الإنقلاب يخذل الإيغور .. والخذلان من طبع الكيزان !!

د. حامد برقو عبدالرحمن
(1) أول عهدي وعن قرب بالإيغور أو الشينجيانيين الصينيين المسلمين كان مع
(مليكة) الايغورية، ومعلمة اللغة الانجليزية التي كانت تحضر كورسات في تلك اللغة بحامعة شاآن في مدينة شيان بشمال وسط الصين ،حيث كنت احضر كورساً قصيرا في اللغة الصينية بالجامعة ذاتها.
حكت لي مليكة الكثير والمثير من معاناة إخوتنا الإيغور.
إلا ان شكوتها الشخصية كانت عن عدم قدرتها على اداء صلاتي الظهر والعصر ، بسبب تواجدها في المدرسة هناك ارومتشي (عاصمة اقليم شينجيانغ) والذي ضمه النظام الشيوعي البغيض في أكتوبر 1950م وليحذف أسمه الأصلي تركستان الشرقية.
برغم أنني لست فقيهاً كما ان وقتها لم ألتق (بالمتفقهين اللصوص أكلي السحت من شاكلة صاحب فتوى قتل المتظاهرين من أمثال الشيخ عبدالحي يوسف)؛ إلا أنني أجتهدت في تلقينها بعض امور دينها ،ثم نصحتها ان تصلي الظهر مع الفجر ، بينما تأخر العصر لتصليها مع صلاة المغرب عندما تعود الي البيت بعد الدوام المدرسي ، طالما الحكومة ستعاقبها بالطرد اذا ما ضبطت وهي تسجد لله الواحد .
أكملت الكورس، غادرت الصين وفي قلبي بعض الألم !!.
(2) مرت السنوات على عجل عندما أُعلن عن قيام المنتدى الافريقي الصيني الاول في أغسطس 2012م . حينها كنت أشغل منصباً بتجمع للقطاع الخاص في منطقة شرق افريقيا.
الدعوة كانت موجهة للحكومات الافريقية ومنظومات القطاع الخاص. ما لفت نظري في خطاب الدعوة والذي من قبل جمعية الصداقة الافريقية الصينية ان رئيسها الصيني اسمه عبدالله عبدالرشيد ، وعبد الرشيد هو ايضا يشغل منصب نائب الهيئة الإستشارية المركزية ، وهي آعلى هيئة استشارية بالدولة الصينية. فرحت لوجود مسلم في ذلك الموقع ،رغم ما اعرفه من إستعداء الصين لديانات السماء .
المنتدي الإفتتاحي المذكور كان تحت شعار (المنتدى الافريقي الصيني الاول للتجارة و التعاون و الحكم المحلي) حضرته معظم الحكومات الافريقية في الفترة من 27- 29 أغسطس 2012م. و الذي اعلنت فيه الصين تقديم 16 مليار دولار كقروض ميسرة لمشروعات البني التحتية في القارة. مر عقد من الزمان ولم تستوفي اي دولة من دول القارة لشروط ذلك القرض – برغم ان شروط القروض الصينية ميسرة وهي في الأصل شكلية.
(3) من طرائف ذلك المنتدى؛ العدوانية غير المبررة والتي أظهرها الوفد السوداني (الكيزاني) تجاه اخوتهم الجنوبيين؛ وخاصة ان الجميع كانوا نزلاء بفندق واحد.
كانت بطاقات المشاركين على النحو التالي: الحمراء للرؤساء ورؤساء وزراء الدول ، البرتقالية للوزراء ، البنفسحية لحكام الاقاليم ونواب الوزراء . بينما البطاقات الخضراء للمشاركين من القطاع الخاص ولمن دون حكام الأقاليم من الموظفين الحكوميين.
كان تمثيل كل من السودان وجنوب السودان منخفض المستوى (حيث مثل السودان كل من البروفيسور الزبير بشير طه والدكتور عبدالرحمن خضر كلاهما يشغل منصب الوالي ، بينما مثل جنوب السودان، محمد باب الله (وزير الحكم المحلي السوداني السابق وعمدة مدينة جوبا أنذاك).
منح البطاقات بألوان مختلفة خلق نوع من الحساسية بين الوفدين( السوداني والجنوب سوداني).
هنا تدخلتُ عند المنظمين الصينيين لأشرح لهم ان جنوب السودان انفصل للتو عن السودان لذا فإن منح بطاقة بدرجة اقل للوفد الجنوبي في اول مشاركة خارجية بصفة دولة مستقلة يعطي شعور غير مريح.
لكن المضحك ان الصينيين إستجابوا لمرافعتي (بزيادة المحلبية) عندما منحوا ممثل جنوب السودان والذي دون نائب الوزير بطاقة الرؤساء ، مع ابقاء بطاقات دون الوزراء للوفد السوداني.
في ذلك المنتدى لعب الصيني المسلم عبدالله عبد الرشيد دوراً محورياً، شعرنا معه ببعض العزاء . كان ذلك في أواخر أيام الرئيس الصيني السابق خو جنتاو.
(4) ما يتعرض له إخوتنا الإيغور في تركستان الشرقية أو شينجيانغ من قهر وتنكيل، اخفاء قسري، عمالة قسرية ، سجن في معسكرات اشبه بمعسكرات النازية وطمس للهوية ، بل الإغتصاب للمسلمات المؤمنات المستضعفات شيء يفوق الوصف، وسط صمت مطبق من قبل الدول الإسلامية . ذلك خوفاً على مصالحها مع الدولة الصينية في عهد الرئيس الحالي المتطرف شي جين بينغ.
حسناً فعلت الولايات المتحدة عندما أعلن الرئيس جو بايدن في سبتمبر 2021م مقاطعة البضايع الصينية المصنعة في اقليم شينجيانغ بالأيدي العاملة قسرياً. وكذا المملكة المتحدة وكندا.
(5) بالأمس الأول، وكما هو متوقع خذل النظام الإنقلابي السوداني (و الذي في الأصل إمتداد طبيعي لنظام تجار الدين من المجرمين اللصوص الكذابين القتلة) الشعب الإيغوري المضطهد عندما انضم الي الدول ال 19 الرافضة لمجرد مناقشة ملف المستضعفين الإيغور بمجلس حقوق الانسان الأممي في جنيف.
لم أندهش لخيار دولة الأمارات العربية المتحدة لكن أوجعني موقف دولة قطر بمقدر ما إستفزني موقف الإنقلابيين السودانيين.
برغم ان الخذلان من شيم الكيزان.
لكن من يخبر الشينجان ان ما حدث لا يعبر عن السودانيين ولا السودان !! .