
(1)
عندما أقمت مضطراً بإحدي دول الخليج العربي كان في حي يسكنه المواطنون.
رغم إنعدام التداخل المنزلي إلا أنهم كانوا ودودين سمحين في تعاملهم. ما لفت نظري من خلال مراسلاتهم البينية تدنى رصيد الإنسان السوداني بمنطقة الخليج .
في أحد الأيام قلت لجاري ان السودانيين من أكرم شعوب الأرض إلا أنهم تعرضوا للاذلال من قبل حكومتهم – فلا تقيسوا اهل السودان بالمحتاجين أو المضطرين الذين اتوا اليكم ، بل السودانيون الحقيقيون هناك في السودان ، اذا قدر الله لكم ان تزوروهم ستجدون كم هم اعزاء و كرماء بغض النظر عن ظروفهم المعيشية.
صمت جاري و الذي كان ضابطاً بالشرطة بإستحياء .
(2)
ما أقوله قد لا يجد الهوى عند البعض إلا أنني أميل الي الرواية التي تقول بأن الزبير ود رحمة أو الزبير باشا لم يكن تاجراً للرقيق انما كان يطمح لتأسيس دولته الخاصة و التي تعارضت مع مصالح الامبراطورية البريطانية ، الأمر الذي أدى الي تشويه صورته و اخراج جيشه الذي كونه لتأسيس الدولة و لمحاربة الرق و الذي سمي بالبازنجر في قالب جيش تاجر الرقيق.
ذلك على نقيض الخطاب المشؤوم و الذي قدمه الزعماء الطائفيون( على الميرغني ، الشريف الهندي و عبدالرحمن المهدي) للسلطات البريطانية في مارس 1925 معترضين على قرار إلغاء الرق.
من أورد السودان و السودانيين المهالك قديما و حديثاً غير هؤلاء الطائفيين الاقطاعيين ( حلفاء الإنقلابيين العسكر بالخفاء) ؟؟
(3)
إحدي بنات عمي لم تغادر منطقتنا كثيرا ، تلقت دعوة زيارة من قبل شقيقها الذي كان يعمل في تخصص نادر بمستشفى ملكي بالعاصمة الرياض.
برغم ان شقيقها الطبيب نفسه كان يعتز بسودانيته الي حد رفض معه عرضاً سعودياً بمنحه الجنسية السعودية أكثر من مرة ( معللا ان الفاصل بين السعودية و السودان فقط البحر الاحمر و طالما بإمكانه العمل هناك بجوازه السوداني فلا داعي لنيل الجنسية السعودية، رفضها بغير لطف وسط ذهول أهل البلد).
نعم ذلك هو شقيقها . أما هي فكان لديها إعتقاد مبالغ عن أصلها ، (و لا تدري بأن السلطنة التي حكمها أجدادها في غربي السودان لا تسوى مجرد قرية بالسعودية).
عند عودتها من المملكة و في طريقها الي دارفور ؛ زارت أحد أبناء اعمامنا و كان مسؤولاً نافذاً بنظام الإنقاذ ، إلا ان الأخت رفضت المبيت هناك رغم الالحاح الكبير.
لاحقاً أتضح بانها لم ترغب في المبيت ببيت امرأة ليست من قبيلتها و على الأقل ليست من غرب السودان.
ببساطة لأنها سليلة السلاطين ( يمكنكم ان تتخيلوا حجم اعتزاز كل طرف بتفسه ).
(4)
قبل سنوات وقفنا أمام المركز الثقافي البريطاني نتجاذب اطراف الحديث نحن ثلاثة: ابن اخي محمد خير (الجراح بالعربية السعودية) و صديقي الخرطومي القيادي الشبابي بحزب الامة. و لكيمياء مشتركة بيننا كنا كثيرا ما نتواجد مع بعض. إلا انه و في ذلك اليوم أشعرنا زميلنا بقول و كأنما إندماجه معنا لتواضع منه.
هنا قلت له:” يا اخي غياب تواصل السودانيين مع بعضهم ولد الكثير من المفاهيم غير الصحيحة ، السودانيون جميعهم اسياد لكن عند اهليهم و في اماكنهم “.
ثم اضفت له( ان استرقاق الانسان لأخيه الانسان وصمة عار للقوي الذي يسترق و ليس مصدر فخر له بأي حال من الأحوال. بذلك اشعر بالخزي لكن للأمانة و التاريخ؛ عندما اُعلن عن إلغاء الرق في السودان كان بيد عائلتي العشرات، تم تحريرهم و عتقهم إستجابة لقرارات السلطة المركزية.
و لم يكن حتى واحداً منهم من القبائل المجاورة للسلطنة . و لا ندري من اين أُتي بهم).
صعق صديقي و تسمر في مكانه.
اليوم ؛ و أكرر قولي ان ما حدث كان مصدر خزي و عار . لكن ملامح أحفاد هؤلاء الناس و الذين مازالوا يعيشون بيننا احراراً أكثر قرباً لعرب الجزيرة العربية و أكثر جمالاً من ملامح أختنا الدكتورة حياة عبدالملك و التي تبجحت قبل أيام بإمتلاك الرقيق من الهامش السوداني.
