أزمة ومأزق وورطة السودان

محمد صالح رزق الله
يمر السودان بمنعطف تاريخي خطير سيحدد بقائه أو فنائه كوحدة جغرافية متماسكة تعبر عن تعدده الأثنى والجغرافى . وهذه المرحلة لم يصلها السودان فجأة أنما كانت لها مقدمات وإرهاصات سبقت تكونه الحديث ، وعند تقليبنا لبعض صفحات تاريخ السودان الشبه موثوقة أى تاريخ مملكة كميت (كوش) وحدودها المتعارف عليها تاريخيا التى قامت عليها ، نجد أنه لم يتم خلال تاريخ السودان الحديث توحيد حدود دولة كوش تحت أى إدارة واحدة الا فى فترة المهدية وتحديدا حقبة دولة الخليفة عبد الله التعايشى ، من هذه المقدمة المبسطه نعرج الى لب موضوعنا (أزمة – مأزق وورطة السودان) .
من الأسباب الرئيسية لهذا الوضع المعقد هو أنقلاب الثلاثين من يونيو 1989م تحت مسمى نظام الأنقاذ ومن ورايه تنظيم الإخوان المسلمين والحركة الإسلامية العالمية ، وأول سؤال يتبادر الى الذهن من هم هؤلاء الذين كانوا خلف هذا الأنقلاب ؟ . أن تنظيم الإخوان المسلمين هو أحد تيارات الإسلام السياسي الذي نشأ وترعرع فى جمهورية مصر العربية على يد مجموعة من المصريين ، وتقوم دعوتهم على شمولية الإسلام وتعرفه (بأن الإسلام عقيدة وعبادة ووطن ودين ودولة وروحانية وعمل ومصحف وسيف) . ومن اشهر المؤسسين لهذه الدعوة هم : (حسن البنا ، احمد السكرى ، أحمد الحصري ، فؤاد إبراهيم ، عبدالرحمن حسب الله ، حافظ عبد الحميد ، اسماعيل عزة و ذكى المغربي). وصلت هذه الدعوة إلى ارض السودان عن طريق بعض الطلاب السودانيين الذين كانوا يدرسون فى مصر .
كان عام ١٩٤٦م بداية النشاط الفعلى للإخوان فى السودان على يد : جمال الدين السنهورى وهو شاب سودانى كان موجودا بمصر وكان ذو علاقة لصيقة مع حسن البنا وعاد فى ذلك العام لتأسيس نشاط الجماعة فى السودان بتكليف من حسن البنا ، وتم تكوين مكتب ادارى لنشاط الجماعة على رأسه الشيخ عوض عمر أمام ، وكان هذا قبل تعين الجماعة على طالب الله مراقبا عاما للإخوان فى السودان فى عام ١٩٤٨م ، وفى عام ١٩٤٩م نشأت حركة إسلامية فى كلية غردون التذكارية (جامعة الخرطوم لاحقا) وكان الهدف من قيامها مواجهة والحد من هيمنة الشيوعين للنشاط الطلابي ، وسميت تلك الحركة ((حركة التحرير الاسلامى)) وكان على رأسها محمد يوسف محمد وبابكر كرار ، تبنت الاشتراكية الإسلامية ورفضت التبعية لجماعة الاخوان المسلمين فى مصر ، وبحكم التقارب الفكرى والتداخل الكبير بين الحركة واتباع الاخوان المسلمين فى السودان ، نشأ صراع بين قيادة حركة التحرير وقيادة جماعة الاخوان المسلمين فى السودان وقرروا عقد مؤتمرا لحسم الخلافات بينهم ، عقد المؤتمر عام ١٩٥٤م وانتهى الى تبنى المجموعتين اسم الاخوان المسلمين ، ولم يرضى ذلك مجموعة محمد بابكر كرار وآثرت الانفصال وأطلقت على نفسها (الجماعة الإسلامية) والتى أسست فيما بعد الحزب الاشتراكي الاسلامى ، وكذلك لم تقبل مجموعة طالب الله الذى تمسك بشرعيته كمراقب عام للإخوان المسلمين بالسودان بتكليف من حسن البنا ، مما دعى تدخل المركز العام بمصر لحسم الخلافات وتم ذلك بتكليف واحدا من أعضاء مجموعة طالب الله كمراقب عام للإخوان بالسودان وكان ذلك هو المحامى الرشيدالطاهر بكر .
