أخبار مختارة

رجل الأعمال الدكتور محمد فتحي إبراهيم(مو) للراكوبة:أُشجع محاكمة كل القيادات الأفريقية ممن يرتكبون الجرائم

حكومة البشير إعتقلت النشطاء الذين كانوا يستعدون لحضور المؤتمر الذي خصصنا لدارفور

الدكتور محمد فتحي ابراهيم رجل الاعمال الشهير وصاحب مؤسسة (مو) الخيرية كان قد أدلى بتصريح لشبكة البي بي سي حول إمكانية عدم محاسبة الرئيس السوداني عمر البشير حال حدوث تسوية سياسية تسمح للبشير بالخروج من السودان ،الامر الذي أثار موجة غضب في أوساط بعض المعارضين خاصة الدارفوريين.

الراكوبة قامت بمواجهة الرجل بعدد من الاسئلة المتعلقة بهذا الأمر ونقاط أخرى تتعلق بنشاط منظمته والأعمال الخيرية التي تقوم بها ولماذا لاتتم هذه الاعمال في السودان وماهو موقفه من ذلك ، وماهي معايير الجائزة التي تقدم سنوياً لرؤساء الدول الذين لم ينتهكوا حقوق الانسان أو يفسدوا في بلادهم ..الخ.. من أسئلة قام بالاجابة عليها بأريحية كاملة فله شكراً يستحقه.

حوار: عبدالوهاب همت

ذكرت في حوار لك مع محطة البي بي سي يُفهم منه انه في حال حدوث تسوية سياسية يمكن للبشير أن يغادر دون محاسبة وقد أثاره هذا الكلام جدلا كبيرا خاصة في أوساط الدار فوريين باعتبار أنهم اكثر الناس الذين تضرروا من الانتهاكات والجرائم التي حدثت في حق أهاليهم من إغتصابات وتقتيل ونزوح ولجؤ إلى آخر كل أنواع المعاناة ،هل كنت تريد أن تقول للبشيرإذهب أوغادر رغم كلما إرتكبه من فظائع أو ماهي رسالتك بالضبط؟

لا أبدا أنا اشجع أن تتم المحاسبة والمحاكمة لكل القيادات الإفريقية التي ارتكبت وترتكب جرائم ضد شعوبها وأنا بالعكس انتقدت الإتحاد الأفريقي لمواقفه من المحكمة الجنائية الدولية

وقد انشأ الاتحاد الافريقي محكمة تنظر لقضايا الإبادة وأول بنود هذه المحكمة أن أنها ليست لها صلاحية لتحاكم الرؤساء والوزراء فقلت لهم هذا أمر غريب ، إذا أردتم أن تحاكموا الموظفين العاديين أو العمال أو صائدو الاسماك فالمحاكم العادية موجودة في كل الدول ولديها قوانينها ،وأنا لدي موقف واضح جدا من المحكمة الجنائية الدولية في قضية دارفور حيث طالبت بتقديم كل المجرمين القتلة في السودان وغير السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية لتتم محاكمتهم هناك ، وهذا موقف مبدئي وأخلاقي في المقام الأول والأخير وفيما يتعلق بقضية دارفور.

