مقالات سياسية

كوبري النيل الأزرق شيخ كباري السودان يبلغ ال 122 عام !!

امير شاهين

     هل يمكن تخيل مدينة الخرطوم بدون وجود كوبري النيل الأزرق ؟؟ والاجابة طبعا لا يمكن تخيل ذلك !! فالكوبرى العتيق صار احد معالم الخرطوم البارزة واحد العلامات التي تعطى الخرطوم بعدها الجمالي وتميزها عن باقي المدن فما ان نرى مشهدا به هذا الكوبرى حتى نعرف على الفور انها الخرطوم ، فاذا كانت لباريس برج ايفل وللندن برج ساعة بيغ بن ولنيويورك تمثال الحرية وللقاهرة برج القاهرة فان للخرطوم كوبرى النيل الأزرق ومفيش حد احسن من حد!! 

  تتعدد الاسماء والكوبري واحد !! فمن اسمائه كوبري النيل الازرق وكوبري بحري وكوبري الجامعة وكوبري الحديد.  انه ذلك الصرح العريق والعتيق والذي يقف منتصبا شامخا بأنفه وكأنه موجود في هذا المكان منذ الازل متحديا الزمن وساخرا منه وتحت اقدامه تجرى مياه النيل الازرق المتغيرة الالوان على حسب فصول السنة فتارة نراها زرقاء وتارة بنية وتارة اخرى نجدها خضراء وفى هذا الصدد فان النيل الأزرق كان يشار اليه في كتابات الرحالة العرب والأوربيين في القرون الوسطى باسم “النيل الأخضر”! حيث تجرى مياهه وهي مسرعة متعجلة في بعض المرات وبطيئة متمهلة في بعض المرات الاخرى ولكنها في جميع الاحوال تتجه بثبات الى اللقاء الأزلي برفيق دربها النيل الابيض حيث تمتزج مياههما معا معلنين ولادة نهر النيل سليل الفراديس كما قال التجاني يوسف بشير واطول وأشهر انهار العالم قاطبة مشكلين معا واحدة من أجمل لوحات الطبيعة ولا نملك ان نردد ما انشده الشاعر العملاق صلاح عبد الصبور وتغنى بها الفنان الباذخ سيد خليفة

ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻷﺯﺭﻕ ﺍﻟﻌﺎﺗﻲ

ﺗﺪﻓﻖ ﺧﺎﻟﺪﺍ ﺣﺮﺍ

ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ

ﻳﻀﻢ ﺍﻷﺯﺭﻕ ﺍﻟﺼﺪﺭﺍ

ﻻ ﺍﻧﻔﺼﻼ ﻭﻻ ﺍﻧﺤﺴﺮﺍ

ﻭﻻ ﺃﺧﺘﻠﻔﺎ ﻭﻻﺍﺷﺘﺠﺮﺍ

ﻭﻻ ﻫﺬﻯ ﻭﻻ ﺗﻠﻚ

ﻭﻻ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ

ﺗﺴﺎﻭﻯ ﻣﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﻨﻴﻠﻴﻦ

ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻳﺎ ﺳﻤﺮﺍ

وعلى حسب شهادة ميلاد الكوبري تذكر انه قد تم تدشينه وأصبح جاهز للعمل في العام 1910م وهذا يعنى ان الكوبري الان في العام 2022م  يبلغ ال 122 عام بالتمام والكمال وليسجل اسمه ضمن واحدا من اهم الانشاءات الكثيرة التي تركها لنا الانجليز وغادروا الى بلادهم “يا غريب يلا لى بلدك” والتي تقف شاهدة على انجاز الحكم الاستعماري البريطاني واخفاق الحكم الوطني السوداني !!

و” شيخ الكباري”! وهو لقب مستحق للكوبري اذ انه يعتبر من أقدم الكباري في السودان (كوبرى عطبرة القديم هو الاقدم في السودان اذ تم بناؤه في العام 1908م) وقد تم بناؤه بعد سنتين فقط من بناء كوبرى عطبرة القديم في العام 1910م بواسطة الانجليز ايضا ابان حكمهم للسودان، وفى ولاية الخرطوم فهو الاقدم بدون منافس ويكفى للدلالة على ذلك ان شقيقه وشبيهه في الشكل كوبرى النيل الأبيض تم تشييده في العام 1926م ائ بعد 16 عام من تشييد كوبرى النيل الأزرق “