بدأ نشاط الإخوان السياسى فى نهاية عام ١٩٥٥م عندما عقدوا مؤتمرا حضره الحزبان الكبيران الأمة والختمية ، وعدد من الجمعيات الإسلامية ودعوا فيه لتأسيس الجبهة الإسلامية للدستور ، من أجل المطالبة بدستور إسلامي للبلاد بعد الاستقلال ، واختير عمر بخيت العوض عضو المكتب التنفيذي للإخوان المسلمين أميناً لها . وادبان ثورة اكتوبر ١٩٦٤م التى أطاحت بحكم عبود لمع اسم حسن الترابي الذي كان أستاذا بجامعة الخرطوم ، وأسس الترابى (جبهة الميثاق الإسلامي) التى ضمت الإخوان المسلمين وأنصار السنة والطريقة التجانية ، رافعين نفس المطلب القديم الجديد ألا وهو الدستور الاسلامى ، وقد حازت جبهة الميثاق الاسلامى فى انتخابات ١٩٦٥م على سبعة مقاعد فى البرلمان . ونجح الترابي فى توسيع عضوية جبهة الميثاق الاسلامى وتحويلها الى قوة ضغط فى البرلمان واستطاعت الجمعية التأسيسية لحظر الحزب الشيوعى السودانى وطرد عضويته من البرلمان فى نوفمبر عام ١٩٦٥م . وفى ابريل من عام ١٩٦٩م انتخب المؤتمر العام للجماعة حسن الترابي أميناً عاما لها ، وقد اغضب ذلك التيار التربوي للجماعة الذى لم يكن راضيا عن خط الترابي السياسي والجبهوي ، الذى يتوسع فى قبول العضوية وينتهج اسلوبا انتهازيا ، وقاد ذلك الى انفصال محمد صالح عمر الرئيس التنفيذي للإخوان وتبعه جعفر شيخ ادريس وعلى جاويش ، وظل هذا الانفصال فى طئ الكتمان بسبب انقلاب نميرى بعد شهر من مؤتمر الجماعة . وبعد فشل محاولة انقلاب العميد محمد نور سعد عام ١٩٧٦م الذى كان وراءه قادة المعارضة فى الجبهة الوطنية ومدعوم بجماعات مسلحة دربت وأعدت خططها فى ليبيا بدعم من حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي وجبهة الميثاق الاسلامى ، المعارضين لنظام النميرى ، ومن ثم تحول النميرى من اليسار يمينا نحو الاسلامين وعقد المصالحة مع الجبهة الوطنية المعارضة وقابل الصادق المهدى فى بورتسودان عام ١٩٧٧م بعدها قبلت غالبية المعارضة الانضمام للمصالحة ، واصبح الصادق المهدى وحسن الترابي أعضاء فى المكتب السياسى للاتحاد الاشتراكي السوداني بقيادة جعفر النميرى ، ولم يدم شهر العسل بين الصادق المهدى والنميرى طويلا واختلافا وغادر الصادق المهدى المصالحة وبذلك تمهد الطريق ليصبح الترابي عام ١٨٧٩م النائب العام فى نظام نميرى ، وقد عارض التربى فى ذلك الخط التقليدي للجماعة وعلى رأسهم الصادق عبدالله عبد الماجد ، ولكن الترابي كان يرى لابد من الاندماج مع النظام واختراقه من اجل اعادة بناء التنظيم الذى هده انقلاب نميرى ، واطلق على ذلك (التمكين) مستفيدا من الضربة التى وجهها النميرى للشيوعين بعد محاولة انقلابهم عليه فى عام ١٩٧١م . وفى سنة ١٩٧٩م تجدد الجدل بين اخوان السودان والجماعة الأم حول تبعية تنظيم السودان لها ورفض الترابي مبايعة التنظيم الدولى للجماعة ، وخالفه الصادق عبد الله عبد الماجد وبايع التنظيم الدولى للجماعة ووقتها كان فى السجن وانضم إليه الرافضون لرئاسة الترابي للتنظيم منذ ١٩٦٩م وتولى الحبر نور الدائم الأستاذ بجامعة الخرطوم قيادة فرع جماعة الإخوان المسلمين فى السودان ، واختار الترابي إلى جناحه من ذلك الوقت اسم (الحركة الإسلامية السودانية).
