مقالات وآراء

امراة من فولاذ

علي بلدو

 

خواطر طبيب امراة من فولاذ!! احضرت لي ابنها قبل مدة من الزمن، و هو يشتكي من بعض الاعراض ويعاني من السقم جسما وبدنا ونفسا، واوعزت لي انها لم ترغب ان تذهب به لمستشفى حكومي عشان (ما يجيبو خبرو) زي ما جابوا خبر ابيها واختها من قبل سنوات خلون . وذلك بعد اوهام نقل العلاج للاطراف كما يزعمون والتي جعلت المواطن المسكين والاغبش يدفع ما تبقى من دم في المركز وفي الاطراف معا ولا يحصل على علاج ناجع في ظل وزراء النظريات ومدراء الواسطة والمحسوبية, والتي جعلت مستشفيات المركز مناظر ومستشفيات الاطراف مقابر. كان يبدو عليها رقة الحال وتعلو وجهها ابتسامة ناصعة لامعة الاسنان وتسر الناظرين., وبدت بثوبها الابيض انها من ذلك النوع الذي تعلم العمل والكد والاجتهاد وعرق الجبين, تدلت من يديها مسبحة ظلت تواظب على تحريك حباتها حتى اثناء المقابلة وهي تقول برباطة جاش : (يا ولدي الذكر ده ياهو النافعنا وجايب لينا البركة)، وكان وجهها الوضئ يذكرني ببعض نساء البلاد وهن يبالغن في المكياج وكريمات التفتيح والفسخ وغيرها من متلازمات الجمال وما به من مخاطر صحية، حتي غدون كمسخ مشوه ولو اطلعت عليهن لوليت منهن فرارا وامتلأت منهن رعبا!! كان ابنها، وقتها يعاني اشد المعاناة وهي تخفف عنه وتقول في ردها على سؤالي حول ابيه ان والده قد (طفش) منذ سنوات وترك لها ابنها المريض وثلاث بنات ولم يبن له اثر بعدها، وفسرت لي ذلك بان (العيشة غلبتو) والي اليوم. ’ واستحضرت حينها من طفشوا وهجوا من البلد بمحض ارادتهم وعبر مطار الخرطوم، بعد ان غلبهم الوضع وادعوا بعد ذلك النضال والكفاح وعادوا عبر المطار نفسه وبجوازاتهم الاجنبية لاقتسام الكيكة وقبض ثمن الكفاح المزعوم،. واعادتني تلك السيدة للعمل وهي تقول انها في سبيل تربية ابناءها الصغار بدات في العمل وبكل المهن حتى انها حملت قصعة المونة على ظهرها ذات مرة ضاق فيها الامر وكما عملت ببيع الشاي والكسرة الى ان افتتحت مطعما خاصا بها تسترزق منه هي واسرتها وكيف انها علمت بناتها حتى المرحلة الثانوية ثم تزوجن جميعهن (احسن عرس) كما قالت. وهنا استحضرني ذكر بعض نسوة المدينة والذين ملاوا الدنيا ضجيجا وصخبا من تصريحاتهم الضاربة ووقفاتهم الاحتجاجية المضحكة ومعارضتهم الناعمة, حيث يشارك الابن وتعارض البنت ويمسك الاب العصا من النصف ويحاولن اقناعنا بانهن قد اتوا من السماء بينما باقي شعبنا المسكين قد جاء من الارض وبالتالي كما يقال البتجي من السماء تحملها الواطة ,الا ساء ما يحكمون وباطل ما يظنون . وتذكرت نساء الغفلة واللاتي اختزلن الحرية في شرب السجائر ولبس البناطلين والتعري والشذوذ وباطل القول والعمل وهن يدعين الحرية والليبرالية وهي منهن براء والحقن بالنضال والكفاح اشد الضرر وما بهن من النرجسية وحتى اكل اموال الناس بالباطل والعمالة والارتزاق, ثم يدعين وصلا بالكفاح وهو منهن براء. الف مرة. لم تجعلني (حاجة حواء) استرسل بعيدا قبل ان تشكرني و تؤكد لي انها ستحضر للمقابلة بعد شهر وهو كما قالت ثلاثين صباحا, وفسرت لي ذلك بانها امية لا تقرا ولا تكتب ولكنها تعد الايام بالصباحات وتعلمت ذلك منذ طفشان زوجها والى الان . وهنا ايضا وبرغم ارادتي سرح خاطري بعيدا عن موعد اشراق صبحنا وميقات انبلاج صباحنا وميعاد قدوم غلسنا وغسقنا والذي طالت في المسير اليه التناكر والتذاكر والمواكب والمسيرات والاضرابات والخروبات والنزاعات وهلم جرا ! وكما تذكرت الذين طفشوا وهجوا من الساسة والقادة بسبب السخانة في الاجواء’ و ادمنوا حياة الغرب وفنادقه وفلله وبعد ذلك يتحدثون عن النضال والكفاح وهم في ثرائهم يتقلبون، ولم نسمع ان واحدا منهم او واحدة او من اسرهم قد اصيب بقارورة مياه فارغة، بينما يتباكون علي الشهداء الكرام بدموع التماسيح ويشاركون باسمهم النبيل في المحافل والورش داخليا وخارجيا، بينما, امثال حواء المناضلة الحقيقية تعيش من عرق جبينها ’ كدرس لاولئك الارزقية والموهومين. خرجت حاجة حواء بصحبة ابنها بعد نهاية المقابلة مثل النخلة هامة قامة واستقامة’ تمشي وكانها طود شامخ وبناء راسخ’ ضاحكة مستبشرة من نساء عينة( بابا قال ليكم) و (بابا جاي)، ونسوة شيلني واشيلك وناسي وناسك، لتذكرهم بانهن من ورق وخشب اسن ’ اما هي فانها وبحق امراة ولكن من فولاذ.

