مقالات سياسية

اسنان حاج الصافي … تدمير ممنهج

وميض الامل
د. صبوح بشير

قبل سبعة اشهر تقريبا كنت زائراً لقسم الاسنان بمستشفى حاج الصافي ببحري معانياً من ألم شديد في الاسنان ،حين ولجت للمشفي وجدت مجموعة من الموظفين وأطباء وطبيبات الاسنان الذين يتسابقون لخدمة المريض وإرشاده نحو الإجراءات اللازمة للدخول علي الطبيب ، كانت عيادات المشفي تضم طاقم طبي من الشباب الحي الذي يحمل بين جوانجه الوطن ويجتهد في رفعته بعيداً عن اطماع السياسيين وأحلام الانتهازيين، كانت المقابلة تتسم بالهدوء واللطف الذي يبعث الراحة والطمأنينة في داخل كل المرضي حيث يقدم المستشفي خدمته لمعظم مواطني محلية بحري والذين كانوا يتدفقون من اطراف وحواضر المحلية، بعد شهور من تلك الزيارة حملني الالم لذات المشفي حيث كنت ممارضاً لطفلي الذين كانا يعانياً من الالام في الاسنان فوجدت ذات الترحاب والتواضع واللطف من قبل الطاقم بالمستشفي والحرص علي تقديم خدمة طبية ذات جودة عالية رغم ضعف الامكانيات وقلة العائد الذي يتلقاها الطاقم العامل وهو بلاشك لايساوي حتي ثمن وجبة الافطار التي يتناولونها ناهيك عن ثمن تذكرة المواصلات التي تقلهم الي تلك البقعة.

مابين الزيارتين والزيارة الاخيرة قبل يومين اختلف الامر في مستشفي اسنان حاج الصافي فماعادت الخدمة المقدمة للمواطن علي قدر المطلوب من الجودة والاهتمام وذاك ليس لعيب في الطاقم الموجود في المستشفي، ولكن لعيب في طريقة إدارة المرافق الصحية في البلاد وخصوصاً في مجال صحة الفم والاسنان حيث شهدت المستشفي تدهوراً كبيراً في مستوي الخدمة فمعظم الخدمات العلاجية التي تقدم للمرضي صارت خارج خارطة التشغيل عدا (الكشف الطبي وعمليات الخلع) اما نظافة اللثة فهي تمارس بشكل احترافي”تشكر عليه طبيبة الاسنان التي قامة به لي رغم صعوبة الوضع الذي يعيشونه” لكنها مرهقة للكادر الطبي حيث تتم عن طريق “النظافة اليدوية التي تستهلك زمن كبير من الطبيب والذي يقارب الساعة والنصف ” لان اجهزة النظافة تعاني من عطل لم يتثني اصلاحه حتي لحظة كتابة هذا العمود بسبب “إضراب مهندسي الصيانة” إحتجاجاً علي عدم صرف رواتبهم لعدة شهور، إضافة الي مطالبتهم بتحسين شروط الخدمة وبيئة العمل ،حتي اجهزة الاشعة التي تحدد التشخيص السليم للطبيب تعاني من تعطل “طابعة التقرير” وصادف ان حدث لي في هذا اليوم ان تم اخذ الصورة وتفاجأة بأنه كي احصل علي “صورة الاشعة” يجب ان التقط لها صورة من هاتفي المحمول بسبب عطل في الطابعة وكانت الصدمة لي ان هاتفي إنطفأ “نتيجة لقطوعات الكهرباء التي تحرم الهواتف من الاستمتاع بالشحن الكامل ” رغم ان الدولة نفذت لموظفي شركة الكهرباء الذين اضربوا عن العمل كافة مطالبهم ورفعت لهم سقف الاستحقاق المالي بمايعادل راتب ثلاث او اربع من اطباء الاسنان الذين يكابدون ذات ظروف الكهرباء ويدخلون لخزينة الدولة مبالغ ربما تكون اكبر من مبالغ تحصيل الكهرباء الا ان فئات العالمين في الصحة من كافة التخصصات دوما هم اخر من يجد التقدير والاهتمام من الدولة في حين انه في الدول المتقدمة نجد ان الكوادر الطبية والعاملين في مجال الصحة هم من اعلي المرتبات ،ماعلينا لكن لم ينجدني من ورطة ضياع “صوة الاشعة ” الا هاتف احد الطبيبات حيث قامت بإخذ الصورة وارسالها لي وهي عادة يمارسها الاطباء خدمة للمرضي وعوناً لهم وتسهيلاً عليهم “ذات الوضع عايشته قبل سبعة شهور وهو مستمرالي الان،اما المواطنين الذين يعانون من امراض اخري ويحتاجون علاج من شاكلة “الحشوات او معالجة الجذور” فليس امامهم الا العيادات الخاصة.

ختاماً من هم علي رأس المسؤولية الان بوزارة الصحة ولاية الخرطوم يقع عليهم اللوم والتقصير في معالجة مشكالات عيادات الاسنان الحكومية فهل عجز الطب العلاجي عن توفير معينات التشغيل لتلك العيادات وراءه قصد لزيادة معاناة المواطنين ام ان الطب العلاجي وادارته لاتعرف عن نقص معينات التشغيل تلك شئياً ؟؟.

ومما لاشك فيه ان ضعف الاهتمام بمستشفيات وعيادات الاسنان بولاية الخرطوم هو مسؤولية مباشرة لوالي الخرطوم قبل وزارة الصحة بالولاية فمايحدث الان هو عبارة عن تدمير ممنهج لمشافي وعيادات مجهزة بأحدث الاجهزة وافراط في الضرر علي المواطن الذي يمم بوجهه صوب المراكز الخاصة لمعالجة أمراض الفم والاسنان،وممالاشك فيه ان فاتورة الخاص اسعارها مضاعفة عليه خصوصاً وان تلك المراكز تدرك ان المشافي والعيادات الحكومية تعاني من نقص في معينات العمل وادوات التشغيل ،ولو كلف الوالي ذات نفسه او أحد المسؤولين في وزارة الصحة مشقة الوصول الي احد تلك العيادات لعرف حجم المعاناة التي يمر بها المواطن جراء تعطل معظم الاجهزة فيها الخاصة بالاسنان وتنتظر تواضع “المهندسين المضربين عن العمل ” لكي يرفعوا تلك المعاناة عن كاهل المواطن عبر إصلاح اعطاب الاجهزة،وتنتظر عناية الدولة والنظر بعين الرافة للمواطن الغلبان وتعينه في تخفيف معاناته عبر توفير معينات التشغيل .

ومضة اخيرة :

الصراع الذي يدور في وزارة الصحة بشقيها الاتحادي والولائي المتضرر منه الوطن والمواطن والكوادر المهنية التي اعطت من جهدها ووقتها للوطن ولم تبخل بشئ،ولن يكسب السياسيون من ذلك غير الضرر لاقرب الناس اليهم “وعن هذا نتحدث مقبل الايام “.

[email protected]

تعليق واحد

  1. ” لان اجهزة النظافة تعاني من عطل لم يتثني اصلاحه..”؟؟؟ بل تثنى اصلاحه لأنه لو لم يتثنى لتم اصلاحه! عيب أن تحصل على الدال ولا تُحَصّل أبجديات اللغة!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..