مقالات وآراء

شارع مدني (5) قصص أيام السودان السوداء في ظل بني كوز 

د. طارق الشيخ

 

فندق السودانيين ومغامرة محمد .
في كل صباح يتكرر نفس المشهد بالفندق الدمشقي . شباب سودانيين يتحلقون صباحا لشرب الشاي بالحليب . يلفت نظري همة وحماسة  الشاب السوداني الذي يدير المقهى ويعمل على خدمة الشباب من رواد المقهى . وهو نفسه من يقوم بالتحضير للغداء وقوامه أطعمة سودانية خاصة التقلية والكسرة . يعاونه أحدهم فيقومان مبكرا لشراء لوازم وجبات اليوم من لحوم وخضرة الخ .. من مستلزمات . إضافة الى شابين يساعدان في الكسرة والطبخ  . وبالنسبة لرواد المطعم صباحا وظهرا فكل شئ يتم وفق قاعدة أخدم نفسك بدءا من أخذ الطعام الى النظافة والاهتمام بها . الجميع في إنسجام سوداني حقيقي لاتسمع سوى حكايا صباحية قوامها ذكريات الأيام الجميلة في السودان تصحبها ضحكات هنا وهناك . غريب أمره ذلك الفندق إذ لم ألبث أن دخلت في الجو العام لساكني الفندق . حكى لي أبن عم موسى أن معظمهم يعتبرونه محطة يسافرون منها الى مختلف أرجاء المعمورة . وحتى موظفي الاستقبال فيتم تبادلها بسلاسة عجيبة مجموعات تخلف الأخرى وتتولى كل تفاصيل العمل بالفندق من استقبال النزلاء وتوزيعهم ونظافة الفندق وكل التفاصيل المتعلقة بالعمل . علاقتهم بالشرطة السورية تتم بمنتهى اللطف يزورهم من حين لآخر ضباط شرطة يستفسرون عن أية احتياجات او شكوى من مضايقات . آخر الاسبوع يحضر صاحب الفندق لييتابع العمل وتكملة النواقص وجردة الحساب . يطمئن على العمل بالفندق ثم ويجلس يسامر ويسأل ثم يودعهم . في مرات قليلة يضطر الى الحضور وسط الأسبوع الا إذا كان قد مر بقرب من الفندق فيمر للتحية والإطمئنان على سير العمل . وقلما يضطرون الى دعوته بشكل عاجل او طارئ . وهو مطمئن تماما لنزاهة العمل وسيره على أحسن حال .  قال أبن عم موسى أنهم يقضون ايامهم سكنهم وأكلهم وشربهم على الفندق مقابل إدارته بالشكل المطلوب وبالأمانة المرجوة  . لم يعرفوا في يوم ان جاء اليهم صاحب الفندق شاكيا من شئ .
يقول أبن عم موسى عن السودانيين بالفندق أنه يعيشون كأخوة حقيقيين . يهتمون بأمر بعضهم البعض . بعضهم ينتظر حوالات مالية لكي يشتري تذكرة للسفر في بلاد الله ، وآخر ينتظر بقية اصدقائه للقدوم من السودان لدخول اوروبا . أما محمد الصغير هكذا يسمونه فقصته مختلفة . حكى لي أبن عم موسى يقول لقد أحضرته أمه من السودان وأخبرتهم جميعا من كانوا بالفندق ذلك اليوم أنها أحضرته الى دمشق هربا من غول الاختطاف الى حرب الجنوب . وقالت أنها ستتركه بينهم  أمانة في أعناقهم . لديه شقيقه في لبنان يعمل    بمنطقة قريبة من بيروت سوف يأتي لاصطحابه .  محمد ضئيل الحجم لم يكمل حتى الثانوية لكن أمه أصرت عليه أن يقطع الدراسة وينجو بنفسه من (كشات الدفار التي ينظمها الكيزان من امام التجمعات وخاصة دور الرياضة) . تقول والدته أنها لم تعرف طعم النوم فكلما خرج محمد من البيت الى المدرسة تتابعه بنظراتها ويظل همها الكبير وتفكيرها مشغولا به حتى يعود الى البيت . تخاف ان يمسه سوء في الطريق الى المدرسة . ووصل الأمر الى حد أنها لم تعد تحتمل .

 

[email protected]

‫8 تعليقات

  1. زمن الكيزان رضوان الله عليهم افضل من زمن العملاء لعنة الله عليهم وشكرا للبرهان الذى انقذ السودان بثورته التصيحيه

  2. ثلاث تعليقات بنفس واحد و في وقت واحد و بثلاثة أسماء مختلفة كلها لمعلق واحد مؤيد للكيزان ، في تعبير صادق عن مكرهم وخبثهم.

  3. يا ام محمد الصغير
    اتظنين ان الحذر يمنع القدر
    ؟
    وهل الموت في الجنوب بس ؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..