 

[email protected]

‫3 تعليقات

  1. د. بلدو: حُكّام الإنقاذ رغم ما يُقال عنهم، وما تم إثباته ضدهم، إلا أنهم أفضل بكثير جداً ممن رأيناهم خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة

    خلاص بديت تتكلم بالمورس
    طيب الناس البتعرفهم حيفكوهم ليك عشان يقعدوا في راسك تاني تلاتين سنة , بس المرة دي حيجوك بالوش التاني وياما حتشوف بتذكر قدام مدرسة جدك (بلدو ) في الابيض كان في واحد مجينين اسموا الضحاك طبعاً سميناهو نحن لأنو بيضحك بسبب وبدون سبب آهن ياما حتشوف من زي ده كتير بنات واولاد . بس خلي بالك بدل عيادتك الصغيرونه دي اعمل ليك (مشتشفي) حدادي مدادي وقول ( شكرن يا برهان ) وما تنسي تسلم لي علي حميدتي

  2. ” وهنا ايضا وبرغم ارادتي سرح خاطري بعيدا عن موعد اشراق صبحنا ”
    اكثر اللحظات ظلاما هي التي تسبق الفجر بلحظات
    فثورتنا الفتية كحواء الفولاذية ” مثل النخلة هامة قامة واستقامة “

  3. “حيث يشارك الابن وتعارض البنت ويمسك الاب العصا من النصف ويحاولن اقناعنا بانهن قد اتوا من السماء بينما باقي شعبنا المسكين قد جاء م”حيث يشارك الابن وتعارض البنت ويمسك الاب العصا من النصف ويحاولن اقناعنا بانهن قد اتوا من السماء بينما باقي شعبنا المسكين قد جاء من الارض” من تعني ايها الخلبوس، كنت فاكرك منفسن رسمي لكن لقيتك حريف وتعرف التعرضة المستترة. ن الارض” من تعني ايها الخلبوس، كنت فاكرك منفسن رسمي لكن لقيتك حريف وتعرف التعر*ة المستترة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..