مقالات وآراء سياسية

اتحاد عام نقابات السودان .. كخيال ثالث يلوح في الأفق

 إبراهيم سليمان

كان ولا يزال السواد الأعظم من الشعب السوداني يمنيّ نفسه أن يتولى شباب المقاومة الباسلة، ولجانه الثائرة زمام المبادرة، والاستعداد لاستلام السلطة من الانقلابيين، ولسنا متشائمين إن قلنا أن قدراً من هذه الآمال الملحّة، بدأت تتبخر شيئا فشيئا في ظل البطء التنظيمي للثوار الشباب.

وبما أن الهواء يملأ كل فراع، فإن هذا الهواء قد يكون نقيا أو فاسدا، ولما كانت لجان المقاومة غير جاهزة، ظلت “قحت” وتنظيماتها التقليدية تتسيّد المشهد، و”قحت” أصبحت مكروه بسبب مرجعياتها التنظيمية العتيقة، التي أدمنت المماحكات السياسية، واستمرأت الصناجة وعدم الموضوعية.

ورغم الثغرات المميتة في وثيقة 2019م الدستورية، التي ساهمت في إجهاض الفترة الانتقالية السابقة، لاستعادة مسار التحول الديمقراطي ، لابد من التوافق على وثيقة أخرى، تستلهم الأخطاء السابقة، وتلبي تطلعات الشارع الثوري، وتستجيب لأشواق المواطن، لذا نرى أن الرفض المطلق جملة وتفصيلا لمشروع دستور الفترة الانتقالية، الذي أنتجته خلاصة العقل القانوي لنقابة المحاميين السودانيين ، أن هذا الرفض غير موضوعي ، يعّبر عن صناجة الساسة السودانيين (ترفضها أن جاءت مبرأة من كل عيب)، والمنطقي أن يتمحور النقد حول تقديم مقترحات بالحذف أو التعديل أو الإضافة لإكمال الوثيقة، والبناء على الأسس المتفق عليها التي حوته المشروع.

الخيار الثالث في ظل افتقاد لجان المقاومة الثقة في ذاتها فيما يبدو، والتحرك بخطي مترددة، والتوجس من “قحت” وتنظيماتها المتكلسة، هو اتحاد عام نقابات السودان، وينبغي على هذه القوى، أن تنفض عن عاتقها غبار السنين، وتحذوا حذو نقابة الصحفيين السودانيين، وتشرع فوراً في تأسيس كياناتها تمهيداً لتكوين اتحاد عام نقابات السودان، هذا الكيان المرتقب، إن قُدر له أن يرى النور، بلا شك سيكون هو الخيار الأفضل في الظرف الحالي من الأحزاب، لأنها ذات صلة بتسيير دولاب العمل في الدواوين الحكومية والخدمة العامة، وهو خيار يتيح الفرصة للتنظيمات السياسية الاستعداد للانتخابات العامة، وهي بعيدة عن السلطة.

هذا الخيار بطئ لكنه آمن، ويمكن الرهان عليه، لتجديد آمال الشعب في التحرر من قبضة “جوقة”  مناصري انقلاب الــ 25 من اكتوبر، الذين يمارسون التمكين، وينهبون خزائن الدولة بصورة شرهة، نهب من يخشى الفقر.

هذا الخيار، يلزم الأستاذ فيصل محمد صالح ومجموعته، تشكيل منسقية استشارية، تستعد لتقديم المشورة الإجرائية، والمعنوية لكافة النقابات، وتساعدها في انتخاب كياناتها الشرعية على غرار نقابة الصحفيين السودانيين، هذه الخطوة ملحّة، ولا تحتمل التأجيل، فالظرف ضاغط، والوضع لا يحتمل مزيداً من الفراغ السياسي الخطر على البلاد والعباد.

ولا بأس أن تضم منسية أستاذ فيصل (تسييرية نقابة الصحفيين) شخصيات أخرى قومية لها تجارب معتبرة وخبرات تراكمية في مضمار العمل النقابي، وبعض الرجال الضالعين في القانون.

بالإضافة إلى نقابة الصحفيين، من حيث الفاعلية السياسة، وضخامة العضوية، هنالك أربع نقابات تعتبر أعمدة ومرتكزات اتحاد عام نقابات السودان،  وهي نقابة المحاميين، ونقابة المعلمين ونقابة الأطباء.

أكبر التحديات التي ستواجه نقابات مهنيّ وحرفيّ وعمال السودان، هي عراقيل الفلول، الذين سيستميتون في محاولة إطفاء نور الدولة المدنية، كلما أوقدها أية ممارسة ديمقراطية، يشككون في شرعية هذه الكيانات، ويقدحون في قياداتها المحتملة، لكن بلا شك أن مصيرهم في أية قطاع، سيكون كمصيرهم في معركة الصحفيين في المهندسيين الشهر الماضي، نصر مؤزرا للجميع، وخذلان مبينا  لأعوان الانقلابيين.

من المتوقع أن يلجأ الفلول إلى البلطجة السياسية الممنهجة، لإجهاد فعاليات تأسيس هذه النقابات، وما على عضوية هذه الكيانات إلاّ الاستبسال للذود عن حياض هذه الاستحقاقات، وأيضا قد يحدث تدافع في قوائم المرشحين، نتيجة تكتلات وتحشيد حاد، ومن مهام تنسيقة فصيل محمد صالح تهيئة الأجواء لتقليل إفرازات مثل هذا الاستقطاب بروح رياضية وديمقراطية.

ولا شكّ أنّ الطريق لهذا الخيار بات سالكا، بميلاد مشروع الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية.

[email protected]

تعليق واحد

  1. اولا مايسمى بالوثيقة الدستورية هى وثيقة غير شرعية من نقابة غير شرعية علاوة على ذلك ماقاله الاستاذ نبيل اديب تم وضعها بمنظمة اجنبية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..