مقالات وآراء

شارع مدني (3) قصص أيام السودان السوداء في ظل بني كوز

د. طارق الشيخ

قصص أيام السودان السوداء في ظل بني كوز

عم موسى مرة ثانية

يوم اول ابريل 1990 يوم سفري من السودان الى بلغاريا إذ أبلغت من الجامعة بضرورة حضوري إذ تمت الموافقة على طلبي بالتحضير لنيل شهادة الدكتوراة من جامعة صوفيا . اليوم لم يكن مخططا له أبدا وإن بدا أمر السفر كذبة . كان علي أن ابحث عن فدائي ليوصلني الى المطار في فترة حظر التجول التي تنتهي منتصف الليل . تركت الأمر للشباب في حوش المأذون . أخبرني بدرالدين أبن خالتي ووالده خليل عبدالله الحاج الروائي المعروف . أبلغني بدرالدين عصرا بأنهم قد رتبوا تاكسي صاحبه صديقهم من أبناء الحي . استبشرت خيرا .

في الموعد المحدد عند العاشرة والنصف ليلا حضر التاكسي . صاحبه شاب من أبناء الحي اعرفه شكلا . يتقدم بدرالديين نحوي ويهمس بانه محمد أبن المرحوم عمك موسى . قلت عم موسى صاحب التاكسي الذي قتلوه قال نعم هو نفسه . تصافحنا وحييته وودعاء الرحمة والمغفرة للوالد .

وبدات رحلتنا الى المطار وشرحت له ماهو مطلوب منه بعد وصولي للمطار فهناك اتفاق إذا ماجرى شئ خلاف ما أتوقع وكانت لدي هواجس برغم أن الجواز أصدره الخال ماضي بكل خبرته ودهائه كضابط مباحث وضابط سابق بأمن المطار . قلت لمحمد سوف يتحتم عليك بعد ان توصلني الانتظار لفترة محددة من الوقت إن رفضوا سفري فينتظرني مشوار آخر في نفس الليلة ، وأن تأخرت فعليك أن تنصرف في كل الأحوال . كانت عادة الأمن الكيزاني في تلك الأيام إعادة من هم مطلوبون الى منازلهم ومن ثم اللحاق بهم واعتقالهم من المنازل .

ولسبب ما كان يفضلون هذه الطريقة وفق ما أخبرني صديق من معارف ماضي . دخلت المطار وكنت على ثقة بأن الأمن قد اعتقل كل الطوارق ( تشابه أسماء ) .

داخل المطار التقيت موظف بالجمارك ابتسم عرفني ولم أعرفه . تقدم نحوي وسألني ذات السؤال المحرج هل عرفتني أجبته على الفور بالتأكيد .

ولم يحوجني الى سؤاله كما لم يدخلني في متاهة الرد على سؤالي بسؤال وقال أكيد ماهي شلة لاتنسى في حضرة الكابتن سنطة بالنادي الأهلى . على الفور أدركت أنه من شباب النادي الأهلي بمدني وكنا نتجمع في ركن هادئ الا من ضحكات سنطة وصوته الجهوري وحكاياته التي لاتنتهي عن أيام مضت وخاصة رحلة الصين لمنتخب الجزيرة ومباراتهم امام منتخب شنغهاي بقيادة المدرب سيد سليم .

يحكي سنطة كيف كانت تلك المباراة الملعب المبتل والمطر الهاطل وتسيدهم للمباراة بفريق يضم أفضل نجوم الكرة في ود مدني من سمير صالح الى بابكر سانتو والأسيد الى حموري الكبير الى عبدالصمد وغيرهم . يتذكر سنطة كان حموري مغتاظ للغاية إذ أنه بذل مجهود خرافي وكله إصرار بأن يهدف بقوة رافض توجيهات الكوتش سيد بأن يضع الكرة في المرمى بسهولة في المكان الذي يريده . وحموري مصر على أن يهدف بقوة . حتى جاءت اللحظة وسدد قذيفة قوية وتوجه بعد الهدف نحو سيد وهو يصرخ فرحا ( قديته ياكوتش قديته ) ما يعني أحرزت الهدف وبالقوة . تلك حكاوي ركن سنطة الذي يؤمه محبي حكايات زمان الكرة الذهبي في مدني والحكواتي الوحيد الدائم فيه سنطة .
ماعلينا افترقنا بوداع حار مع محمد أبن عم موسى . وسارت أموري بسلاسة وظللت في حديث متصل مع الشاب من جمارك المطار الذي صحبني حتى لحظة ركوب الباص الى الطائرة . وطوال والوقت كنت اجهد نفسي في تذكر اسمه وفشلت تماما لكني اتذكر لطفه ووقوفه الى جانبي حتى اللحظة الأخيرة . ولم يخطر على بالي قط أني سوف التقي أيا من أبناء عم موسى .

لكن هذا قد حصل بالفعل في واحدة من مفارقات الحياة وفي دمشق وبعد سنوات طويلة . وهذا ما سأحكيه في الحلقة القادمة .

‫4 تعليقات

  1. بس داير تورينا انك عملت دكتوراة في بلغاريا والا شتو يعني اللي قلته دا

    1. يا د .هذه قصص عدت مضت زمان ورينا جديدك وفهمك وشهادتك السودان استفاد من (د) في شنو ،،، خلينا من الروايات اليسار نصها مويه ووالله لن يستفيد البلد منكم ابدا ،،،،

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..