مقالات وآراء
كرت الخدمة .. جباية ضد حرية التنقل

خارج السياق
مديحة عبدالله
أورد موقع إلترا سودان (العاشر من أكتوبر الجاري) خبرًا عن إعادة فرض التعامل بكرت الخدمة الوطنية حتى يتم السماح للمواطنين بالسفر خارج البلاد وذلك بموجب إيصال إلكتروني من إدارة الخدمة الوطنية بمبلغ (1400) جنيه سوداني، بأمر صادر من وزارة المالية..
الخبر له أبعاد سياسية تتمثل في إلغاء قرارات حكومة الفترة الانتقالية التي ألغت كرت الخدمة الوطنية، إضافة إلى تقييد حق التنقل وفرض جبايات لا سند قانوني لها، وله أبعاد اقتصادية تتمثل في إرهاق المواطنين بجبايات من أجل تغذية خزينة عامة لم يعد لها أي التزامات تجاه المواطنين.. وكل ذلك جزء من سلسلة إجراءات وسياسات انقلابية تستهدف تأكيد سلطة الانقلاب وتمكينها، ولا يمكن النظر إليها فقط باعتباره جبايات فقط وحصر ذلك في إطارها الاقتصادي.
الآن السلطة الانقلابية كل يوم جديد تعمل من خلال إجراءات عديدة لإعادة ترتيب عودة النظام البائد، تارة برموزه وتاره بسياساته، وهو أمر لا يجدي معه الاحتجاج فقط، قوى المعارضة لا بد أن تعمل وفق رؤية واضحة منها ما هو استباقي وعبر ما هو كفيل بالتصدي لقرارات تم اتخاذها وتلك المتوقعة.
وإذا كانت وزارة المالية تحظى بالاهتمام الأكبر لما لها من تأثير مباشر على حياة وحقوق المواطنين، فأن الوزارات والإدارات تعمل وفق منظومة يجرى التخطيط لها دون ضوضاء، ويتم استغلال ما هو شائع من فهم بعدم وجود (حكومة) بينما يجرى على الأرض يكشف ربما خاصية سودانية خالصة وهى أن الحياة تسير سيرها على علاتها دون أن يتطلب ذلك وجود (سلطة تنفيذية) بهياكل معروفة وأحد أسباب ذلك الهوة الشاسعة التى تفصل بينها وبين المواطنين من ناحية الخدمات عدا سطوة القمع والانتهاك للحقوق.
ويتطلب ذلك المتابعة اللصيقة لما يدور في دهاليز تلك الإدارات المعتمة، لا يمكن أن يتفاجأ الشعب بقرارات فوقية تربك حياته وتزيد العبء عليه ماليًا وتعيق ممارسة حقوقه المدنية، وهو دور سياسي معلوماتي لا يمكن أن تعجز الأحزاب والمجتمع المدني عن القيام به في هذا الوقت العصيب.
الميدان