سودانيون في أمريكا (50): التلاعب بالقرآن

واشنطن: محمد علي صالح
من قروب “يوكانا” (خريجي جامعة الخرطوم في أمريكا)
الجمعة الجامعة، والكلمة السامعة، والرحمة الواسعة.
اللهم ارحم والطف بالأخ شهاب طه، عضو هذا القورب، لأنه تلاعب بالقرآن الكريم ليناسب رايه.
في الاسبوع الماضي، كتب في هذا القروب عن آيات “ومن لم يحكم بما انزل الله.” وكتب ان المقصود منها المسيحيين واليهود. وليس المسلمين.
كتب: “تلك الآيات نزلت في التوراة، لليهود، وفي الإنجيل، للمسيحين، وليست للمسلمين.”
لكنه كتب آيات المسيحيين واليهود، وحذف آيات المسلمين التي تليها مباشرة.
في هذا البلد العظيم الحر، يقدر الناس على قول ما يريدون. شيوعيون، ملحدون، نازيون، فاشيون، فوضويون.
بل يقدرون على التظاهر ضد النظام السياسي الأميركي. ولم يحدث، مؤخرا، ان قدم شخص الى محاكمة بتهمة تقويض النظام، او الخيانة.
لكن، هذا شيء، والاساءة الى مشاعر الناس الدينية شيء آخر. يمكن ان تقود الى مظاهرات، واعمال عنف. ويمكن ان تقود الى محاكم وسجون.
الأخ شهاب طه، لم يتلاعب فقط بالقران، بل استعمل اسلوب الاستعلاء، و “الفهلوه”,
القرآن نفسه يتحدث عن امثاله:
أولا، “ما لكم لا ترجون لله وقارأ؟”
ثانيا، “قل ا بالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون؟”
لكن، صار واضحا ان الأخ شهاب طه يخوض معارك ضد ناس يختلف معهم عقائديا. وعنوان رايه هو “المتأسلم الإرهابي التكفيري.” وكتب عن “منهجية المتأسلم الإرهابي التكفيري.” وقال ان هذه المنهجية “تبدأ بالتفسير الخاطئ للقرآن.”
ثم اخطأ هو نفسه في حق القرآن.
الحقيقة هي ان القرآن يقول، مباشرة بعد آيات المسلمين واليهود (سورة المائدة): “وأنزلنا إليك الكتاب بالحق. مصدقا لما بين يديه من الكتاب. ومهيمنا عليه. فاحكم بينهم بما أنزل الله. ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق … وان احكم بينهم بما انزل الله. ولا تتبع اهواءهم …”
ليس فقط ان يحكم المسلمون “بما انزل الله”. وليس ذلك فقط “مصدقا” لما جاء في التوراة والانجيل. بل، أيضا، “مهيمنا” عليهما.
الأخ شهاب طه كتب، أيضا، ان آيات “من لم يحكم بما انزل الله” مقصود بها الشخص فقط، لا “الحاكم والحكومات، ولا أي جهة أخرى.”
هذا هو الموضوع الذي كتبت عنه في هذا القروب قبل ثلاثة شهور تقريبا: “سودانيون في امريكا (48): فصل الدين عن الدولة.”
سودانيون في أمريكا: فصل الدين عن الدولة. واشنطن: محمد على صالح
كتبت ان القران لا يفصل نفسه عن أي شيء: دنيا، اخرة، سياسة، اقتصاد، اجتماع. حتى الجنس. توجد في القران آيات عن كيف يعاشر الزوج زوجته معاشرة طبيعية، لا معاشرة شاذة.
فكيف يفصل نفسه عن الدولة؟
وكتبت عن حملات ضد القران في هذا القروب:
أولا، شيوعيون لا يعترفون به.
ثانيا، جمهوريون قسموه الى اول وثاني.
ثالثا، مسيحيون يعادونه.
رابعا، علمانيون يريدون فصله عن الدولة.
وكتبت انه لا الإسلام، ولا أمريكا، يفصلان الدين عن الدولة. وان حرية أمريكا أساسها دين أمريكا.
نعم، تفصل أمريكا الدين عن الحكومة (واهواء الحكام). لكنها لا تفصله عن الدولة:
أولا، اعلان الاستقلال فيه “كل الناس خلقوا متساوين، ووهبهم خالقهم حقوقا مشروعة.”
