يوم المعلم العالمى !!

أمير شاهين
تحية اجلال وتقدير واحترام للمعلمين السودانيين فى يوم المعلم العالمى !! .
” كيف تريدونى ان اساويكم بمن علموكم ” .
المستشار الالمانية السابقة انجيلا ميركل مخاطبة القضاة والمهندسين والاطباء الذين طالبوا برفع مرتباتهم لتكون متساوية مع مرتبات المعلمين.
بالامس الاربعاء 5 اكتوبر احتفل كل العالم شماله وجنوبه وشرقه وغربه بيوم المعلم العالمى World Teacher’s Day وهو احتفال يقام سنويا منذ العام 1994م بمبادرة وتوصية من اليونسكو ومنظمة العمل الدولية ، ويهدف الاحتفال بلاحتفاء بالمعلم وتكريمه مع وضع التوصيات من اجل تنمية وتطوير المعلمين والعملية التعليمية . وكالعادة فان اليوم مر علينا فى السودان مرور الكرام وكما يقولون لا حس ولا خبر !! فالناس مشغولين بالسياسة والسياسيين ونسوا امر المعلمين ورثة الانبياء , واكاد اجزم باننا البلد الوحيد فى العالم الذى يضع المعلمين فى مرتبة متاخرة من الاهتمام وذلك بخلاف دول العالم المتقدمة التى بنت نهضتها وتقدمها ورفاهية شعوبها من خلال وضع التعليم فى اعلى سلم الاولويات , فمثلا سنغافورة البلد الصغير المساحة بحجم مدينة والفقيرة فى الموارد اصبحت اليوم من دول العالم المتقدمة بفضل الاهتمام بالتعليم , ففى مقابلة مع لى كوان يو اول رئيس لسنغافورة وبانى نهضتها يقو ل:
“انا لم اقم بمعجزة فى سنغافورة , انا فقط قمت بواجبى تجاه وطنى فخصصت موارد الدولة للتعليم وغيرت مكانة المعلمين من طبقة بائسة الى ارقى طبقة فى سنغافورة , فالمعلم هو من صنع المعجزة وهو من انتج جيلا متواضعا يحب العلم والاخلاق بعد ان كنا شعبا يبصق ويشتم بعضه فى الشوارع !!” بالله شوف وقارن هذا الرجل وطريقة تفكيره بما لدينا الان مثل ناس حدس ما حدس . اما فى ماليزيا حيث المعجزة التى تجسدت فى شكل وطن فالزعيم مهاتير محمد يقول انه ليست هنالك دولة نامية فى العالم انفقت على التعليم بقدر ما انفقت ماليزيا ويضيف ان اهم درس تعلمته فى الحكم ان مشاكل الدول لا تنتهى ولكن علاجها جميعا يبدأ من التعليم. اما فى المانيا الدولة المثالية والمتفوقة فى كل المجلات فقد ادهشت العالم بتعظيم العلم والمعلمين ففى المانيا ان رواتب المعلمين هى الاعلى ومش زى عندنا حيث اذكر انه كانت هنالك اغنية من اغانى البنات قبل فترة من الزمن ترفض فيها البنت الزواج من المدرسين لانهم وكما تقول الاغنية ” المدرسين المفلسين” فقد طالب القضاة والاطباء والمهندسين من المستشارة السابقة انجيلا ميركل رفع رواتبهم لتصبح متساوية مع مرتبات المعلمين وقد رفضت ميركل هذا الامر وكان ردها مقنعا ومفحما فى ان واحد اذ قالت لهم كيف اساويكم بمن علموكم ؟؟ .
وعندنا فى السودان فان الامور تمشى بالمقلوب ! فالبدايات دائما تكون حسنة ولكن النهايات ليست كذلك ! فمثلا عرف السودانيون جودة التعليم ورفعة مكانة المعلم منذ الثلاثينات عند تاسيس معهد بخت الرضا في عام 1934م، على يد مستر غريفيث (بالإنجليزية: Mr. Griffith. وفى بخت الرضا عرف السودانيون ولاول مرة تاهيل وتدريب المعلمين اى اكسابهم المعارف والمهارات اللازمة التى تمكنهم من التدريس الجيد وفى أكتوبر من العام 1934م تم نقل مدرسة العرفاء (مدرسة إعداد المعلمين) من كلية غوردون إلى بخت الرضا. وتم افتتاحها رسمياً في ذلك التاريخ. وكانت مدة الدراسة في بداية مدرسة العرفاء وفي بخت الرضا في سنواتها الأولى أربع سنوات بعد اكمال المدرسة الأولية. ثم رفعت إلى خمس سنوات في 1940م ثم رفعت إلى ست سنوات في 1944م. وتم إنشاء أول قسم للتفتيش الفنى في تاريخ التعليم بالسودان , وفى الجانب الاخر عرف السودانيون طباعة الكتب المدرسية وتاليف المناهج وتطويرها وتنقيحها بل وكانوا اكثر يمارسون بما يعرف الان بعلم :
Controlled document اي المستند الخاضع للرقابة وهو أي كيان رقمي أو نسخة مطبوعة يتم طلبه من قبل منظمة او مؤسسة معايير أو وكالة تنظيمية لإدارتها ضمن عملية خاضعة لرقابة صارمة تحافظ على سلامة محتوى المستند من خلال المراجعات الدورية !! وتخيل انه منذ ذلك الوقت كان السودانيون غلى علم بمثل هذه الاشياء !! وبالرغم من انجازات بخت الرضا وخدماتها الجليلة للوطن فهنالك سودانيون لا ينظرون بعين الرضا الى تجربة بخت الرضا و يقومون بتوجيه النقد اللاذع لها وصحيح ان لكل شئ تقريبا ايجابيات وسلبيات ولكننا نعتقد جازمين بان الايجابيات تتفوق على السلبيات ونسى هؤلاء انه قبل بخت الرضا لم يكن هنالك لا تربية ولا تعليم ولا مناهج ولا كتب ولا يحزنون ولعل خير دليل على نجاح بخت الرضا هو المستوى المتقدم والسمعة الطيبة للمعلم السودانى فى المنطقة فهو الافضل من جميع النواحى على غيره من بقية الجنسيات العربية الاخرى وكذلك الحال للتلميذ السودانى الذى كان الافضل فى المعارف والعلوم على ما عداه فى بقية الاقطار العربية , واذكر ان احد اصدقائى الاردنيين المتخصصين فى التعليم العام قد ذكر لى انه مندهش من غزارة المعلومات لدى طلاب مدارسنا (طبعا كان هذا قبل خرمجة التعليم ونظام ال8 سنين) فقال لى ان الطالب السودانى فى عمر ال10 سنين كان يعرف جغرافية العالم حيث يستطيع ان يذكر لك كل عواصم العالم واطول الانهار واعلى الجبال وتاريخ المنطقة واهم ملامح الادب العربى والفقه الاسلامى .
ونحن بدورنا نقول لمعلمينا بوركتم جزاكم الله خيرا أحسن الله إليكم جعلكم الله في الدنيا والآخرة فلولاكم لما كنا ولكم الفضل علينا بعد الله سبحانه وتعالى , وكل عام وانتم بخير .