فى سبتمبر ١٩٨٣م أصدر نميرى قوانين سبتمبر لتطبيق الشريعة الإسلامية فى السودان ، وناصره الترابي بكل قوة فى ذلك وايده ، كما أبدى الترابي تحفظه حول الحكم الذاتي لجنوب السودان واستنكر الدستور العلماني واحترام الثقافة الغير إسلامية وقد كان من أحد شروط المصالحة الوطنية مع نظام نميرى مراجعة اتفاقية أديس أبابا لعام ١٩٧٢م التى بموجبها نال الجنوب الحكم الذاتي ، وقد كان الترابي ايضا عدوا لدودا للفكر الجمهوري ومؤسسة الأستاذ محمود محمد طه والذى عارض قوانين سبتمبر التى فرضها نميرى على الشعوب السودانية وأدانها بشدة ونفض علاقتها بالشرع الاسلامى وقال قولته المشهوره (هذا او الطوفان) اى ان هذا القوانين سوف تشعل الشارع السودانى والذى سيقضى على حكم الدكتاتور نميرى ، وقد تخابث ضده الترابى مع النميرى ودبر له محاكمة ملفقة بتهمة الرد عن الدين الاسلامى وفعلا أجريت المحاكمة وصدر الحكم بأعدامه شنقا حتى الموت فى عام ١٩٨٤م وتم تنفيذ الحكم عليه وإعدامه فى يناير عام ١٩٨٥م ، مما ادى الى اشتعال انتفاضة مارس أبريل المجيدة التى أطاحت بنظام الديكتاتور نميرى فى السادس من أبريل عام ١٩٨٥م . بعد نجاح انتفاضة مارس ابريل فى إسقاط نظام نميرى أسس الترابي (الجبهة القومية السودانية) والتى خاض بها انتخابات عام 1986م ونالت الجبهة القومية السودانية ٥٤ مقعدا فى البرلمان وأصبحت القوة الحزبية الثالثة بعد حزب الأمة والحزب الاتحادي ، وسرعان ما عاد الترابي لممارسة خبثه السياسى وألب الصادق المهدى على اتفاق السلام الذى وقعه الميرغني مع الجيش الشعبى لتحرير السودان بقادة جرتق قرن ، وتأزم الوضع وسقطت حكومة الحزبين وتحالف الصادق المهدى مع الترابي وتم إجهاض كل شعارات انتفاضة مارس ابريل ، مما مهد الطريق إلى انقلاب آخر بالبلاد. مما سبق سرده نأخذ فكرة عامة عن من هم الاخوان المسلمين ، ولكن ليس هذا كله الاخوان المسلمين او كما يطلق عليهم السودانيين (الكيزان) هؤلاء اسواء ما خلق الله من سلاسة أبينا آدم وسنرى ذلك . ومن سوء طالع السودان شعبا وأرضا ، نجاح انقلاب الاسلامين فى التاسع والعشرين من يونيو عام ١٩٨٩م بقيادة العقيد عمر حسن البشير وتدبير من حسن الترابي والحركة الإسلامية السودانية ، ضد حكومة الصادق المهدى المنتخبة بعد انتفاضة مارس ابريل عام ١٩٨٥م ، واول ما فعله الانقلابين الكيزان هو حل كل الأحزاب السياسية ومنظمات العمل النقابى والمدنى والاجتماعىً ، وادخل غالبية القادة السياسيين الى السجون وللتمويه كان حسن التربى من ضمن القادة الذين تم حبسهم فى سجن كوبر ، وتعد هذه فاتحة النفاق الذى يمتاز به الكيزان من دون الاخرين ، واول بوادر عنفهم اللئيم كان ضد انقلاب ٢٩ رمضان ضدهم ، فقد انتقموا