ثانيا، قسم الولاء فيه “امة واحدة تحت الله.”
ثالثا، التعديل الأول في الدستور فيه “لن يسن الكونغرس قانونا يمنع حرية الدين.”
أخيرا، أحاول كتابة هذه الآراء يوم الجمعة، مع دعاء جدتي: “الجمعة الجامعة، والكلمة السامعة، والرحمة الواسعة”
وأسال رحمة الله للأخ شهاب طه، ولبقية أعضاء هذا القروب، بعد ان تركنا وطننا الأول (السودان)، وجئنا الى وطننا الثاني (أمريكا). وصرنا نواجه، نحن واولادنا وبناتنا، مشاكل المهاجرين، جيلا بعد جيل، ومن بلد بعد بلد.
لكننا نقدر على نفعل شيئين في وقت واحد:
الأول، مع “اميركان اكسبشنالزم” (استثنائية امريكا)، لأنها أعظم دولة حرة في التاريخ.
الثاني، مع “كورانيك اكسبشنالزم” (استثنائية القرآن) لأنه كتاب كل الكتب السماوية.
كيف نتهرب منه، ونتلاعب به، ونحن نحتاج اليه في هويتنا، وهوية أولادنا وبناتنا؟
في هذا البلد، في هذا الوقت، الذي تتصارع فيه هويات سياسية، وهويات عنصرية، وهويات جندرية، وهويات جنسية، ناهيك عن الهويات الدينية.
تسلمو كلكم.
محمد علي صالح، واشنطن
=========




انت بتفتري على الرجل ساي ولا ايه قصدك؟ هسي وينو التلاعب بالقرآن؟! هل إذا الشخص فسر حسب فهمه وتأويله معناتو تلاعب بالقران؟ التلاعب يا سيد معناه تعديل في ألفاظ وعبارات القرآن. وطبعا دا ما حصل. الآيات المذكورة فعلا آيات من المتشابهات التي تحتاج للتأويل. وقديما سبق تأويلها من جماعات الاسلام السياسي والجهادية تأويلا كفروا به أمة الاسلامية كلها واعتبروها في عداد جاهلية القرن العشرين لعدم تحكيمها لشرع الله من حكامها فجاءوا بمقولية الحاكمية لله وليس للحكام أو الشعب – وهي مقارنة مضحكة لا تصدر من علماء مثقفين وانما من أفندية وعمال زلنطحية من أمثال أولاد قطب والبنت والمودودي والماوردي الذين تعلقوا بظاهر اللفظ والكلمات وفهموا الحكم بأنه الحاكم ورئيس الحكومة والذي ينبغي أن يكون إمام وخليفة المسلمين ويطبق شرع الله، فأفرخ تأويلهم وأخرج قطعانا من المهووسين الجهلاء بالدين لاغتيال الرؤساء والاستيلاء على الحكم بالقوة والجهادية والاستشهادية فأثاروا الاضطرابات وعرضوا أمن المجتمعات والدول للخطر ولازالت تداعيات هذا التاويل الجاهل تترى إلى ظهور القاعدة وداعش وبوكوحرام! طبعا الحاكمية ليست الحكم وسياسة المصالح العامة الدولة التي تحكم المجتمعات التي تكون وتنشئ الدولة وإنما الحكم بما انزل الله في الآيات مقصود به الحقوق بالعدل والقسط والقسطاس المستقيم الذي أنزله الله سواء كان مما أنزل على اليهود والنصارى بحسب سبب النزول في كتبهم أو الذي نزله على نبيه فهو في جميع الأحوال متعلق بالحقوق الخاصة للعباد يهودا أو نصارى أو مسلمين أو مجوس. الحكم بما انزل الله هو إعطاء كل ذي حق حقه المستحق له ديانة أو معاملة – ومن ثم فالمقصود بمن يحكم في ذلك هو القاضي أو الحكم بالفتح أو الموفق بكسر الفاء وتشديدها وكل من يلجا إليه الخصوم واصحاب النزاع بل الشهود الذين يحضرونهم ليشهدوا بهذه الحقوق المتنازع عليها.