وعلى حسب السجلات التاريخية المتوفرة فقد بدأ بناء كوبرى النيل الازرق من قبل الادارة الانجليزية التى كانت تحكم السودان انذاك الى الفترة بين عام 1907م وبين عام 1909 وقد شيد الجسر من قبل شركة جسور كليفلاند للهندسة البريطانية وبتكلفة قدرت وقتها ب 250 الف جنيه إسترليني حوالى 325 الف دولار أمريكي , وتذكر المصادر التاريخية ان مواده قد جلبت من ميناء الاسكندرية الى بحرى بالسكك الحديدية, وهنالك روايات عن ان هذا الكوبرى كان مستخدما في الهند حيث تم تفكيكه وشحنه الى السودان , وهنالك ايضا احاديث تدور عن نفس الشيء عن كوبرى النيل الأبيض ام درمان والذى تم بناؤه بعد 14 عام من بناء شقيقه الأكبر كوبرى النيل الأزرق ولكن للان لم يتثنى لنا التأكد من هذه المعلومة , وان كنت شخصيا لا استطيع ان اصدق بان هذا الكوبرى وبهذه المتانة والقوة والذى صامدا حتى الان بالرغم من بلوغه ال 112 عام كان مستعملا في بلد اخر ! ، وتم بناء الكوبرى تحت اشراف المهندس الإنجليزي ا جورج امبولت، ويمثل بناء الكوبرى بهذه المواصفات الفنية العالية تقدم وتفوق التقنية والهندسة الانجليزية على ما عداها في ذلك الوقت اذ ان الكوبرى تم تصميمه على ما يسمى طريقة ال Bascule” الكوبرى المتحرك” والذى يتم فتحه للسماح بعبور الملاحة النهرية كما ذكرنا وكان الجزء الشمالي منه (على جهة بحرى) هو الذى يتحرك في الاتجاه الاعلى ويتم فتحه بانفصاله عن بقية الكوبرى وعند مرور النقل النهري يتم اعادة الجزء الذى كان الى اعلى الى وضعه الطبيعي مرة اخرى لمباشرة حركة القطارات والسيارات والتي تكون متوقفة في فترة فتح الكوبرى للنقل النهري ! , حيث كان الكوبرى فى السابق كثيرا ما يتم فتحه من جهة بحرى لمرور السفن والبواخر وحتى المراكب الشراعية الكبيرة , ومع ازدياد حركة السيارات فقد كان فتح الكوبرى يسبب الكثير من التعطيل والتأخير لانسياب الحركة بين الخرطوم وبحرى وفى بعض الاحيان كان الكوبرى عند فتحه او اغلاقه مرة اخرى يأخذ الكثير من الزمن بسبب “عصلجته”  بسبب عدم الصيانة الدورية   للكوبرى , ولكن ومنذ فترة طويلة تم وقف فتح الكوبرى نهائيا اذ ان الاضرار التي تصاحب فتح الكوبرى لمرور الملاحة البحرية اصبحت اكثر من الفوائد هذا من جهة ومن جهة اخرى لعدم وجود نقل نهرى الان !!! وهو من نوع الجملونات الحديدية كانت بنيته وتصميمه تسمح بعبور القطارات ذات الاحمال الثقيلة والسيارات من كلا الجانبين وممر للمشاة ، كان الكوبرى يسمح ايضا بعبور الملاحة النهرية التي كانت مزدهرة فى وقتها تنقل البضائع والاشخاص وبأرخص الاسعار من شمال السودان الى جنوبه ويا حليل النقل النهري والنقل الميكانيكي!! والكوبرى الذي يبلغ طوله 560 متر .

وفي وفى العام 1910 أي قبل 112 عام تم افتتاح الكوبرى رسميا ومن المعروف بانه كان من اهم اسباب تشييد الكوبرى هو لتسهيل حركة انسياب القطارات فى المقام الاول ولهذا فان تبعية ادارة الكوبرى اداريا وفنيا كانت تتبع لإدارة سكك حديد السودان، والتي كانت فى ذلك الوقت واحدة من اكبر وافضل السكك الحديدية على مستوى القارة وكانت يضرب بها المثل فى الانضباط ودقة المواعيد وكان الناس يضبطون ساعاتهم على موعد وصول القطارات الى  المحطات  ومن اهميتها كانت تضم الكثير من المصالح الحكومية وحتى ان الخطوط الجوية السودانية عند تأسيسها في فبراير 1946 كانت تتبع لإدارة السكة حديد ولفترة من الزمن وذلك بغرض الوصول الى لى الاماكن التي لا تصلها خدمات السكة حديد! وبرضه تقول الاستعمار الإنجليزي؟؟؟!!