لغبنهم الشره بقتل قادة الانقلاب بلا رحمة ولا محاكمة حتى صورية بل دفن البعض منهم وهم احياء ، بعد ان تلذذوا بتعذيبهم وإهانتهم بلا حياء وإنسانية ، ثم شرعوا فى اقتياد السياسين والمعارضين لهم زرافات الى سجون ابتكروها هم ، لكى يستطيعوا حشر اكبر قدر من إعداد الناس فى هذه الأماكن التى أعدوها لهم ، من بيوت فى الأحياء السكنية الهادية ومقرات مؤسسات الدولة وفى ما لايخطر بقلب بشر ، حتى اطلق على هذه الأماكن بيوت الأشباح ، حيث كان يتم تعذيب النزلاء فى هذه البيوت بكل أصناف التعذيب والذل والمهانه بما فيها اغتصاب الرجال والقتل بطرق بشعة تعبر عن عقدتهم النفسية وكراهيتهم لذواتهم المريضة الناقصة الغير قادرة حتى على مواجهة ذاتها ، من شدة كرههم لأنفسهم وسلوكياتهم اللاخلاقية انعكس ذلك فى تعاملهم مع الإنسان الآخر السوئ . ثم اتجهوا لتدمير مؤسسات الدولة بتصفية الخدمة المدنية في كافة قطاعات الدولة من موظفيها وعمالها وكوادرها المؤهلة تحت دعوة التمكين للجماعة ، واستبدالهم بعناصرهم الخاوية من كل معرفة وخبرة ، وكان شعارهم فى ذلك الفصل من الخدمة للصالح العام ، وأي ابتلاء ابتليت به أيها الإنسان السوداني ! ، انه لكيد ومكر عظيم ، وليتهم توقفوا عند هذا؟ وإنما لا فقد اتجه الأبالسة لنهب وتصفية مؤسسات الدولة من كل امكانياتها ومعداتها بعد أن شردوا كوادرها وموظفيها وعمالها ، انه لحقد دفين ؟ فباعوا كل آليات ومقدرات وممتلكات مؤسسات الدولة ولم يستثنوا شئ حتى غضبان السكك الحديدية والفلنكات الخشبية ، دمروا كل المصانع وبيعت ماكنتها حديد خردة ، حتى معامل الأبحاث الزراعية و الإنتاج الحيوانى والمعامل الطبية والبحثية تم تدميرها والقضاء عليها ، صفيت السكة حديد ، الخطوط الجوية السودانية ، الخطوط البحرية السودانية ، النقل الميكانيكي ، النقل النهرى ، سلاح المهمات الذى كان يزود الجيش لما يحتاجة من ملابس وأحذية وشنط المهمات ومعدات ميز الضباط والنوادى والعنابر للجنود ، وكذلك قضى على سلاح النقل الميكانيكي ، لم يسلم منهم شئ عاثوا فسادا وخرابا ودمارا في البلاد ، فككوا اكبر مشروع زراعى فى أفريقيا كلها (مشروع الجزيرة). ثم بدوا فى تغير معالم العاصمة والمدن والأرياف ، بتغيير أسماء الشوارع والأحياء وبيع وهدم المباني التاريخية التابعة لمؤسسات الدولة من مدارس ومستشفيات وحدائق وميادين عامة وغابات ومباني المحاكم والبلديات والجامعات ، اشلاقات البوليس والسجون فى كل مدن السودان ، وتلى ذلك هدم نظام التعليم برمته وتغيير السلم التعليمي والمناهج الدراسية وقضوا على معهد بخت الرضا الصرح الذى قام على أكتافه التعليم فى السودان ، وتمت تصفية الجيش والشرطة وجهاز الأمن من كوادرها المؤهلة وجئ بعناصرهم المؤدلجة بفكرهم الغريب المسموم . ولم يشبع كل ذلك نهمهم المريض وخبثهم التافه وديدنهم المنافق الانتهازي التبرير الكذوب ، وقصدوا بعدها تفكيك النسيج الاجتماعىً السودانى ، فأشاعوا اولا الفساد والانحطاط الأخلاقي والمادى والنفاق الدينى والسياسى والمحسوبية فى كل قطاعات الدولة ، ووشرعنوا وقننوا الفاحشة ما ظهر منها وما بطن وبأسم الدين حولوا حرب مطالب ابناء الجنوب الى حرب قدسية دينية ، وتحت غطاء العروبة اشعلوا الفتن القبلية والمشاحنات الجهوية ، وفتحوا حدود البلاد لمجموعات اجنبية واستخرجت لهم الجنسيات السودانية ، وتم استخدامهم كأذرع لتهيج المشاعر الاثنية وأحياء الغباين التاريخية ، وتم ارتكاب المجازر الجماعية في غالبية المجموعات الاثنية من اجل تأجيج الصراعات الجهوية والقبلية . وفى غياب الأحزاب السياسية والمنظمات والجمعيات الاجتماعية وفي ظل القبضة الامنية المحكمة تم تشريد الاسر وأفقارها بالفصل للصالح العام ، وتدهور الأداء المهنى للعاملين فى قطاعات الدولة وانحطاط التعليم بكل مستوياته ، وانفراد الشرزمة الكيزانية بكل مفاصل الدولة وسياسات الإعلام الموجه زايدا الفقر والعوز الجوع الذى دخل كل بيت سودانى تقريبا ، عدى بيوت المافية الإسلاموية الحاكمة ، تضعضعت كل الثوابت والقيم السودانية التى كانت سائدة قبل مجئ الأبالسة الحاقدين الى سدة الحكم بانقلابهم المشؤوم في السادس من يونيو / عام ١٩٨٩م وذلك نتيجة للسياسات المتبعة المقصودة من قبل نظام الإخوان المسلمين والإسلامويين من اجل تغير تركيبة المجتمع السودانى بتدمير كل بنياته الأساسية ماديا واجتماعيا وزرع بنية الأبالسة الحاقدين الاسلاموين عديمي الخلق والدين . وقد نجح الكيزان نوعا ما خلال الثلاثين عاما التى قضوها على سدة الحكم فى تغبيش وعي البعض بسياساتهم المناهضة للحربة وللانعتاق والمتضاربة مع حقوق الإنسان وكرامته ، والمجافية للقيم وللسلوك القويم ، المتسامحة مع الفساد والأفساد والمحسوبية والسلب والنهب للمال العام مع انعدم الحس والانتماء الوطنى ، وأستخدم الكيزان ما يسمونه فقه الضرورة لتبرير كل سلوكياتهم القمئة النتنة بما فيها الزنا فى شهر رمضان الكريم وبذلك استباحوا كل شئ حتى دماء الأبرياء وأعراض الرجال والنساء ، وتمكنوا شراء ذمم كثير من السياسين والناشطين وزعماء ووجها القبائل والمجتمعات بالعصا والجذرة ، وغزوا بذلك كل مواقع الحياة ، وزينوا للناس حب الدنيا وملذاتها وتنافسوا فى امتلاك العديد من النساء وركوب الفارهات والتطاؤل فى البنيان من قصور وفلل وحدائق غناء ، وأفقروا البلاد من كل شىء حتى من عقول ابنائها الذين تم ترهيبهم وأهاهانتهم وإجبارهم بشتى الطرق على مغادرة البلاد دون رغبة منهم