أخبار السودان
البداية كانت 21 سبتمبر 2021 وهبوا لحماية ثورتكم.. انقلاب بكراوي وقطع الانتقال

الخرطوم ــ أيمن بدوي
كانت الأمور تسير نحو نهاية النصف الأول من الفترة الانتقالية والوقت يمر بسرعة على المكون العسكري الذي يعلم أن فترته في رئاسة المجلس السيادي وجميع اللجان السيادية ستنتهي بتسليم رأس الدولة لشخصية مدنية تنتقل معها رئاسة اللجان العليا للمكون المدني، بالمقابل يرى المدنيون أن الوقت يسير ببطء وتوجس في نفس الوقت بعدم إيفاء العسكريين للوعد الذي قطعته الوثيقة الدستورية عليهم بالتسليم..
بدا ظاهرا لطرف الشراكة المدني تحرك الشريك العسكري في اتجاهٍ يخالف واقع الإتفاق، فالبرغم من تحمل المدنيين للنقد الذي ظل يوجه إليهم من كل الجهات بما فيها شريكهم في الحكم إلا أنهم ظلوا في حالة تماسك وصبر من أجل الوصول إلى نهاية طبيعية للفترة الانتقالية.
انقلاب بكراوي وبداية المواجهة
في صباح يوم الحادي والعشرين من سبتمبر ٢٠٢١، وعلى واقع تقارير تقول إن هنالك انقلابيا عسكريا يتحرك، أطلق عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان تغريدة في الساعات الأولى من الصباح على صفحته بالفيسبوك تقول: (هبوا للدفاع عن بلادكم وحماية الانتقال)..
لم تأتِ هذه التغريدة ضد شركاء الحكم من العسكريين بل كانت لحماية البلاد من انقلابٍ آتٍ لا يستثني أحداً حتى العسكريين إن كُتب له النجاح، كان النداء لكافة الشعب ولإعلام الشعب مبكراً بما قد يحدث لأن الثورة تخص الشعب السوداني لا الحكومة الانتقالية وحدها، لم يكن رئيس مجلس السيادة ولا المكون العسكري هو من قام بالانقلاب حينها وهذا بعد تأكيد عضو مجلس السيادة محمد الفكي على تواصله مع البرهان لحظتها وقد أكد له صحة المحاولة الانقلابية، لذلك لم يكن النداء إلا ضد الذي حاول الانقلاب، ولكن في اليوم الثاني فاجأ البرهان الجميع وخرج محملا الحرية والتغيير والمكون المدني بالحكومة مسؤولية المحاولة الانقلابية في حين أن من قام بالمحاولة هم عسكريون وتم القبض عليهم، لذلك فهم محسوبون على المؤسسة العسكرية لا المكون المدني، وقد أطلق البرهان اتهامه للقوى المدنية بقوله: (إنهم السبب في الانقلابات لعدم توافقهم ومشاكستهم وليسوا على قلب رجل واحد) ولم يرْ حينها أن الذين حاولوا الانقلاب هم مختلفون معه داخل المؤسسة التي ينتمي إليها بل يقودها، والصحيح وقتذاك أن البعض داخل الجيش لم يكن متوافقا معه بدليل وقوع عدد من المحاولات الانقلابية عليه..
ثم أطلق قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو تصريحات مشابهة سار بها في نفس خط قائد الجيش، مهاجما قوى إعلان الحرية والتغيير وظل يردد أن القوى المدنية هي السبب في ما وصل إليه حال البلد بسبب التشاكس السياسي بين الأحزاب وأنهم لن يجسلوا مع المدنيين مرة أخرى.
في المقابل لم يخرج أعضاء المكون العسكري الآخرين (كباشي / العطا / جابر) بأي تصريحات علانية تدين او تهاجم جهة ما بما حدث من محاولة انقلابية..
ثم أعلن الجيش عن المتورطين في المحاولة الانقلابية وقد كانوا جميعهم من العسكريين الذين بالخدمة وآخرين من العسكريين السابقين ولم يظهر أي اسم لشخصية مدنية ضالعة في المحاولة الانقلابية.
المواجهة
بعد التصريحات التي أطلقها رئيس المجلس السيادي ونائبه واتهامهما لشركاء الحكم من المدنيين والائتلاف السياسي (قوى إعلان الحرية والتغيير) بالتسبب فيما حدث، ومهاجمة تغريدة عضو المجلس السيادي من قبل العسكريين، بعدها خرج صاحب التغريدة في حوار تلفزيوني انتقد فيه تصرفات رئيس المجلس السيادي ونائبه وتصريحاتهما بشأن الانقلاب وتحميل المسؤولية للمكون المدني وترك الانقلابيين الحقيقيين من ضباط الجيش، ونفى صفة الوصايا لقائد الجيش على الشعب حيث قال الفكي: (لا أحد وصي على الشعب، بل الشعب هو الوصي على العملية السياسية) جاء ذلك على خلفية تصريحات أطلقها البرهان بأن القوات المسلحة هي الوصي على العملية السياسية والشعب.. وأكد الفكي أن رئيس المجلس السيادي لا يتميز بأي صفة عن غيره من الأعضاء وأن امتيازه لا يتعدى ترأس وإدارة الاجتماعات فقط.