وشهد الكوبرى من مكانه هذا العديد من الاحداث التاريخية الهامة ومن ضمنها, المعركة التي جرت في يومي 24و25 من فبراير 1924 بين الجنود البريطانيين والذين كانوا يقصفون قوات البطل السوداني الشهيد عبداللطيف الماظ الذى كانت قواته تتمركز على الجانب الاخر من تحت الكوبرى في مكان مستشفى العيون الحالي وان كانت بعض المصادر  تذكر ان المكان كان موقع وزارة الصحة الحالي  , كما كان الكوبرى شاهدا على المواجهات العسكرية في زمن الرئيس الاسبق جعفر نميري مع معارضيه واهمها ما يسمى بالغزو الليبي او المرتزقة كما كان يسميه النميري ووتحالف الحركة الوطنية التى كانت تضم احزاب حزب الامة والاتحادى والاخوان المسلمين فى 2 يوليو 1976 ولان التاريخ كما يقول تشرشل يكتبه المنتصرون فقد تم تثبيت اسم “المرتزقة” لدى الناس , ويمكن حتى الان رؤية اثار بعض حفر القذائف والطلقات محفورة في بعض اجزاء جسم الكوبرى .

 كما كان الكوبرى شاهدا رئيسيا على احداث ثورة 19 ديسمبر 2019 المجيدة والتي استطاع بها شباب السودان ابهار جميع العالم بتصديهم وتحديهم لحكم الكيزان الاستبدادي والذى كان مستمرا لمدة 30 عاما قضى فيها على الاخضر واليابس فى السودان ونجاحهم فى التخلص منه والقائه في مزبلة التاريخ ، كما كان الكوبرى شاهدا أيضا على  مجزرة فض اعتصام القيادة العامّة التي وقعت أحدثها الأليمة في يومِ الإثنينِ الموافق للثالث من يونيو/ حزيران 2019 حينمَا اقتحمت قوات مسلحة تَتبع للمجلس العسكري وبدعمٍ كبيرٍ من قوات الدعم السريع السودانية مقرّ الاعتصام مُستعملةً الأسلحة الثقيلة والخفيفة وكذَا الغاز المسيٌل للدموع لتفريق المتظاهرين السلميين مما تسبّبَ في استشهاد وفقدان عدد كبير جدا منهم  لم تحدد اعدادهم بدقة حتى الان وسط صمت وتجاهل مريب من قبل السلطات الحاكمة والتي يبدو انها تعول كثيرا على عامل الزمن لنسيان الجريمة البشعة!!.

والان فان شيخ كباري السودان والذي يبلغ عمره الان 1120 عام لايزال صامدا وهو يقف منتصبا بشموخ وهو يرى تعاقب الايام والازمان وتحت اقدامه تجرى مياه النيل الازرق المتغيرة ومتعددة الالوان على حسب المواسم وهو معتدا بنفسه فخورا بها بعد ان صار واحد من اهم معالم العاصمة السودانية التي كانت في يوم ما من أجمل مدن القارة الافريقية .

والله المستعان

‫7 تعليقات

    1. المقال يتحدث عن اقدمية وتاريخ انشاء كوبرى النيل الازرق ولا يتحدث عن جميع كبارى السودان مع تحياتى

    2. الكوز المخروش دبريا الحجاج بن يوسف الهضربه زادت والهذيان بتاعك زاد،، يبدو أنك خرمان للايس والخرشه الادميه اللزجه ،
      …. اوع تكتب وتقول انا ما كوز،،
      … اذا انت ما كوز تكون جنجويدي ريزيقي ولا تابع لحركة ارتزاق دارفوريه مسلحه..

  1. الحسابات الرقميه فى المقال تحتاج لمراجعه الواحد لو ما من البلد راسو بيضرب من الاعداد الغير منطقيه

    1. هنالك ىقم واحد فقط كتب بالخطأ وهو 1120 عام فى الثلاثة اسط الاخيررة وطبعا المقصود كما تعرف هو 112 عام
      مع تحياتى

      1. اقرى هنا يا شاهين

        وعلى حسب شهادة ميلاد الكوبري تذكر انه قد تم تدشينه وأصبح جاهز للعمل في العام 1910م وهذا يعنى ان الكوبري الان في العام 2022م يبلغ ال 122 عام

        بعدين أنا قلت الواحد لو ما من البلد بيتعب فى الفهم !!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..