وإنما من اجل البقا على قيد الحياة ، وظلت السودان ارض بور لهم يفعلون فيها مل بشأوون دون خجل او وازع ضمير او حياء ، انهم الكيزان كما ورد فى سابق ذكرهم ليس لهم للوطن او إنسانه اى ولاء ، انهم آفة ألمت بناء لثلاثة عقود من الزمان عجفأ خلفت في البعض منا (سلوكيات عقلية الكوزنة) التى ما زلنا نعانى منها ونراها ونشاهدها تتبختر فى أواساط بعض الساسة والنشطاء فى كل الأحزاب والحركات والمنظمات والمجتمعات ، تعمل دون وعي وادرك لخدمة جماعة الكيزان وحقبتهم السوداء ، ويمارسون نفس السلوك والأسلوب الكيزانى ويعتقدون انهم بذلك يقفون فى صف الثوار والثورة بل فى الحقيقة هم أنتهازيون حقراء أشرار ، والثورة والثوار منهم براءة مهما تلونوا وتحوروا وتدثروا بشعارات الثورة ، فهم مكشوفون بسلوكهم الكيزانى والذى يستبين من كتاباتهم وخطاباتهم وتغريداتهم على نطاق الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعىً حيث تفوح منها رائحة وسلوكيات عقلية الكوزنه ، التى تعمل على تفتيت السودان واثارة الكراهية والبلبلة بين شعوبه التى ثارت مؤيدة للثورة الديسمبرية وقادتها شباب لجان المقاومة وتنسيقياتها وقوى المقاومة الحيةً . وقولنا لهم مهما تمادت عقلية الكوزنة فلن يعود السودان الى الوراء والثورة منتصرة بوعيها وإدراكها للمرحلة ولما تقوم به مجموعات عقلية الكوزنة ،هذه العقلية هي سلوك قبل ان تتماهى وتتموضع كأيدلوجية للأسلامي ومفسدة ، مهما تلونوا وتخفوا خلف ستار شعارات الحرية والتحول الديمقراطي والسلام ، فهم واضحون لنا سليلى عقلية الكوزنة ، وحتما سيخبو عما قريب ضجيجهم ويحار دليلهم وهذا هو مصير كل الفاسدين المفسدين المساومين البائعين لدماء الشهداء الخونة . فالثورة والثوار يتعلمون ويتقدمون كل يوم صوب المرحلة دون استعجال مستوعبين لقضايا الواقع وتعقيداته المتشابكة ، منتبهين لكل خطوة يخطوها ومخاطر أعداء الثورة أرباب عقلية الكوزنة ، والنصر قادم أكيد قادم وهذا لا يعني أستخفاف بما تمر به البلاد من واقع يظن البعض انه ميؤس منه ، ونقول لهم الثورة ليست مربوطة بحقبة زمنية ولا هى نزه ترفيهية وقادتها وطلايعها لاينظرون بعيون المحبطين والمنكسرين ولا يفكرون بعقلية الانتهازيين المساومين وإنما يؤمنون بوصايا القادة التروس الشهداء الذين قدموا كل وأغلى ما يملكون لقناعاتهم بالانتصار على الأعداء والقصاص لدماء الشهداء ولا تراجع ابدا الى الوراء مهما قست وطالت الطريق وتساقط البعض فى الطريق وتهافت آخرون للمساومة ومشاركة القتلة الأعداء ، فلن يقبل الثوار بنصف ثورة لعلمهم بان هذا هو النكوص عن العهد وخيانة للشهداء ، لا تفاوض – لا مشاركة – لا مساومة . والثورة مستمرة حتى انتصار وأستكمال مهماتها .