من ينصح العنصريين بأننا إخوة ؟!
(5)
الزواج أمر سماوي في المقام الاول لكن لأهل الأرض تقديراتهم القائمة على معاييرهم السائدة ، عوضا عن الكيمياء بين طرفي الشراكة المستقبلية.
مع ذلك لست من دعاة ضرورة التزاوج بين المجموعات القبلية أو الجهوية المختلفة بغرض خلق أمة موحدة – هذا مع احترامي لذلك النوع من الزيجات البينية.
الأمم تتوحد بالأجندة الوطنية و ليست بالزيجات.
لو أراد الخالق جل شأنه جمع الناس بالزواج لما خلقهم شعوبا و قبائلا . بل كان قد خلقهم قبيلة واحدة.
لذا فليتزوح كل شاب من قبيلته أو اقليمه أو منطقته فما الضير في ذلك؟
و التنوع من عندالله ، فلماذا يرغب الناس في تغيير خيار رب العالمين ؟!.
اللون و ملامح الفرد من صنع الله تعالى، البعض يسخر من ملامح اخوته ،و (لا ينتبه بأن الذي خلق هؤلاء الذين يستهزيء بهم هو الله الذي لا يرتكب الأخطاء ).!!
(6)
عندما كنا ندرس بالجامعات السودانية، كنا على علاقة طيبة مع زميلاتنا المنحدرات من مختلف بقاع السودان. و كنا نستذكر الدروس العملية مع بعض في أجواء من الاخوة و المعزة و الاحترام على مدار سنوات حتى تخرجنا.
و لأنني كنت مرحاً و ساخراً كنت محبوب من قبل زميلاتي.
إلا أنني لم افكر قط أو اسعى للزواج منهن. ببساطة (كنت أرغب في الزواج من بنت تحمل بعض ملامح أمي ، لأكمل معها رحلة الجمال التي بدأتها منذ الرضاعة). ذلك خيار شخصي قائم على موروثي القيمي و الكيميائي دون أدنى حظ للعنصرية.
(7)
بعد طول الفراق زارني زميل الدراسة في مقر عملي في بلد بعيد . سألته عن الزملاء ثم اتيت الي الزميلات . فأبلغني برحيل زميلتنا ( مواهب ؛إبنة عطبرة، عليها رحمة الله و مغفرته).
كان وليد( و هو اسم زميلي) مستلقياً يحكي فإنسحبت منه خلسة الي مكان بعيد لأفرغ ما بي من دمع غزير.
مر امامي شريط ذكريات معظم زملائي و زميلاتي اللاتي كن يتعاملن معي بالكثير من الأخوية الصادقة.
كما قلت في أكثر من مناسبة ان التراشق الجهوي المقيت بين أبناء الوطن و الذي يحدث في وسائل التواصل الإجتماعي مصدره شعبة القبائل بجهاز الأمن و المخابرات السوداني بجانب إستخبارات دولة مجاورة بغرض إحداث المزيد من الإنقسامات لتدمير الوطن.
لكن من المهم للجميع ان يدرك بأن جميع السودانيين اسياد و كرماء.
لذا دعونا نعمل من أجل الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الناس و تتساوى الفرص !!
د. حامد برقو عبدالرحمن
[email protected]
كفيت و أوفيت يا دكتور و هذا ما نتمناه للسودان نبذ العنصرية و الجهوية و القبلية و أن نعيش كسودانيين و نحترم بعضنا و نعمل سويا من أجل رفعة وطننا الحبيب
هكذا هي دنياالناس يابرقو….فبكل صراحة
هناك الكثيرون هنامثلا
من يقبلون بجوارك في السكن علي مضص!لكنهم لن يزوجوك وان كنت سلطان سلاطين اهلك!!وقس علي ذلك حتي الخلايجة عندهم مثل هذا…وان كانوا يحملون اسم بلدواحد…
اتمني ..ان لاننقب في مثل هذه المواضيع لان المنفصمين واهل الاحساس بالنقص والدونية كثرولاعلاج لهم الا….تركهم يتشاكون ويتباكون
شكرا عميقا من القلب، لقد أصبت فيما ذهبت اليه، ووضعت ملامح واضحة في افق الانقسام والصراع الذى لايجني منه البلاد إلا تمزقا وانقساما، في وقت مفصلي يحتاج الى اعادة ترتيب المفاهيم والتصورات، ومراجعة القيم الراسخة في حضارات الشعوب السودانية، وان ما يلوح في الافق المنظور. من ادعياء الثقافة والسياسة من طاقات سالبة سيكتب في صفحات تاريخهم لا تاريخ البلاد، وسيدفعون ثمن ما اقترفته ايديهم والسنتهم وإن ظنوا بانهم يحسنون صنعا.