ردة الفعل
خرج الفريق أول البرهان مرة أخرى مهاجماً حديث محمد الفكي ثم توقفت اجتماعات المجلس السيادي العادية ثم تطور الأمر إلى سحب الحراسات الخاصة بالمدنيين في الحكومة من منازلهم ومقر لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو والمقار المستردة مما جعل اللجنة تطلق نداء للثوار الذين تداعوا لحماية المقر في حشد تلقائي كبير خاطبه وقتذاك الرئيس المناوب للجنة التفكيك بمقرها بصحبة أعضاء اللجنة العليا وقد أكد الجميع أن موعد المواجهة قد حان..
الترتيب للانقلاب
كان انقلاب بكراوي مُمهِداً للانقلاب الحقيقي حيث أتخذ من قبل العسكريين كجسر لمواجهة المدنيين للانقضاض على السلطة بصورة منفردة وعدم تسليم الرئاسة التي حان موعدها للشريك المدني بحسب نص الوثيقة الدستورية، لذلك فإن الانصراف عن مواجهة الانقلابيين الحقيقيين وبعد كشفهم والاتجاه نحو شركاء الحكم المدنيين والتركيز على تغريدة عضو المجلس السيادي الذي نوه لوقوع الانقلاب، كانت خطوة تبين أن هنالك شيئا يرتب له ضد الشراكة القائمة وقتذاك وهو اعلان للمواجهة بصورة علانية.
خطوات ما بعد المواجهة
كانت خطوات العسكريين نحو الانقلاب تسير بصورة متتالية، فبعد المواجهة بدأت خيوط اللعبة تنفذ بواسطة شركاء آخرين يمثلون مكونا مدنيا جديدا، فقام ناظر عموم البجا سيد محمد الأمين ترك المحسوب على النظام السابق بالخروج علنا عقب ذلك مهددا بقفل الميناء والشرق مطالبا بحل الحكومة، ثم تبعه موكب أعلنت عنه مجموعة اطلقت على نفسها اسم (الحرية والتغيير التوافق الوطني) وأقامت عقب الموكب اعتصاما تم الترتيب له مسبقاً أمام القصر الجمهوري وكان يضم عضوية بعض “الحركات المسلحة” الموقعة على سلام جوبا وأحزاب “الحوار الوطني” شركاء نظام الإنقاذ وعضوية “المؤتمر الوطني” المحلول، حيث أقاموا منصات اعلامية طالبت علنا بإعلان بيان انقلاب وحل الحكومة من قبل قائد الجيش، عندما هتف التوم هجو: (الليلة ما بنرجع إلاّ البيان يطلع).
فشل حل الأزمة
خلال الأيام بين (١٦ اكتوبر) إلى (٢٥ اكتوبر) والتي أقيم فيها اعتصام القصر الجمهوري متزامنا مع قفل الميناء الرئيسي، كانت جميع المفاوضات تقف عند نقطة حل الحكومة بحسب مطالب “ترك” بالشرق وجماعة التوافق الوطني باعتصام القصر الجمهوري، صاحبتها حملة اعلامية منظمة من قبل فلول المؤتمر الوطني، حيث تم الضغط على رئيس الوزراء لحل الحكومة ولكنه لم يوافق على ذلك، وفشلت جميع الجهود حتى التي قادها رئيس البعثة الأممية بالبلاد ووضعه لبعض الحلول، وقد كان اتجاه العسكريين يسير مع حل الحكومة مما أكد توافقهم مع مطالب ناظر البجا وجماعة الاعتصام.
ساعة الصفر
وفي الساعات الأولى من يوم الخامس والعشرين من اكتوبر ٢٠٢١ قرر قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان إنهاء الشراكة وإيقاف الانتقال من طرف واحد منفذا انقلابا عسكريا اعتقل فيه جيمع أعضاء الحكومة من المدنيين وعلى رأسهم عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان (المعتقل الوحيد من بين أعضاء المجلس السيادي) ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك وكامل حكومته وتم استثناء أعضاء الحكومة من العسكريين والحركات المسلحة الموقعة على سلام جوبا، وقام بحل مجلسي السيادة والوزراء مع إعادة المجلس العسكري السابق الذي أضاف إليه أعضاء الحركات المسلحة الموقعة على سلام جوبا الممثلين بالمجلس السيادي قبل الانقلاب، وأعلن عبدالفتاح البرهان خلال بيان الانقلاب أنه سيقوم بتكوين حكومة في غضون اسبوعين ولم يفلح في ذلك إلى الآن حيث واجه انقلابه رفضاً داخلياً منذ لحظته الأولى وظل يعاني من الضغط الشعبي والثوري الذي انتظم في تظاهرات لم تتوقف، كما لم يجد اعترافا من المجتمع الدولي مما تسبب في إيقاف التعاون الدولي والمنح التي وعد بها الأصدقاء.
الحراك
هذه هي الحقائق بلا رتوش اتحدي الالني ابو هاجة الما عنده حاجة ومعاه سيده البرخان يقولوا نصف هذه الحقائق امام الامم المتحدة ؟؟!!