أخبار السودان
تجمع المهنيين.. هل “أفل” نجم التحالف؟

الخرطوم ـ نبيل صالح
على نحو كان يبدو مخططاً تعرض تجمع المهنيين السودانيين لتصدع هائل أعقاب تكوين حكومة الفترة الانتقالية الأولى، وشهدت أروقة التجمع خلافاتٍ حادة انتهت بجسمين متناحرين، أفقداه قدرته في السير في الطريق بذات القوة القديمة، فضلاً عن انزوائه من الفعل الثوري إلا لماما.
واندلعت الخلافات داخل مكونات “تجمع المهنيين السودانيين”، أحد أبرز مكونات “قوى إعلان الحرية والتغيير” قائدة الحراك الاحتجاجي بالبلاد، على خلفية اختيار أعضاء أمانة عامة جديدة للتجمع وتطورت هذه الخلافات لينقسم التجمع لجناحين متناحرين، ما أفقده ميزة قيادة قوى الشارع الثوري.
وعلى الرغم من التأييد الشعبي الواسع الذي يحظى به “تجمع المهنيين السودانيين” إثر قيادته أكبر ثورة شهدها السودان منذ استقلاله في عام 1956، أطاحت بنظام الرئيس السابق عمر البشير في 11 أبريل 2019م بعد حكم دام 30 سنة، إلا أن تصدعاً ضرب التجمع بسبب خلافات نشبت بين مكونات هذا التجمع حول قضايا عدة. وطرح ذلك أسئلة كثيرة حول مستقبل “تجمع المهنيين” الذي نال ثقة واحترام السودانيين الذين يعتبرونه “رمز” الثورة السودانية، ولكن الشاهد أن مخاوف الشارع السوداني تحققت بتراجع دور التجمع في قيادة الشارع بسبب الخلافات، ولم يعد صامداً ومحافظاً على رمزيته بتجاوزه خطاب التخوين والخلافات التي عصفت به.
ولم يعد تجمع المهنيين ممثلاً للقطاعات النقابية في قضية الوطن بسقوطه في مستنقع السباق السياسي داخل سكرتاريته، وتماهياً مع موقف الحزب الشيوعي رفض التجمع في فبراير الماضي لقاء مبعوث الأمم المتحدة الخاص فولكر بيرتس.
واتهم التجمع، في بيان على تويتر، بعثة المنظمة الدولية (يونيتامس) في البلاد بالتقاعس عن إدانة الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر، والانحياز للقادة العسكريين.
وظهر التجمع في تحالف القوى الجذرية رافضاً لكل المكونات الأخرى في الانضمام للتحالف ما أثار شكوك المراقبين، حول كونه مظلة من مظلات الحزب الشيوعي وذراعاً من أذرعه ما جعل الشارع غير مستجيب لخطابه.
ويقول الناشط القانوني معاذ زكريا إن التجمع هو من قاد التظاهرات، وكان مسؤولاً عن تنظيمها وتجديد جداولها ومواقيتها.
ويمضي معاذ بقوله وفق صحيفة (الحراك)، أنّ في تلك الفترة لم يكن بحجم التباينات داخل التجمع واضحاً، ولم تكن هناك ملامح مقاربات بينه وبين الأحزاب السياسية، إلا أنه ما بعد الثورة تباينت تبايناً كبيراً؛ وهذا ألقى بظلاله على تجمع المهنيين.
ويقول معاذ ‘المشكلة بالنسبة للتجمع في اعتقادي أنه تأثر بالتجاذبات السياسية الحاصلة دي”. ويستطرد (كان الأولى أن ينأى بنفسه عن العمل السياسي؛ ويتفرغ للعمل النقابي).
ويتابع قوانين الفيزياء لا تقبل الفراغ؛ والثورة كذلك؛ لهذا فإنه من الطبيعي أن الحيز الذي كان يشغله التجمع وقيادته للثورة، تراجع أمام جهات أخرى مثل لجان المقاومة.
ويرى معاذ بأنه لا يمكن النظر لحالة الانقسام في التجمع بمعزل عن الانقسامات التي أصابت كل قوى الثورة، ودوننا نموذج الحرية والتغيير التي أصبحت جناحين متناحرين.
ويعتقد المحلل السياسي د. مصعب فضل المرجي أن تجمع المهنيين اغتال نفسه بالخلافات وخطابات التخوين التي لاحقت قياداته القديمة والتي كانت لها القدح المعلى، في إسقاط نظام البشير. ويمضي مصعب بقوله “يجب أن نتحدث بصراحة تجمع المهنيين لم يعد ذلك الجسم الذي كان يحظى بثقة الشارع ولجان المقاومة، وأعتقد أن هناك أيادٍ عبثت به ليلغي دوره في الفعل الثوري ونجح في ذلك، واتهم مصعب الحزب الشيوعي بلعب دور كبير في قتل تجمع المهنيين باختلاق خلافات داخل جسم التجمع، وفرز الكيمان وتوزيع صكوك الوطنية والتخوين.