السودان: تحركات لرفع دعاوى قضائية ضد البرهان في بريطانيا

شرع عدد من الناشطين الحقوقيين السودانيين في المملكة المتحدة في رفع دعاوى قضائية، ضد القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، وقادة انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول، الماضي، فيما سيتعاون آخرون مع منظمات حقوقية، لتقديم مذكرات للبرلمان البريطاني، تندد بالسماح بمشاركة البرهان في مراسم تشييع الملكة الراحلة، إليزابيث الثانية. وعاد البرهان، الثلاثاء إلى الخرطوم بعد مشاركته في مراسم التشييع، ي رفقة وزير الخارجية المكلف، علي الصادق، بينما رفع عدد من أسر ضحايا الانقلاب والناشطين الحقوقيين، أثناء مراسم التشييع لافتات رافضة لمشاركة قائد الجيش، وتتهمه بارتكاب انتهاكات واسعة ضد المعارضين للانقلاب.
كما نفذ أفراد من الجالية السودانية في المملكة المتحدة، وقفة احتجاجية، الأحد، أمام المطار، الذي حطت فيه طائرة البرهان، وكذلك نظم الحزب الشيوعي في المملكة المتحدة، وقفة أخرى أمام مباني هيئة البث البريطانية، رفضا للزيارة.
وقتل نحو 117 متظاهرا، خلال قمع الأجهزة الأمنية التظاهرات المناهضة للحكم العسكري في السودان منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بينا تجاوز عدد القتلى منذ تولي المجلس العسكري الحكم عقب سقوط الرئيس المخلوع عمر البشير في أبريل/ نيسان الماضي 300 معارض.
وقال الناشط القانوني في المملكة المتحدة، أبو بكر عبد الله آدم لـ«القدس العربي» إنهم بدأوا في تقييد دعاوى ضد البرهان وقادة الانقلاب، وفق قانون الولاية القضائية العالمية والقانون الجنائي الدولي، في إطار مزاعم ارتكابه جرائم جسيمة منذ توليه رئاسة المجلس العسكري.
وأشار إلى أن قانون الولاية العالمية، يسمح برفع قضايا ضد أي شخص قام بارتكاب جرائم جسيمة محددة في القانون، في أي مكان خارج بريطانيا حتى ضد مواطنين غير بريطانيين.
بلاغات
وبين أن «الإجراءات الأولية المتعلقة بتقييد بلاغات ضد قادة الانقلاب في مكاتب الشرطة، قد بدأت، تمهيدا لدفع القانونيين بمذكرات بخصوص جريمة فض اعتصام القيادة العامة في 3 يونيو/ حزيران 2019 والجرائم الذي تمت عقب انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وجرائم الاختفاء القسري لمعارضي العسكر في السودان».
ويأتي ذلك، «وفق ما يسمى قانونيا مسؤولية القائد أو مصدر الأوامر، باعتبار أن البرهان والقادة المسؤولين، حتى لو لم يقوموا بالمشاركة بأنفسهم في جريمة محددة، فإنهم لم يتخذوا إجراءات لمنع هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها» وفق آدم. ولفت إلى «ردود الفعل الغاضبة من قبل الجالية السودانية بخصوص دعوة المملكة المتحدة للبرهان، حتى لو كان الأمر إجراءً بروتوكوليا» مشيرا إلى «شروع أجسام سودانية معارضة ومنظمات حقوقية بريطانية، في تقديم مذكرات تندد بالحادثة للبرلمان».
اجتماعات مع نواب بريطانيين
وبين أن «مجموعة الحراك الثوري السوداني في بريطانيا ستعقد خلال الأيام المقبلة اجتماعات مع نواب في البرلمان ودبلوماسيين بريطانيين لزيادة الضغط الدولي على انقلاب البرهان خاصة فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، والترتيب لتصعيد التظاهرات والوقفات الاحتجاجية بالخصوص».
كذلك، قال نائب رئيس الجالية السودانية في لندن والقيادي في «الحراك الثوري»، محمد الفاتح النعيم، لـ«القدس العربي» إن «الحراك المكون من الجالية السودانية وفرعيات الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات القانونية في المملكة المتحدة، طالبت بفتح قضايا انتهاكات البرهان» مشيرا إلى تصعيد حملة دبلوماسية وسياسية تندد بمشاركة البرهان في التشييع.
وكان الحراك، قد طالب، في بيان، يوم الجمعة، الحكومة البريطانية، بإلغاء مشاركة البرهان، داعيا «الجهات العدلية والقانونية للإسراع في تقديم بلاغات موثقة تثبت تورط البرهان في جرائم متعلقة بالجرائم في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق ومجزرة فض الاعتصام وقتل المتظاهرين بعد انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي».
وأشار إلى «تصعيد حملته بعد انتهاء العزاء في بريطانيا، احتراما لعادات وتقاليد المملكة المتحدة» مؤكدا أن البرهان، وما وصفه البيان بـ«وفد حكومة الأمر الواقع» يطمح من خلال زيارة لندن إلى «فك عزلة الانقلاب الدولية».
