مقالات سياسية

نظام الملالي في ايران والمتأسلمين في السودان

إلهام عبدالخالق / هاملتون -اونتاريو

يقيني أن حادثة اغتيال الشابة الايرانية الكردية ( مهسا أميني) علي ايدي بوليس الاخلاق( النظام العام الايراني) قد اعادت الي الاذهان تاريخ القمع الممنهج للنساء في معظم الدول التي اتخذت من الدولة الدينية آلة جهنمية لقمع المعارضين وقهر النساء وسجنهن ماديا و معنويا وأخلاقيا. ثمة سمة اساسية في انظمة الاستبداد أيا كان نوعها و قاسم مشترك اعظم وهو استهدافها للنساء بالقوانين والأعراف والتشريعات واخيرا وفي أعلى تجلياتها استخدام القهر بالقوة و الذي يستهدف اجسادهن حين تفشل التشريعات في سجنهن وفق تلك الاطر المعدة سلفا تحت دعاوى الدين والعرف والأخلاق. وهذا الحادث ليس بحادث معزول فهو حادث مكررففي عام 2015 توفيت الشابة ( فريناز) التي القت نفسها من الطابق الرابع هربا من محاولة الاغتصاب من قبل المخابرات الايرانية. مثل هذا الحادث مئات اخري غير مدونة اجبرت الاسر علي التكتم عليها تحت نير التهديد. هذه الوقائع ليست ببعيدةعن تاريخ القهر الذي تعرضت له المرأة السودانية تحت نير ( قانون النظام العام) والذي تعرضت فيه سنويا أكثر من 43 ألف أمرأة وفتاة للعقوبات المختلفة من جلد او حبس او غرامات.

ولسخرية القدر أن نظام الخميني بعد توليه الحكم عقب انتصار الثورة الايرانية فقط بأسبوعين في مارس 1979 قد اعاد فرض الحجاب قسريا وقام بالغاء قانون حماية الأسرة والذي كان أحد مكتسبات الثورة الايرانية التي كانت النساء في مقدمتها ، موقفا يكاد يطابق موقف الانقلابيين الان في السودان وهم يعيدون قانون النظام العام البغيض والذي تأثرت به النساء السودانيات بشكل اكبر من كل الفئات الأخري. وهنا يطرح سؤال نفسه وبشدة لماذا تظل اجساد النساء ساحة للجلاد ولماذا تشكل اجسادهن خطرا يريد بوليس الأخلاق احتوائه والسيطرة عليه؟ هذا الاحتواء من المدهش انه ياخذ اشكال تتبع لإيديولوجية الدولة فالتاريخ لا ينسى انه وفي عهد الشاه رضا شاه في عام 1938 تم تحريم الحجاب ! وتعرضت النساء اللائي يرتدين الحجاب للعقوبات. أذن أن لموضوعنا الماثل بين أيدينا علاقة وثيقة بالسيطرة على أجساد النساء ليست ذات صلة من قريب او بعيد بمعايير الحشمة والعفة!!

الاجابة علي هذا السؤال بها شقين، الشق الاول يفسر بأن فرض السيطرة على أجساد النساء هو أقصر الطرق لفرض سيطرة اجتماعية وسياسية ليس علي النساء فحسب بل على المجتمع كله. هنا يلعب المتسلط لعبة نفسية شديدة الأحكام ففي نظام قمعي به سلطة تراتبية وسلطة ذكورية تعتبر المرأة تابعة، تستهدف هذه السيطرة توصيل رسالة قمعية للنظام الاسري ومن ثم لافراد المجتمع ككل هذه الرسالة تخذل وتصم بالعار مجتمع باكمله فشل في التحكم بنسائه لذا فأن السلطة تأتيه من فوق وتكرس لسلطة الدولة على اكثر العناصر حساسية بمفهوم المجتمع الذكوري القهري وهو نسائه.

الشق الثاني للاجابة مرتبط بقوانين الثورة والتغيير الاجتماعي فالمجتمع الذي تقود ثوراته النساء وتتقدم الصفوف في عملية شديدة الدينامية تتخلص خلالها النساء من تاريخ القهر والتقييد هو بلا شك مجتمع يتقدم بخطى ثابتة تجاه حريته ومعظمنا يستحضر المقولة ( اذا اردت ان تقيس تقدم مجتمع فانظر الى وضعية المرأة في هذا المجتمع) .

ختاما التحية للمناضلات الايرانيات الأوائل اللواتي ضحين بحياتهن في سبيل تأسيس دولة ديمقراطية أمثال فاطمة أميني ومهرنوش ابراهيمي اللاواتي استشهدن على أيدي السافاك الإيراني قبل الثورة بسنوات قليلة. التحية لنساء دارفور اللاتي كانت اجسادهن ساحة لحرب الموارد والسلطة التحية لشهيدات وجريحات ثورة ديسمبر المجيدة ولكل من تعرضت للاعتقال والتعذيب والتشريد. والثورة مستمرة.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..