الدستور الانتقالي كأساس للحل السياسي

قلنا في وقت سابق، إن (مشروع الدستور الانتقالي)، المطروح من قبل اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، يصلُح كأساس جديد لتوحيد قوى الثورة، بعد القبول الواسع الذي وجده من أطياف عديدة من الفاعلين السياسيين داخل قوى الثورة، وكأساس أيضاً لاستعادة الوضع الانتقالي عبر حل سياسي متوافق عليه. لكن التصريح الصحفي الذي أصدره المكتب التنفيذي لتحالف قوى الحرية والتغيير أواخر الأسبوع الماضي، وضع النقاط على الحروف، وعزز من إمكانية التقدم خطوة نحو استعادة الوضع الانتقالي عبر الحل السياسي الذي يحقق مطالب الثوار، في خروج العسكر من العملية السياسية، وتكوين حكومة مدنية تخرج بالبلاد من مأزق الانقلاب الحالي.

وبحسب التصريح، فقد تلقى التحالف -عبر اتصالات غير رسمية مع المكون العسكري- ما يفيد بقبول مشروع الدستور الانتقالي كأساس للحل السياسي، مع وجود بعض الملاحظات المحدودة حوله. وعليه شُكلت لجنة لتلقي هذه الملاحظات ونقلها لهيئات التحالف لدراستها والبت فيها. وقرر المكتب التنفيذي صياغة ورقة تشكل موقفه من قضايا إنهاء الانقلاب، وتأسيس السلطة المدنية الديمقراطية الكاملة، على أن يخضعها للتشاور مع القوى المتوافقة على مشروع الدستور الانتقالي، لتشكل أساساً من التوافق بين أوسع قاعدة من أصحاب المصلحة في التحول المدني الديمقراطي.
وأكد التحالف أنه لن يمضي في أي حل سياسي دون توافق عريض، يشمل قوى الثورة والانتقال الديمقراطي. وجددت قوى الحرية والتغيير تأكيدها على أن الحل السياسي المقبول للتحالف هو الذي يؤدي لطي صفحة الانقلاب كلياً، وتأسيس سلطة مدنية كاملة، وينأى بالمؤسسة العسكرية عن العمل السياسي، ويقود لجيش واحد مهني وقومي وفقاً لإصلاحات شاملة محددة المواقيت والإجراءات، ويخاطب قضايا العدالة بصورة منصفة وشاملة، ويفكك بنية نظام الثلاثين من يونيو، ويقود لانتخابات حرة ونزيهة في نهاية الفترة الانتقالية تُمكن الشعب السوداني من التعبير عن إرادته الحرة، واختيار ممثليه بصورة نزيهة وشفافة.
وحث التحالف القوى المقاومة للانقلاب والمتمسكة بالانتقال الديمقراطي واستعادته على رص صفوفها لاستكمال مسيرة تحقيق تطلعات الشعب المشروعة في الحرية والسلام والعدالة في دولة مدنية ديمقراطية، وتحقيق أحلامه وتطلعاته المشروعة.
يأتي هذا التطور بعد ما يقارب العام على وجود الانقلابيين في السلطة، وعودة الفلول إلى مرافق الخدمة المدنية في عملية عكسية لتفكيك التمكين، وبعد فك حساباتهم المجمدة وإعادة الأموال المنهوبة لناهبيها، وسط ضائقة معيشية هي الأكثر فداحة منذ سقوط النظام البائد، مع تفشي الانفلات الأمني، وسيطرة عصابات النيقرز بصحبة عدد من عناصر الحركات المسلحة الموالية للانقلاب على مناطق بأكملها في العاصمة، واستباحتها بأعمال السلب والنهب وتجارة المخدرات تحت سمع وبصر سلطة الانقلاب، فضلاً عن كوارث الخريف، وتفشي الأمراض الناتجة عنها.
وجاهر وزير مالية الانقلاب باعتماد ميزانيته على الجبايات والأتاوات التي فرضها على الشعب، كما جاهر بفساده واستغلال نفوذه للتكسب المالي على صفحات الصحف، وفي الفضائيات. وعاد الفلول للسيطرة على النيابة العامة، والمحاكم، ومؤسسات إنفاذ القانون، وتم استخدامها ضد الثوار. وعاد التعذيب حتى الموت في أقسام الشرطة بصورة أبشع مما كانت في عهد النظام البائد. فوصل الحال بالبلاد إلى حافة التشظي، والانزلاق إلى أتون الحروب الأهلية والخراب الشامل، فكان لا بد من التوصل إلى حل سياسي ينهي الأزمة أو الطوفان.
وعلى الرغم من كل ما سبق، تعالت أصوات رافضة للحل السياسي، ونعتته بنعوت شتى، منها: (التسوية)، و(الهبوط الناعم)، وغيرها من المصطلحات التي لم تقدم خطاباً مُقنعاً لرفضها الحل السياسي، حتى لو لبى كل مطالب الثورة، وجاء مبرأ من كل عيب، مدفوعين في ذلك بطموحات (حزبية)، وأحياناً (شخصية) تتعلق بالسيطرة على الفترة الانتقالية بالكامل، في محاولة لفرض أجندتهم على الجميع، وفي ظل انقلاب جاثم على صدر البلاد، وفي غياب إمكانية إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحسم الجدل، فلا يبقى ثمة خيار سوى التوافق بين قوى الثورة.
أما مثل هذا الصراخ فهو لا يشبه سوى صراخ الفلول، وحُلفاء الانقلاب، خوفاً من الوصول لحل سياسي ينهي الأزمة، ويخرج بالبلاد إلى بر الأمان. وليس هناك من أسرار، فمشروع الدستور الانتقالي الذي أصبح أساساً للحل متاح للجميع، وموقف تحالف الحرية والتغيير الفاعل الأبرز في الساحة السياسية السودانية، والرقم الأصعب في معادلاتها مُعلن. أما ما عدا ذلك، فلا يعدو أن يكون سوى إطالة لعمر الأزمة وأمد الانقلاب.
حفظ الله السودان وشعب السودان
لؤي قور
نعم مشروع الدستور الانتقالي يصلح كأساس لأنهاء حالة التوهان التى تعيشها الاحزاب ويجب التبشير به على اوسع نطاق مع تكثيف الحملات الاعلامية لشرح لماذا يحصل اساس للحل لان الذين يرفضونه لم يقدموا حتى الان المبررات المقنعة لرفضه ومنهم القانوني نبيل اديب وجلهم اما لانهم لم يستشاروا او لم يكونوا اعضاء فى اللجنة الت وضعت مشروع القانون اما بعض الاحزاب ترفضه لانه لم يشاركوا فى وضعه وبذلك تستمر حالة التوهان و اضاعة الوقت للشعب الذى يريد ان يرى حكومة اليوم قبل الغد لما يعيشه من وضع معيشى كارثي و حتى الذين يرون فى مشروع القانون لا يلبى تطلعاتهم عليهم ان يقبلوا به و يعملون على تطويره وتنقيحه بعد توسيع قاعدة المشاركة و المناقشة اما ترفض من اجل الرفض والمشاكسة ما هو الا تمديد واطالة عمر السلطة الانقلابية .
يا اخي طالما لا يوجد قدر مقبول من التوافق السياسي فدستورك هذا لن يكون مقبول من الآخرين حتى لو خلي من أي عيب..ما لم تكن معك أغلبية الشعب لا داعي لأن تستعطف الآخرين للقبول بالدستور. وان كانت عندك القوة العسكرية ليس أمامك الا ان تفرضه فرضا لكن سيأتي اليوم الذي تندم على فرضه بالقوة.