتوقع خبراء الصحة وقوع كارثة بيئية وصحية قادمة خلال الأسبوعين القادمين نتيجة إختلاط مياه الأمطار بدورات المياه، كما ستكون المياه المتراكمة مكانا صالحا لتوالد البعوض والحشرات الناقلة للأمراض. هذا الأمر يحتاج إلى تحركات عاجلة لتداركه والتخفيف من آثاره القاتلة.
بدأت حكومة الامر الواقع في التحرك وزيارة المنطقة بعد أربعة أيام من حدوث الكارثة وكعادة قائد الانقلاب البرهان في كل لقاءاته أبدى أسفه واعترف بالتقصير وبفشله كرئيس وقائد لاضاعة ثلاثة سنوات من عمر الشعب السوداني في (اللاشئ). لا يمكن لفاشل أن يحل أو يساعد أو يخطط لحل أي مشكلة مهما صغرت، الفاشل غير مؤهل لتولى أي منصب قيادي حتى على مستوى الحي أو القرية، ولا يمكن لفاشل أن يأتي بقيادات محترمة وناجحة لتعمل معه بالتالي كل الوزراء والولاة وكبار المسؤولين في الدولة الذين قام بتعيينهم وإعادتهم للخدمة المدنية فاشلون (فالطيور على أشكالها تقع) القائد الكبير، الشجاع والمخلص يْفدي شعبه بروحه ويستقيل حال العجز والفشل المتكرر.
ما قاله السيد وزير الري والموارد المائية المكلف في حكومة (أبتكو) والذي سحبته وكالة الأنباء (سونا) بعد ساعات قليلة من نشره يحدد مسئوليته المباشرة وفشله في أداء مهمته، فهل سيقيله الفاشل البرهان ويستقيل بعده؟ إذ أوردت سونا “اعترف وزير الري والموارد المائية المكلف المهندس ضو البيت عبدالرحمن بأن الوزارة تسببت في الفيضانات والسيول بالمناقل بفتحها قنوات وممرات مائية بالخطأ ما نجم عنه تدفق المياه من النيل الأزرق والخيران الرافدة ونفى تصفية وزارة الموارد مياه النيل الأزرق في المناقل كما يتداول البعض، مشيرا إلى أن حجم الأمطار هذا العام مرتفع بنسبة 53 ملم والسيول أعلى 24 مرة من سيول وفيضانات العام 1985م” إنتهى.
بناءً على إفادة وزير الري الفاشل أوضحت الهيئة العامة للدفاع عن الجزيرة في بيانها الصادر يوم السبت الموافق 20 أغسطس أنهم بصدد مقاضاة وزير الري والموارد المائية لإهماله المتعمد الذي تسبب في هذه الكارثة، كذلك طالب كيان الجزيرة في بيان منشور على منصات التواصل الاجتماعي الحكومة الاتحادية بسرعة التحقيق وكشف الحقائق للرأي العام ومحاسبة المتسببين في حادثة إغراق محلية المناقل وتعويض المتضررين.
كما أن بعض أبناء الجزيرة بالولايات المتحدة الأمريكية يعملون على تجميع أراء الخبراء وتصريحات المسؤولين بوزارة الري وإفادات الأهالي، ويعملون كذلك على حصر الأضرار التي نجمت عن هذا الإهمال لفتح بلاغ ضد حكومة السودان ممثلة في وزارة الري والموارد المائية في المحاكم الأمريكية حال فشل المحاكم السودانية في تعويض ضحايا هذه الكارثة تعويضا مجزيا.
هذه الضغوط التي قام ويقوم بها أبناء الجزيرة بالداخل والخارج وما قام به أبناء نهر النيل من إعتصامات قبل كارثة الفيضانات مطلوبة لاسيما في ظل هذه الفوضى التي ضربت البلاد بعد إنقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، الذي أتى بوزراء يفتقرون للوازع الأخلاقي والمؤهل العلمي والعملي الذي يؤهلهم لتسيير وأداء ما كلفوا من أجله. هذا لا يعفي قادة الانقلاب من المسؤولية كفاعلين أساسيين في كل هذه الكوارث والقتل والتشطي الاجتماعي وحالة السيولة الأمنية والفوضى التي تعيشها البلاد، لذا وجب على جميع القوى السياسية والمدنية التوحد لإسقاط هذا الانقلاب الذي لاهم لعصبته سوى نهب ثروات وخيرات هذا الشعب الطيب.

تعليق واحد

  1. توجيه كامل مياه النيل الازرق نحو ترعة المناقل لم يكن مجرد خطأ فني او بشري بل كان مقصودآ ومخططآ له ولاهداف معروفة
    وسبق ان طالب زعماء حركات التمرد بتمليك حواشات المشروع لسكان الكنابي من مواطني الولايات الغربية ولم ينجح مشروعهم لتمسك المزارعين بارضهم وعليه تم اللجوء للخطة ( ب ) ابادة بعض القري لتخويف بقية سكان الجزيرة بان مصيرهم سيكون
    أسوأ ان لم يستسلموا .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..