أننا في منظمتنا وفي العام2007 قمنا بمبادرة بخصوص دارفور ، وكان أن إتصل بنا بعض الإخوة من توجهات سياسية مختلفة وكذلك من قوى المجتمع المدني الدارفوري طالبين مساعدتهم في حل قضية دارفور، وكان إجابتنا إلى أن الطريق الى مساعدتكم يبدأ من توحيد صفوفكم كأبناء منطقة واحدة حينها كانت هناك حوالي 17 حركة مسلحة . وقد جاء سؤالنا لماذا المسلحون هم الذين يجلسون في طاولات التفاوض أين بقية الشعب أين جماهيرالنساء وهن من يتعرضن لقسوة الإغتصابات والإنتهاكات وصعوبات الحياة الأخرى من تربية ومتابعة ومحاولة توفير الأكل وحماية الاطفال وقطع السيول والفيافي لحظات الهجوم المسلح ..الخ..
‏السؤال المهم هو من يمثل الشعب الدارفوري ؟قلنا لهم هذا التشرذم لا معنى له ولن يفيد أحد بل سيضعضع القضية ،ونحن أولاً نريد مشاركة حقيقية للمجتمع المدني بشكل مباشر وظللنا نعمل لمدة عامين وبشكل كبير جداً وحاولنا أن ننظم مؤتمراً لقوى المجتمع المدني الدارفوري ممثلاً لكافة الاتجاهات ومن كل بطون وأفخاذ القبائل والنساء وأصرينا أن تقوم كل قرية باختيار من يمثلها وعملنا مع قيادات من المجتمع هناك وانتهى بنا الامر لاختيار 500 شخصاً يمثلونهم في المؤتمر وبالتالي هم لوحدهم يقررون ماذا يريدون بالضبط وبالتالي يستطيع المجتمع الدولي أن يتعامل معهم في صوت واحد .وبالتالي من يمثل دارفور؟ وهذه مشكلة كبيرة، سافرت الى أديس أباباوقابلت الرئيس مليس وجلست معه لفترة طويلة لكي يسمح لنا بأن يحضر ممثلي دارفور لعقد مؤتمرهم في أديس أبابا بدون تأشيرات الدخول وهو وافق على ذلك وأصبحت أمامنا مسألة كيف يمكن أن نفعل ذلك سافرت إلى مقرالأمم المتحدة وتحدثت إلى يانكي مون وقتها كان الأمين العام للامم المتحدة فرحب جداً بالفكرة وطلبت منه أن يساعدنا بتجهز طائرتين عاديتين وثلاث طائرات هليكوبتر لترحيل الناس المشاركين من السودان إلى أثيوبيا وتم تجهيز ناس لعمل الصور وتجهيز الوثائق حتى يتمكنوا بموجبها من ركوب الطائرات المتجهة إلى أديس أبابا ، وبالتالي يكونوا معروفين بالنسبة للسلطات الأثيوبية .
قابلت كذلك مبعوث الاتحاد الأفريقي وقال لي هذه هي الطريقة الوحيدة و التي بموجبها يمكن أن تحل المشكلة. المبعوث الأمريكي الجنرال غريشن قال هذا عمل رائع وأعلن ترحيبة بالموضوع .
كذلك ذهبت وقابلت رئيس الاتحاد الأوروبي ووافق وأعلن أنهم سيدعمون هذا الامر .وتكلمت مع رئيس وزراء بريطانيا وكذلك إلتقيت بعدد من المسئولين الالمان وظللنا في حالة ركض مستمر لمدة سنتين لنجد الدعم الدعم الدولي من أي واحد اتصلنا كذلك بالحكومة السودانية وقلنا لهم هذا العمل ليس ضدكم وإنما لخدمة قضيتكم . وأن زعيم أي حزب سياسي بمن فيهم رئيس الحزب الحاكم مرجب به ولهم حق مخاطبة الجلسة الافتتاحية للمؤتمر لمدة 10 دقائق لكل منهم .
كذلك جهزنا مترجمين وحجزنا 500 غرفة في الفنادق في أثيوبيا لايواء المشاركين ، ورتبنا المواصلات والاعاشة.

قبل أسبوعين من الموعد المحدد إتصلت بنا الحكومة السودانية ، والبشير قال بأنه سيكلف نافع علي نافع ليكون مشرفاً على هذا الملف ، وظللت في حالة إتصال مع نافع علي نافع لمدة يومين وأرسلنا لهم مناديبنا ، وعندما سألونا عن كيفية إختيارنا للمشاركين قلنا لهم نحن لم نختار أحد أهالي دارفور هم من اختار فقط استبعدنا كل المسلحين الجيش والبوليس والامن والحركات المسلحة لان هذا مؤتمر للمجتمع المدني بكل اطيافة ، لكن مانوده هو أن ناس دارفور لابد أن يكون لهم صوت ونحن والعالم نريد أن يُسمع هذا الصوت لكلام من أفواه القادمين من أرض الواقع ويلامسون المشاكل على مدار الساعة ..

وقبل 4 أيام من التاريخ المحدد لإنعقاد المؤتمر قامت الاجهزة الأمنية بإعتقال النشطاء الذين كانوا يعملون في هذا المشروع وسحبوا منهم جوازات سفرهم حتى لايمكنهم المشاركة في هذا المؤتمر وبالتالي قطعوا الطريق تماماً أمام إنعقاد المؤتمر ، وبالتالي فإن كل ماقمنا به ذهب إدراج الريح. حدث ذلك في يوم 8 مايو2009 ، وقررنا مباشرةً عقد مؤتمر صحفي في نفس اليوم الذي كان من المفترض أن تبدأ فيه جلسات المؤتمر.

وأرسلنا إلى الأمين العام للأمم المتحدة وأبلغناه بما حدث رغم أن طائراتهم كان على أهبة الاستعداد والفنادق كانت محجوزة وحتى البصات التي كان من المفترض أن تقل الناس في تحركاتهم كان قد تم حجزها.وكل التكاليف المتعلقة بالمؤتمر دفعت مقدماً،وقد أنفقنا حوالي 3 مليون دولار في هذا الموضوع.

