مقالات وآراء سياسية
د. أحمد عثمان عمر المحامي26 أغسطس، 2022
معركة تاسيس النقابات الفئوية ، ضرورية لإنجاز الإضراب السياسي العام !!


د. أحمد عثمان عمر
مليونية الخامس والعشرين من اغسطس ٢٠٢٢م ، أتت في ظل الوضع المأساوي الناتج عن الدمار الذي سببته السيول ، في إطار تقصير واضح يصل حد التآمر على المواطن من قبل العصابة الحاكمة. واكبها توسع في عملية القمع ، باستخدام الاغتيال للناشطين خارج نطاق التظاهر وحراك الشوارع ، في مناطق من المفترض ان تكون آمنة للعمل العام الخيري ، كما حدث في مدينة مدني. وهذا تحول يجب الوقوف عنده طويلاً وعدم التساهل في التعامل معه.
كذلك واكبها الطعن الذي تقدم به عدد من صحفيي النظام السابق وقبله مسجل النقابات واعلن عدم مشروعية تكوين نقابة للصحفيين وبطلان جميع الإجراءات المتخذة في هذا الصدد ، في توجه واضح للسلطة الانقلابية واعوانها لاعاقة تكوين النقابات الديمقراطية ، التي تعتبر الاداة الحاسمة في الإضراب السياسي العام لاسقاط النسخة الأخيرة من الإنقاذ ، وهو أمر متوقع.
المعركة الآن معركة سياسية ضد قانون النقابات السنة ٢٠١٠م وبالمخالفة له. والمطلوب هو تاسيس النقابات على اساس فئوي، بالمخالفة لقانون المنشاة وفرضها كأمر واقع، بالرغم من مخالفتها لقانون ٢٠١٠م، الذي ليس هنالك ما يؤكد إلغاءه ، وإسناد ذلك الى الاتفاقيات الدولية، لتاكيد ان القانون مخالف للمعايير الدولية ، وخوض معركة من اجل إلغائه وسن قانون نقابات ديمقراطي.
في هذا السياق ، يجب توضيح أن القانون ساري المفعول يخالف الوثيقة الدستورية المعيبة نفسها، لأنه مقيد للحريات النقابية المكفولة وفقا للاتفاقية الدولية رقم ٨٧ ، والوثيقة نصت على الحرية في تكوين النقابات في المادة (٥٨) ، وعلى إلغاء القوانين المقيدة للحريات في المادة (٨-٢) منها. كذلك لا بد من توضيح الموقف من سلطات المسجل ودوره في تاسيس النقابات لأنه مخالف للمعايير الدولية، بإعتبار أنه يجعل من التسجيل عملية تاسيسية لا مجرد إجراء كاشف عن التاسيس ، ويسلب القواعد النقابية حقها في تكوين نقاباتها بحرية، وهذا يخالف الوثيقة الدستورية المعيبة نفسها أيضاً.
لذلك يجب عدم تكوين النقابات وفقا لقانون نقابة المنشأة المخالف للمعايير الدولية وللوثيقة الدستورية المعيبة، وتكوينها على أساس فئوي خارج نطاق القانون وبالمخالفة له. وإدارة معركة ضد القانون لالغائه ، وعدم الاعتراف بسلطات المسجل وقراراته في الممارسة النقابية.
وفي حال الرغبة في مناهضة قراراته امام المحاكم ، لا يمكن تاسيس المناهضة على القانون غير الديمقراطي حتماً ، بل يجب تاسيسها على عدم مشروعية القانون ولا دستوريته ، والاستعانة بالاتفاقيات الدولية في هذا الصدد. وهذا الاتجاه حتماً ستواجهه مشكلة عدم اختصاص المحاكم العادية والإدارية بالفصل في دستورية القانون لاختصاص المحكمة الدستورية وحدها بذلك، مما يتيح الفرصة للمطالبة بمنح المحاكم سلطة الامتناع عن تطبيق القانون غير الدستوري من وجهة نظرها دون الحق في اعلان عدم دستوريته ، اسوة ببعض النظم القانونية الأخرى. أيضا يوفر هذا الاتجاه الفرصة لتوسيع دائرة الحديث عن خطورة تغييب القضاء الدستوري ، واهمية اعادته كدائرة في المحكمة العليا كما كان في السابق.
ما تقدم يؤكد ان المعركة السياسية الراهنة لا تحتمل التاجيل ، وان تاجيلها كان ضار جدا بتطور الفعل الثوري، وهي معركة يجب أن تنصرف لتاسيس نقابات ديمقراطية مخالفة لقانون نقابة المنشأة، مبنية على الفئة بالمخالفة للقانون ساري المفعول ، في ظل إدارة صراع واسع لإلغاء القانون بوصفه مخالف للمعايير الدولية وللدستور ساري المفعول ، مع العمل على تمكين المحاكم من الوقوف في وجه القانون غير الدستوري ، والهجوم من اجل استعادة الوضع الطبيعي للقضاء الدستوري.
وقوموا الى ثورتكم يرحمكم الله!! .
