في بريد شعبة القبائل بجهاز الأمن والمخابرات

د. حامد برقو عبدالرحمن
(1) نصحني عبدالعزيز الذي كنت ضيفه – وهو طبيب ترك المهنة ليعمل بإحدي المحطات الإذاعية التي تبث من شرق افريقيا ان أنتهز الفرصة لإستخراج الرقم الوطني أثناء تزامن تواجدي مع وفد وزارة الداخلية السودانية بنيروبي.
سفارة نيروبي التي عمل بها كل من كمال عبداللطيف، محمد عطا ومطرف صديق من قبل كانت تمثل أهمية أمنية قصوى لحكومة المؤتمر الوطني أيام حربها على الآمنين بقراهم في جنوب السودان.
دون أدنى حماس وصلت السفارة ؛ بعد التحية قلت لهم “سمعت بان طاقم الرقم الوطني يتواجد عندكم في هذه الأيام جئت لأستفسر ان كان بإمكاني الحصول على الرقم لأنني معارض لحكومتك”
قلتها بتلك الطريقة .. بطبعي أحب المزاح.
ضحك جميع من كان يجلس خلف الكاونتر . تقدم أحدهم وقال لي “والله العظيم لو لا أنهم غادروا اليوم لأكملنا لك الإجراء” . اصروا علي شرب الشاي معهم لكن اعتذرت وغادرت وسط إعجابهم وصفاء ضحكاتهم. أحسست بأنني كنت مع سودانيين، حتى إن كانوا يعملون في جهاز المجرمين !! .
(2) بطبيعة الحال فإن أجهزة الأمن والمخابرات في أي ركن من أركان هذا الكون ليست بأمكنة (للصالحين أو القديسين) لكن القذارة تتفاوت من نظام الي آخر، وفقاً لمعيار الأخلاق والقانون عند ساكن القصر.
في حالة منطقتي العربية والافريقية تعطيك الإحساس بأن منتسبي الأجهزة الأمنية على عهد مع السماء بعدم الذهاب الي يوم المحشر أو المرور بالصراط للوقوف بجانب الآخرين أمام القاضي الأعلى الديان الذي لا ينسى.
هنا أسأل الاخ الفريق أول صلاح قوش الذي أدخل وظيفة (المغتصب) في جهاز الامن السوداني، كيف له ان يدفع الأجر لأناس يغتصبون السجناء والمعتقلين (أي نفس تلك وأي سوء). ؟ بل كيف له ان يتفنن في قتل أسرى الحروب الداخلية أو بعض من المجهولي الهوية الذين يتم القبض عليهم من الطرقات عشوائية بأساليب بشعة أمام أعين بعض المعارضين من أصحاب الفكر والرأي السياسي المخالف لهم لتخويفهم.
اين أسرى الجيش الشعبي لتحرير السودان واين اسرى حركات الكفاح المسلح الذين وقعوا في إيدي جهاز الامن والمخابرات السوداني؟ .
اين قبورهم ، بل اين أنصاف أجساد الذين قطعهم صلاح قوش إرباً إرباً انتقاما وتسلية وتخويفاً للاخرين؟ .
ما ذنب ذلك عامل البناء أو النجار الذي كان عائدا الي بيته في المساء بعدما ظفر بقطعة لحم وبعض الخبز لأطفاله الزغب قبل ان تتوقف بجانبه عربة بوكس من غير لوحات وتأخذه الي حيث لا يخطر بباله ولا ببال عصافيره الصغار في البيت ليقتل بأبشع الصور امام سياسي أو مفكر معارض لحكومة الإنقاذ ؟؟ .
أي قلوب بين ضلوع صلاح قوش والذين معه ؟ وأي عدم مخافة الله ؟؟ .
(3)
كأغنى جهاز أمن بالمنطقتين العربية والافريقية؛ وهو الوحيد الذي لديه ميزانية مفتوحة ويدير أكثر من ثلث إقتصاد بلد يموت رجاله بالمرض واطفاله بالجوع بينما تموت النساء بعسر الولادة لإنعدام المستشفيات وسيارات الإسعاف؛ تخلى عن مهامه الدستورية ليعمل على تفكيك الوطن قرية قرية بالتنسيق مع مخابرات دولة لم تتوقف عن الإضرار بنا منذ جدنا الأكبر بعانغي .
شعبة القبائل بجهاز الأمن والمخابرات (والتي مازالت تحت إمرة الفريق أول صلاح عبدالله والمعروف ب قوش- ضيف النظام المصري)؛ هي الشعبة الوحيدة التي تنشط اليوم لتدمير ما تبقى من الوطن.
يقيني ان كل التسجيلات الصوتية والتعليقات النصية البائسة والتي تضخ في وسائل التواصل الإجتماعي ومواقع الصحف الإلكترونية ؛ بعضها تتقمص شخصيات من الوسط والشمال والبعض الآخر من الهامش السوداني للتراشق بكل ما هو مقيت وكارثي؛ تقف وراءها شعبة القبائل بجهاز الأمن والمخابرات.
(4)
الدكتاتور الروماني السابق نيكولاي تشاوتشيسكو ؛ حكم بلاده بيد من النار ، كان بوليسه السري (سيكورتات) والذي يعتبر اقذر جهاز شرطة مر على البشرية في العصر الحديث يبطش بالناس كما جهاز الامن السوداني والذي مازال يديره بشكل عملي السيد صلاح قوش من القاهرة.
لكن عندما جاء وعد الله في ديسمبر عام 1989م لم يتمكن تشاوتشيسكو من تفجير العاصمة بخارست والتي كان قد لغمها ، بل قبض عليه وهو يهم بالهروب ليتم إعدامه وزوجته.
في هذه الأيام الفرح الكاذب يجتاح أوساط الإنقاذيين بإسترجاع أموال الدولة التي نهبوها من قبل وصدرت منهم وبعودة قادتهم من الخارج وخاصة ان الأشرار مازالوا يتحكمون في جميع مفاصل الدولة.
إلا أننا على بعد خطوات من ساعة صفر الشعب.
عندها (سيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون)
الي الأمام…
إنها ثورة حتى النصر !!
الرقم الوطنى اصبح على قارعة الطريق لكل من هب ودب واختلط الحابل بالنابل
رسالة في التنك يا دكتور؛ لعلهم يفهموا، لعلهم يحسوا، لعلهم يموتوا.