ووفق ما أكد، مسؤول الاتصالات في تجمع السودانيين في الخارج، عبد الرحيم أبا يزيد لـ«القدس العربي» «ستكون هذه أول وآخر زيارة للبرهان للمملكة المتحدة»
مشيرا إلى أن التظاهرات تواصلت لثلاثة أيام احتجاجا على استقبال المملكة المتحدة للبرهان، وأن الناشطين رفعوا خلال التشييع لافتات تندد بالسماح للبرهان بالمشاركة.
استفزاز للجالية
أضاف «على الرغم، من أن الزيارة جاءت في إطار المشاركة في تشييع الملكة الراحلة، لكنها كانت بمثابة استفزاز للجالية السودانية في المملكة وأسر ضحايا الثورة السودانية، التي اعتبرت ذلك اعترافا بالانقلاب ومؤشرا يرجح الفرضية التي تقول إن المجتمع الدولي يحاول الدفع بتسوية تُبقي العسكر في السلطة وفق اتفاق شراكة بين المدنيين والعسكريين، الأمر الذي لا يتوافق مع مطالب السودانيين بالحكم المدني الديمقراطي وتحقيق العدالة ومحاسبة العسكر على الانتهاكات التي قاموا بها ضد الشعب».
وأشار إلى أن «البرهان كان رئيس المجلس العسكري، وقت فض اعتصام القيادة العامة والتي قتل وفقد خلالها الكثير من المعارضين، فضلا عن وجود شبهة اتهام له بخصوص مزاعم مشاركته في انتهاكات أثناء خدمته في دارفور قبل توليه رئاسة المجلس».
واعتبر «دعوة البرهان دعما للتسوية ومحاولة لتقديم البرهان للعالم، في وقت لم تتم دعوة قادة آخرين لمراسم التشييع، نفذوا انقلابات وارتكبوا انتهاكات ضد الإنسانية».
ووصف، ما حدث بـ«السلوك المخيب لحركة حقوق الإنسان العالمية وتاريخ المملكة المتحدة» مشيرا إلى أنهم «كبريطانيين من أصول سودانية لن يتوقفوا عن مساءلة النواب في البرلمان حول السماح للبرهان بالدخول إلى بريطانيا».
وأشار إلى أنهم «شرعوا في كتابة مذكرات للبرلمان لإيصال صوتهم للحكومة البريطانية» معتبرين استقبال البرهان «أمرا مرفوضا واعترافا بالسلطة الانقلابية الحالية في البلاد».
وتابع: أنهم يعتقدون أن «ما حدث مؤشر على أن السودانيين في الخارج لم يقوموا بدورهم كما يجب في وضع المجتمع الدولي أمام الصورة الحقيقية للانقلاب، وأنهم يجب أن يبذلوا المزيد من الجهود في الصدد».
أما رئيس الأمانة الإعلامية للجبهة الوطنية العريضة في المملكة المتحدة، عبد الواحد إبراهيم فقال لـ« القدس العربي» إنهم، طالبوا المجتمع الدولي بشكل واضح بمقاطعة انقلاب البرهان، والتوقف عن تقديم أي شكل من أشكال الدعم للقادة العسكريين في البلاد.
وأعدت، الجبهة التي تملك الصفة الاستشارية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، تقريرا، حول أوضاع حقوق الإنسان والانتهاكات التي تمت خلال فترة الانقلاب، ودفعت بمطالب تؤكد، ضرورة تمكين الخبير المستقل لحقوق الإنسان للقيام بأعماله طبقا لمنظومة حقوق الإنسان والقوانين السائدة. ودعت كذلك، إلى إدراج البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو «حميدتي» ضمن المتهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وأبرزها جريمة فض الاعتصام، وما تلاها من جرائم متتالية حتى الاسبوع المنصرم. وأكد إبراهيم، مواصلة العمل السياسي والدبلوماسي لمحاصرة الانقلاب كما سبق وحدث مع نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، مشيرا إلى أن النظام الحالي امتداد بشكل أو بآخر لنظام البشير مع إجراء بعض التعديلات لاستيعاب آخرين كانوا ضمن المنظومة الشمولية في البلاد.
وأضاف: «سنقف لهم بالمرصاد وسنقوم بأعمال سياسية ودبلوماسية وتنويرية للمجتمع الدولي بخصوص جرائم قادة الانقلاب».
إلى ذلك، عبرت، الناشطة السياسية السودانية، في المملكة المتحدة، مها سليمان لـ«القدس العربي» عن خيبتها لمشاركة البرهان في مراسم التشييع، مشيرة إلى أنها شاركت ضمن آخرين في وقفة احتجاجية قام بها السودانيون أمام المطار الذي هبطت فيه طائرة البرهان، مضيفة: «لقد سجلنا صوتنا ومواقفنا الرافضة لانتهاكات البرهان واستقباله في بريطانيا».
القدس العربي