أطفال السودان في خطر والسلطة الانقلابية تتجاهل النداءات

من الآخر
أسماء جمعة
خلال العقود الماضية، ظل الأطفال في السودان يواجهون ظروفاً مأساوية كثيرة بسبب السياسات المدمرة التي اتبعها النظام المخلوع ضدهم. فقد كان همه مركزاً حول خدمة مصالحه وتثبيت نفسه في السلطة ولا يهمه أحد، وقد تناسى -عمداً- أن هناك أطفالاً يحتاجون للرعاية والاهتمام من أجل مستقبل أفضل للسودان. هو لا يريد لهذا المستقبل أن يتحقق، لذلك ظل يتجاهل قضاياهم، وكل ما كان يقدمه لهم عبارة عن أحاديث وأكاذيب ووعود لا تتحقق، لدرجة جعلت المنظمات الإنسانية الأجنبية تدخل باستمرار لإنقاذ بعضهم، وهي مهما فعلت لن تتمكن من إنقاذهم كلهم، ولا حتى نصفهم، لكنها تعرف كل شيء عن مشاكلهم واحتياجاتهم ولا تستطيع تلبيتها.
الوضع أصبح أكثر سوءاً بعد انقلاب البرهان الذي أوقف عملية التقدم التي بدأت في ظل الحكومة الانتقالية لإعادة بناء الدولة وتأهيل مؤسساتها، لتقوم بدورها تجاه الأطفال، وما لا يعرفه الناس أن الانقلاب حرم أطفال السودان من كثير من الفرص المهمة. السلطة الانقلابية لا تعرف شيئاً عن الأطفال في السودان، وليس لديها معلومات دقيقة عن مشاكلهم، ولا تعرف حتى عددهم. هي مشغولة جداً بهزيمة الشعب وتصفية الثورة وإيجاد طريقة تشرعن بها وجودها، وما زالت المنظمات الأجنبية هي التي تتولى الاهتمام بقضايا الأطفال، مثل منظمة رعاية الطفولة العالمية، واليونيسيف، ومنظمات آخرى، تصدر تقارير سنوية عن المشاكل الخطيرة التي يواجهها الأطفال، وتدعو السلطات للتدخل، ولكن لا حياة لمن تنادي، وفي هذا العام وصلت أوضاع الأطفال في السودان إلى أسوأ مستوى.
يوم الاثنين 12 سبتمبر 2022، صدر تقرير من منظمة رعاية الطفولة العالمية واليونيسيف، ذكر أن هناك حوالي (7) ملايين طفل في عمر المدرسة لا يتلقون التعليم، و(12) مليون يواجهون عدم استقرار التعليم، أي إن هناك (19) مليون طفل مستقبلهم في خطر. وهذا الرقم أعتقد أنه يمثل كل الأطفال ما بين أولى ابتدائي وثالثة ثانوي، أي الذين تتفاوت أعمارهم بين (6 – 17 سنة). مانديب أوبراين، ممثلة اليونيسف في السودان، قالت: “لا يمكن لأي بلد أن يتحمل عبء عدم معرفة ثلث أطفاله الذين في سن الدراسة مبادئ القراءة والكتابة أو الحساب أو المهارات الرقمية. فالتعليم ليس مجرد حق، إنه أيضًا شريان حياة”. إن لم تُتّخذ إجراءات عاجلة فإن أزمة التعلم في السودان ستصبح كارثة جيليّة، رغم مرارة هذا الكلام إلا أن السلطة الانقلابية ستتجاهله عادي.
يوم 15 سبتمبر 2022 صدر تقرير آخر من اليونيسيف يقول إن هناك أكثر من (3) ملايين طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية، و(650) ألفاً يعانون من سوء التغذية الوخيم يمكن أن يفقدوا حياتهم تحت أي ظرف ما لم يتلقوا العلاج. والولايات الأكثر تأثراً هي الولايات الشرقية كالبحر الأحمر وكسلا، فيما تتفاوت نسبة المعاناة في كسلا من منطقة لأخرى. وعزت المنظمة انتشار سوء التغذية إلى موجة الجفاف وعدم وصول الغذاء للسكان قبل حلول موسم الأمطار، طبعاً اليونيسيف حذرت ووجهت النداء للحكومة الغائبة بألا تقف مكتوفة الأيدي حيال هذه الكارثة، ولكن ستتجاهلها -عمداً- أيضاً.
عموماً، ما وصل إليه حال الأطفال يؤكد أن السلطات لا تعترف بحقوق الأطفال ولا بوجودهم، لذلك لا تهتم بالنداءات والتقارير التي تقدمها المنظمات، رغم أنها مصحوبة بالنصح والإرشاد والحلول. لا حل لقضايا الأطفال إلا من خلال حل أزمة الحكومات الانقلابية، وهذا لن يتحقق إلا من خلال استمرار الثورة، والآن على الشعب أن يتحرك ممثلاً في تنظيماته المدنية لإنقاذ أطفاله من بين براثن الجوع والجهل. مستقبل أي دولة يمكن معرفته من مدى اهتمام الدولة بأطفالها، وحسب الأوضاع التي يعيشها الأطفال اليوم، فمستقبل السودان على كف عفريت.
الديمقراطي
ربوهم برا البلد عشان الجو حار ومافي جوع يمشوا يسمنوا ويرجعوا زينا
الجو حار شديد لا يفتح الشهية الاكل كتير