خارج السياق
مديحة عبدالله
أصدرت سلطة الانقلاب قرارًا قضى بالسماح (لاتحاد الصحفيين) بمزاولة نشاطه، ضمن سلسلة قرارات وإجراءات تهدف لعودة العهد البائد برموزه ومؤسساته، وبالنسبة للاتحاد فهي محاولة لضرب نقابة الصحفيين بإضعاف دورها وتهميشه، وتقوية نفوذ الاتحاد بدعم من السلطة.
السلطة الانقلابية تقع في خطأ جسيم فهي تسبح عكس تيار ثوري لتحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، ووهم كبير أن تظن للحظة أن الوسط الصحفي والإعلامي سيتراجع عن مشواره من أجل انتزاع الحقوق والحريات العامة، بدأ بتأسيس النقابة بقوة الجمعية العمومية وسيمضى في طريقه من أجل انتزاع الحريات الصحفية والإعلامية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية رغم القمع المتصاعد ضد الصحفيين والصحفيات أثناء قيامهم بواجبهم المهني.
الأولوية الآن هي كشف كل مخططات الانقلابيين ودوافعهم، ومواجهة سياساتهم بكل الطرق الممكنة، وأول خطوة في ذلك التخلص من الذهنية الاحتجاجية، فهو أمر تخطاه الواقع إلى ضرورة فعل ملموس يوقف ويعطل قرارات الانقلابيين، وبالنسبة للصحفيين فأن تاريخ وممارسات الاتحاد شاخصة أمامنا جميعًا، فهو ربيب سلطة الكيزان، لم يكن يومًا سوى يدها وعينها من أجل السيطرة على الوسط الصحفي، وجرت أمام أعينه كل الانتهاكات ضد الحريات الصحفية وحقوق الصحفيين ولم يحرك ساكنا.. وما القرار القاضي بعودته الآن سوى محاولة لجر عقارب الساعة للوراء والقيام بنفس دوره المرسوم في زمن الدكتاتورية.
ومثلما وجدت نقابة الصحفيين كل الدعم والتأييد من قوى المعارضة، فأن قرار عودة الاتحاد لا بد أن تتم مواجهته بمقاومة متعددة الأبعاد بمعنى وضعها في إطارها السياسي الصحيح باعتباره ممارسة من قبل سلطة الانقلاب لعودة مؤسسات العهد البائد وضرب المؤسسات الديمقراطية المستقلة المنتزعة من قبل الشعب، مع أهمية الانتباه لعامل الزمن وهو ما يتم التعويل عليه من قبل سلطة الانقلاب فهي تستغله وتوظفه لإصدار قرارات تزيد الضغوط على المعارضة وتفتح أمامها جبهات عديدة لإضعاف قدرتها على المقاومة وتجعلها تعمل بردود الفعل، وهو أمر لا بد من الانتباه له جيدًا ويتطلب الجاهزية والمتابعة لكل أفعال الانقلابيين وقراراتهم وعدم الاستهانة بها فهم يمسكون بالسلطة ويحركون كل موارد وإمكانيات البلاد المادية والتقنية من أجل تنفيذ وإنجاح قراراتهم المتعارضة وأهداف الثورة ومصالح البلد.
الميدان
