خارج السياق
مديحة عبدالله
نفذ عمال النظافة بولاية الخرطوم وقفة احتجاجية أمام رئاسة المحلية يوم الثلاثاء الماضي، وطالبوا بتحسين أجورهم، وشروط خدمتهم بإبرام عقود تتضمن كل الحقوق الخاصة بتفاصيل المرتب والعلاوات والتأمين الصحي وأدوات الحماية من مخاطر العمل، وتأتي هذه الوقفة ضمن سلسلة من الوقفات الاحتجاجية والإضرابات منذ فترة العهد البائد دون أن تجد أذنًا صاغية ولا حتى مجرد اهتمام، فالاستجابة لمطالب عمال النظافة أمر لا ينفصل عن الاهتمام بموضوع البيئة بكل جوانبه، وإهمال مطالبهم يكشف عن ذهنية غير مبالية بحقوق البشر وحاجتهم للعيش في بيئة إنسانية، وكل من يراقب أوضاع عمال النظافة والبيئة التي يعملون في ظلها يقف على حقيقة الظلم الاجتماعي والاقتصادي لفئة من العمال هم أحق بالرعاية والضمان الاجتماعي والحماية من مخاطر العمل المحدقة بهم، خاصة وأن أغلبهم يقوم بجمع النفايات بأيديهم مباشرة، مما يعرضهم لأمراض مهلكة.
قضية عمال النظافة سياسية واجتماعية وحقوقية، تخص كل المواطنين، فهؤلاء العمال يقومون بالعمل المتصل بحياة وصحة كل أفراد المجتمع، ولولا الجهود التي يقومون بها في ظروف غير إنسانية، لتدهورت حياتنا أكثر، وفي واقع الأمر لا أتوقع أن تكون هناك بيئة سيئة في أي مكان في الأرض أكثر من وسط الخرطوم، خاصة في زمن الأمطار حيث تختلط مياه الأمطار بمياه الصرف الصحي ويجد العمال مشقة متزايدة للقيام بعملهم المضنى إبَّان الخريف.
إن قضية البيئة متكاملة، وفي قلبها حقوق العمال، وهي لا تجد الاهتمام الكافي من سلطة الانقلاب فهي تتجاهل كل حقوق المواطنين حزمة واحدة، بل على العكس تصدر قرارات تزيد من معاناتهم يوميًا، لذلك لا بد من وضع قضية البيئة في صدارة أجندة مقاومة الانقلاب، لتكون ضمن أولويات العمل المعارض بالضغط على السلطة للكشف عن الموارد الموجهة لصحة البيئة في المحليات، بالذات تلك المخصصة لمرتبات العمال، ووضع الآليات، ومراقبة عملها، ومن المهم التنسيق بين مبادرات اجتماعية معنية بالبيئة في احياء عديدة تسعى لحماية البيئة بالتركيز على النظافة، وتقوم ربات البيوت بدور فاعل في هذا النشاط، وأعرف في العديد من الاحياء أن النساء حريصات على التعامل مع عمال النظافة بكل تعاون وتفهم لأوضاعهم القاسية، لنبني ونقاوم من داخل الاحياء ولنضع قضية عمال النظافة ودعمهم نصب أعيننا.
الميدان
