مقالات سياسية

لطمة جديدة للتسوية ، في طريق انتصار الشعب !! 

أحمد عثمان عمر 
سطرت مليونية التاسع والعشرين من سبتمبر ٢٠٢٢م، عودة زخم الشوارع وامتداد الحشود المزلزلة على مد البصر، وتأكيد سيادة الجماهير على شوارعها وتصميمها العنيد على الانتصار . بعد أن ظنت العصابة الحاكمة – وظنها كله اثم- أن الحراك الثوري الى انحسار ، وتوهمت قوى التسوية ان الوقت اصبح مناسبا للتحول الى الهجوم. فاجأتهم الجماهير بتحرك مزلزل وواسع نحو القصر، رافضا لاي تسوية او شراكة او مساومة ، وبحراك اقليمي واسع مؤكدا على مدنية خالصة لدولة الإنتقال وهزيمة كاملة للجنة الامنية للإنقاذ ، شاركت فيه مدني والقضارف وعطبرة ودنقلا وغيرها من المدن.
واكب هذا الحراك عمل جاد لتوحيد مواثيق قوى الثورة في ميثاق واحد، وخلق مركزها التنسيقي الموحد . وهو جهد نجاحه حتمي، مهما فعلت قوى التسوية المدعومة دوليا بشقيها ، ومهما تباطأت خطواته او تاخر الإعلان عنه. كذلك جاءت المليونية وسط موجة من الاضرابات المطلبية ، التي لم تقتصر على الفئات العمالية والمهنية كالسابق فحسب، بل شملت تجار بعض المدن الذين توقفت اعمالهم نتيجة للضرائب الباهظة، التي فرضتها العصابة الحاكمة لملء خزينتها الفارغة من جيب المواطنين، مع الحفاظ على منهوباتها التي تشكل اكثر من ٩٠٪ من اقتصاد البلاد، ومحاولة ايهام المواطنين بأن المسئول عن ذلك هو وزير مالية الإنقلاب المزمن ، في حين أنه يمثل مخلبا للقط فقط لا غير.  والاضرابات المذكورة ، يجب استخدام عنفوانها بطريقة مثلى لانتزاع حق التنظيم النقابي الفئوي ، تاسيا بنقابة الصحفيين ، وتمهيدا للاضراب السياسي العام المرتقب.
هذا الحراك الجماهيري الذي سدد لطمة موجعة لقوى التسوية ، وردا ماديا وعمليا على محاولاتها المتجددة لتسويق التسوية الميتة سريريا ، يشكل رسالة ذات مغزى لمن اراد ان يعتبر ويتدبر. فقوى التسوية توهمت بأن الشوارع الى تراجع ، وانها تستطيع الآن فرض تسويتها ، وبادرت لتسويقها من وراء حجاب ، عبر محاولة فرض مشروع الدستور الانتقالي التسووي المفضوح ، المنسوب الى لجنة تسيير نقابة المحامين ، والذي سرعان ما ايده زعيم الجنجويد ، وحظي بدعم الآلية الدولية المنظمة لشراكات الدم ، وأخيرا بدعم علني من السفير الامريكي الذي يسوق لحكومة مدنية لا لدولة مدنية، مثله مثل جميع التسوويين وقوى الهبوط الناعم. هذه الحكومة المزعومة، يحكمها مجلس امن ودفاع هو العصابة الحاكمة الآن نفسها ، تحت رئاسة رئيس وزراء مدني لا حول له ولا قوة، يخفي طبيعة سلطة اللجنة الامنية ويخضع لإرادتها عبر المجلس المزعوم. ولتسويق هذه الصفقة المجربة والمحتم فشلها ، تتبع قوى التسوية أسلوب الهجوم الشامل على القوى الثورية. وتحدثنا عن العقلانية وإستحالة هزيمة العسكر والجنجويد في اطار السلمية ، وكأن المخلوع البشير سقط بثورة مسلحة و اجبرت لجنته الامنية على تنفيذ انقلاب قصرها تحت قصف الراجمات. أيضا تحدثنا عن المغامرة بمواجهة المجتمع الدولي في حال رفض تسويته، وتنسى ان هذا المجتمع الدولي لم يتبن التسوية الحالية ومشاريع شراكة الدم ، إلا في إطار مشروعه المسمى بالهبوط الناعم والذي وضع اصلا لتعويم نظام المخلوع البشير وفشل في تعويمه. ومن افشل مشروع تعويمه للمخلوع ، قادر بكل تأكيد على افشال مشروع شراكته الذي اثبت فشله وأنتهى بإنقلاب صريح للجنة الامنية. فالشعب -لمن لا يؤمن بقدرته و يدعو للتسوية- قادر على تحقيق اهدافه الجذرية واسقاط مشروع التسوية وإعادة العسكر للثكنات، بعد اسقاط اللجنة الأمنية وإعادة هيكلة القوات المسلحة وحل الجنجويد وجهاز امن الانقاذ ومليشيات التمكين. وحراك شارعه المبادر يأتي في هذا السياق ، بالرغم من مواجهته بالقمع المفرط الذي ادى الى تسعة و اربعين إصابة بعضها دهسا.
الواجب هو مواصلة الحراك والمحافظة على تنويع ادواته ، وتكثيف الجهد في اتجاه بناء مركز التنسيق الموحد على أساس ميثاق موحد يحمي مشروع التغيير الجذري ، وبناء النقابات الفئوية وتوظيف جميع أدوات الصراع النقابي بالمواكبة مع المواكب التي لن تتراجع ، وصولا للعصيان المدني والاضراب السياسي العام.
يقيننا ان شعبنا قادر على الانتصار على مشروع التسوية، وعلى قواها من العصابة الحاكمة والمدنيين الذين ادمنوا شراكة الدم وعز عليهم الفطام ، وما النصر الا صبر ساعة.
وقوموا الى ثورتكم يرحمكم الله!! .

تعليق واحد

  1. مشروع التسوية مشروع كيزاني لتوزيع الثروة والسلطة بين الكيزان والكيزان الجدد وبين المليشيات لتصفية الثورة والثوار و محاولة الجمع بين القاتل والمقتول وبين السارق والمسروق وبين الظالم والمظلوم ، الثورة و التسوية السياسية عدوان لا يجتمعان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..