أخبار السياسة الدولية

11 عاماً على انفصاله.. كيف كانت علاقات جنوب السودان والخليج؟

عاشت القارة الأفريقية في أزمات سياسية وأمنية حادة خلال الخمسة عقود الماضية التي امتدت منذ مرحلة ما بعد استقلالها، من حيث الحروب الأهلية والانقلابات العسكرية، وكانت السودان قد أخذت نصيبها بعد انفصال جنوبها وتكوين دولة مستقلة وذات سيادة.

وتعتبر شبه الجزيرة العربية ومنطقتي القرن والشرق الأفريقي شركاء جغرافيين طبيعيين، وهو ما طغى على العلاقات التي جمعت خلال السنوات الأخيرة بين دول الخليج ودولة جنوب السودان، وتوسيع العلاقات السياسية والاقتصادية المختلفة.

ولعل عزز تلك العلاقات، تتمثل في أن دولة جنوب السودان تتمتع بالكثير من المزايا والتي تجعلها محط أنظار المستثمرين بشكل عام، والخليجيين بشكل خاص، وهو ما يستعرضه “الخليج أونلاين” في هذا التقرير.

الانفصال وتكوين الدولة
عندما احتفلت دولة جنوب السودان باستقلالها عن السودان في التاسع من يوليو 2011، كان كثيرون يأملون في رؤية دولة مزدهرة ومستقرة خلال سنوات قليلة، نظراً لما تتمتع به من موارد طبيعية ضخمة، لكن اليوم ومع مرور 11 عاماً للاستقلال تسود حالة من الإحباط الشديد بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية والاجتماعية.

جاء انفصال جنوب السودان بعد حرب أهلية استمرت نحو 60 عاماً، قتل وشرد خلالها أكثر من 4 ملايين شخص، وأهدرت فيها موارد تقدر بنحو 600 مليار دولار.

وشهدت السنوات الـ11 الأولى من تاريخ دولة جنوب السودان التي تعتبر الأحدث في الخارطة العالمية، الكثير من المعاناة؛ بسبب الانتهاكات المرتبطة بالصراع والمجاعة والفيضانات والأمراض.

ويعتمد اقتصاد جنوب السودان على النفط في 98٪ من دخله، ويقدر متوسط إنتاجه بنحو 155 ألف برميل يومياً في الوقت الحالي مقارنة بنحو 600 ألف برميل قبل الاستقلال.

العلاقات الدبلوماسية
كانت جنوب السودان قد أعلنت أواخر 2011 أنها ستفتتح سفارة لها في أبوظبي، إضافة إلى مكتب تجاري اقتصادي في دبي على مستوى الخليج، حيث هدفت من هذه الخطوة إلى دعم ما أسمته بـ”النشاط الترويجي التجاري لجنوب السودان”.

كما أعلنت دول مجلس التعاون، منتصف 2011، اعترافها بدولة جنوب السودان وذلك في خضم توجه المجتمع الدولي للاعتراف بهذه الدولة الناشئة، حيث حظيت في فترة زمنية قصيرة على اعتراف دول مهمة كالولايات المتحدة وروسيا.

أما الدول الخليجية الأخرى، فلا تملك جنوب السودان سوى سفارة في الكويت تمثلها، فيما تعتمد على سفاراتها في دول عربية لتمثلها في الخليج الأخرى.

ومع ذلك، تربط جنوب السودان علاقات واسعة مع دول الخليج، كان آخرها زيارة وزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان إلى جوبا عاصمة جنوب السودان، حيث بحث مع رئيسها سلفاكير ميارديت، (10 أكتوبر 2022)، تعزيز العلاقات بين البلدين وعدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وفي 20 فبراير الماضي، استقبل رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان (حين كان بمنصب ولي عهد أبوظبي) مياردير وناقش معه بعض القضايا المختلفة.

أما قطر فقد وقعت في سبتمبر 2020 على بيان مشترك لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حيث أكدا “الرغبة في تقوية وتطوير علاقات الصداقة والتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية”، وشددا على أهمية إقامة علاقات ثنائية وفق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة.

الاهتمام الخليجي
لعل الاهتمام الخليجي يتركز بشكل رئيس على الجانب الاقتصادي والاستثمار، حيث توفر مجالاً رحباً لتأمين جانب من الاحتياجات الزراعية والحيوانية لدول مجلس التعاون الخليجي في ظل تبني الدول الست خيار الاستثمار في مختلف بقاع العالم.

وتشتهر الأراضي الزراعية في جنوب السودان في إنتاج مجموعة محاصيل تشمل الذرة، والأرز، وقصب السكر، والمانجو، والموز، والقطن، والفاصوليا، والفول السوداني، كما تعتبر غنية بالأبقار والأغنام.

واستنادا إلى تقارير صحافية، فقد أجرى مسؤولون من جنوب السودان خلال السنوات الماضية، مفاوضات مع مستثمرين من السعودية والإمارات وسلطنة عمان بشأن الاستثمار في زراعة الأرز، والسكر، وبناء خطوط سكك الحديد، والمطارات، ومحطات الكهرباء والعقارات.

ويعود الاستثمار في مجال الزراعة لما تتمتع به جنوب السودان بمزايا نوعية مثل الأراضي القابلة للزراعة، ووفرة المياه والأيدي العاملة غير المكلفة، لكن الاستثمار في البنية التحتية مرده حاجة البلاد ضمان توافر أمور حيوية مثل الكهرباء ووجود مطار عصري.

ويندرج خيار الاستثمار الزراعي في جنوب السودان مع السياسة الواقعية المطبقة في دول الخليج وتحديداً البحث عن مصادر من شأنها أن تضمن الأمن الغذائي عبر الاستثمار الخارجي، خصوصاً في الأزمات الدولية الراهنة.

اتفاقيات وعلاقات اقتصادية
وقعت دول الخليج اتفاقيات واسعة مع جنوب السودان، كان آخرها في يونيو 2022، حيث وقعت الدوحة وجوبا بشكل نهائي على اتفاقية خدمات جوية.

وتأتي هذه الاتفاقية التي تم توقيعها بمقر الوزارة، في إطار ربط قطر باتفاقيات خدمات جوية تفتح المجال للناقل الوطني لتوسيع شبكة وجهاته للوصول إلى المزيد من الوجهات العالمية.

وفي مايو الماضي، اتفقت الرياض وجوبا، على أن يقوم الطرفان بتشجيع التعاون الاقتصادي، والتجاري، والاستثماري بين بلديهما ومواطنيهما من الأشخاص ذوي الصفة الطبيعية أو الاعتبارية.

وفي مارس الماضي أيضاً، دعا شول دينق طون أبيل، المدير التنفيذي للمؤسسة الوطنية للنفط “نايلبيت”، الشركات السعودية عامة وشركة الزيت “أرامكو” خاصة، للاستثمار في بلاده، في إطار تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري والتجاري بين البلدين، مفصحاً عن خطة حكومته لجذب الاستثمار الأجنبي فيما يقارب 23 منطقة استكشاف جديدة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..