شوف يا دكتور حامد أنت مشكلتك ضائع بين ثقافتين وشارب من ثقافتين وتحلم تجمع السودان بين ثقافتين متناقتضين نكون صريحيين مع بعض مشكلتنا لا هي بسبب اللون ولا الدين ولا القبيلة ولا لغوية ولا بسبب لهجة والدليل الرطانة الحلفاويين عربيهم نفس عربي دارفور مقبولين ومحبوبين وما عندهم مشاكل ومعتزين بعربيهم المكسر، كل الاسباب المطروحة بانها سبب الاختلاف والمشاكل كلها عبارة عن رتوش المشكلة بين دارفور والسودانيين النيليين مشكلة ثقافية والدليل شوف ابناء دارفور المولودين في ام درمان وفي الديم ومن اسر ام درمانية واسر ديامية متسيدين ومحبوبين وهم القادة الاجتماعيين في المنطقتين وتم تقديمهم لانهم اجمل مافي ام درمان والديم ومتشربين بقيمها وثقافتها لدرجة انهم لا يشعرون بانهم من غير ام درمان والديم ولا يعترفون بالقبيلة مهما علاء شانهاويعتزون بانفسهم كام درمانيين وديامة لدرجة تستفزنا نحن ابناء المناطق الاخرى مثل بحري والخرطوم ويعتبروننا متخلفين عنهم لانهم اكثر تحررا منا، إذا الموضوع موضوع اختلاف ثقافات ليس الا، و حتى ابناء دارفور من تم ولادته وتربى في الخرطوم لا يقبل بل يرفض ثقافة دارفور، يعني بالواضح ثقافة اهل دارفور مع اهل الشريط النيلي لن تجتمع ليوم الدين وللمرة المائة مشكلة السودان اختلاف بين ثقافة نيلية افقية يخدم فيها الفرد الجماعة والقدسية للجماعة وليس للفرد (الفرد من اجل الجماعة مهما علا شانه) وثقافة دارفورية راسية الجماعة من اجل القائد او الزعيم يخدمونه ويعظمونه ولا يخرجون من طوعه ويسهل قيادتهم للحروب والقتال بأمر شخص واحد، بمعني ثقافة نيلية متمردة على الفرد وثقافة فردية متمردة على الجماعة شوف الثقافتين والله ما يجتمعوا ليوم الدين احسن نتفرتق بالتي هي احسن زي تشيكوسلوفاكيا بدلا ان نتفرتق زي يوغسلافيا. بالمناسبة عندنا في شمال السودان قبيلة كبيرة تحمل نفس ثقافة دارفور انهم قبيلة محمد ابراهيم نقد الدناقلة متشددين وعنيفين لدرجة العبط ولكن بسبب وقوعهم وسط ثقافة مسالمة ولكنها اقوى من ثقافتهم بمراحل وقوية جدا تجمع حلفا السكوت والمحس ثقافة قوية لدرجة يمكنها صهر الحجر لذا انصهر داخلها الدناقلة لدرجة ما واصبحوا اقل عنفاً، اما اهل دارفور اهل هامش وثقافة حدودية غير محاصرة مثل الدناقلة ولا تجاورها ثقافة قوية ممكن ان تنصهر معها عشان كده انا مع الشيوعيين في كل شي واعتبرهم اجمل ما في السودان وهم ملح هذه الارض لا اختلف معهم الا في موضوع دارفور ووهم كل البلد دارفور وامثالك وامثال دكتور صالح محمود الشيوعي خاطفين لونيين وثقافتين عايزين تعملوا لينا خلطة مستحيلة في السودان (لبن سمك تمرهندي) وصراحة مع الكيزان في موضوع دارفور للطيش لانه افضل من يفهم دارفور هم الكيزان ويمكنهم تشخص وحل مشاكل دارفور.
الله يخيبك يا جاهل.
أعوذ بالله
برغم عتابنا لك في بعض مقالاتك واحيانا نخس بانك متقوقع في دارفوريتك الا انك تشبهنا بكل تناقضاتنا حفظ الله السودان
استاذ حامد برقو
كفيت و وفيت
باقي تتكلم في اللايفاتية بتاعين دارفور و الذين هم ليسوا بدارفوريين
احمد كسلا و غيره من اللايفاتية
لا فرق بينهم و بين حياة عبد الملك
كلهم واحد
يلا نتجاوز خطاب الكراهية من اجل نصرة ثورتنا المجيدة
المكتبة السودانية تفتقر لمقدمة ابن خلدون !
كلامك في الغالب صحيح ولكن لم تكن دقيق في معلوماتك عن الدناقلة و المحس والسكوت والحلفاوين، حيث لا لتوجد قبيلة هناك حتي يتم صهر إحداهم في الاخريات فهي ثقافة واحدة حيث لاتوجد ثقافة للمحس والسكوت وحلفا تختلف عن دنقلا ، عليهي ليست المحس ، السكوت و حلفا أقوى حضارة من دنقلا فهذا كله أمر واحد و مصدر واحد لا عنف لا عبط كما أن الدناقلة لا يحملون ثقافة أحد .