سؤال .. هل كنتم قد وجهتم الدعوات لقيادات الحركات الدارفورية الثلاثة الرئيسية؟

‏ لا نحن لم نكن نرغب في وجود الحكومة ولا الحركات المسلحة ، نحن كان هدفنا مشاركة القادمين من أرض الواقع من المجتمع المدني لكي يجلسوا ويتفاكروا حول القضية وكيفية حلها . والحركات المسلحة أيدوا مقترحنا ، أما الحكومة فقد اعترضت فقالت لانهم يريدون ادارة والتحكم في المؤتمر وقلنا لهم كيف تريدون التحكم في الموضوع وأنتم طرف في المشكلة موقفنا من قضية دارفور واضح لالبس فيه ولا غموض والعمل الذي قمنا به لمدة عامين كمساهمة في حل قضية دارفور وملايين الدولارات التي انفقناها والاتصالات التي تمت تشكل اكبر جهد لاي منظمة حاولت معالجة الوضع في دارفور.

ماذا كنتم قد إقترحتكم في كيفية التمثيل للمرأة مثلاً ؟
‏كُنا قد حددنا بضرورة أن تشارك المرأة بنسبة 30 % .
إذاً كيف يمكن أن تسمي ماحدث من جانب الحكومة ؟
مايجري في السودان إن هذه الطغمة تتحكم في مصائر البلاد منذ 30 عاماً والجيش مسيس وكذلك القوات الامنية المختلفة والدعم السريع وهذه كلها مسلحة وتحت أياديها أموالاً طائلة.

في الاتجاه المقابل هناك الشعب الاعزل ، واليوم هناك مواجهات بين شعب أعزل وقوات شرسة فتاكة . السؤال الذي ينطرح ما الذي سيحدث إذاً ؟
تم توجيه هذا السؤال بالنسبة لي من البي بي سي وغيرها، وأنا أرى أن الاحتمال الاول أن يتشبث البشير ومن هم حواليه بالسلطة حتى آخر لحظة ، لان سقوطهم يعني الانهيار الكامل لهم ، بعد أن تحكموا في مصائر الناس 30 عاماً سرقوا المال العام وأفسدوا وإستغلوا نفوذهم بشكل كامل ، بل وإحتقروا كل القيم الانسانية والديمقراطية في المجتمع ، شخص أو أشخاص توافرت لهم كل مباهج الحياة بلاشك سيقاتلون بشراسة وحتى الرمق الاخير . ونحن كشعب سوداني لانمتلك السلاح كيما ننازلهم به ، ، وبالتالي في كفة الميزان قوتان واحدة عزلاء والاخرى مدججة بالسلاح والنتيجة إما مجزرة دموية او دارفور اخرى.
الاحتمال الثاني وهو أن تقوم مجموعة من داخل المنظومة الحاكمة وتعمل للتخلص من البشير نفسه ليستمروا في الحكم وهذا وارد ، وفي هذه الحالة فالبشير ليس بالشخص السهل الغبي، لانه خلق تنظيمات عسكرية موازية يعرف كيف ومتى يستخدمها ، في حالة شعوره بأنه ربما يكون هناك إنقلاباً عليه والنتيجة معركة دموية بين الاجنحة المختلفة للنظام .

نعود إلى الوراء بالنسبة لحديثك عبر البي بي سي إذا وضعنا إحتمالاً آخراً إذا ماتم طرح موضوع أن يقوم البشير بحمل مايريد ويتخارج مع ناسه من السودان هل هذا ماتقترحه ؟

اذا وافق البشير ومجموعته على الذهاب بسلام ودونما اراقة دماء وتسليم الحكم للشعب ممثلا في تنظيمات المختلفة فهذا ثمن يمكن دفعه لحقن الدماء ولفتح صفحة جديدة في مستقبل السودان ونحن لانريد دارفور اخرى وعلينا أن نسرع الخطى لننظر في مشاكل السودان بطريقة جدية .موضوع المحكمة الجنائية الدولية فهذا امر في يد مجلس الامن والذي يمكنه تعليق المطالبة بتسليم البشير لمدة سنة قابلة للتجديد اذا التزم البشير بالتعاون وحسن السير والسلوك.وهذا هو الموقف القانوني وفقاً لدستور واعراف المحكمة.

الجزء الثاني في الحلقة القادمة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..