مقالات وآراء

نحن نتفرج ونصمت كالبلهاء

 عبدالعزيز عبدالباسط

في السودان امتلك قليل من الثقافة السياسية وكمبيوتر ووصلة نت وأصنع  لنفسك حزباً وأجلس مع رئيس الجمهورية للتفاوض وجني المكاسب.
في السودان صديق يحكي عن واحداً تعرفونه يقول ان زوجته صفعته على وجهه واتهمته بعدم الرجولة والفشل وطردته خارج المنزل فجلس على قارعة الطريق يفكر في حالة البؤس التي يعيشها فألهمه شيطانه الي تكوين حزب سياسي يبتز به الحكومة السودانية ليثبت لزوجته رجولته فذهب الى النت وفعلها ونجح في فعلها فعاش الدور وظن انه جهبذ حقيقي بعد ان جلس مع الكبار واصبح يصول ويجول وتستضيفه الفضائيات((انا تحت قسم والقصة حقيقية ليست من نسج الخيال)) وهكذا اصبحت تصنع الاحزاب في السودان وتتفاوض معها الحكومة مثل ما تفاوضت مع رعاة الابل وشاركتهم في الاموال والاولاد والسلطة ومثلما خضعت لقطاع الطرق واعطتهم المناصب وكلفتهم بالمهام وكلهم تعلموا من بعضهم او قلدوا بعضهم واتخذوا من كلمات حقوق الاقليات والمهمشين والديمقراطية وسيلة وحيلة..
برغم ان الديمقراطية‮ ذاتها لم تكن ‬يوما‮ هي ‬الحبل‮ ‬السري‮ ‬الذي‮ ‬يربط‮ فيما بيننا لاننا لم نكن أصحاب مواقف تحمل الحب الصادق للوطن ولا حملنا يوماً قضايا بلادنا بالاخلاص اللازم ولا قدرنا سوداننا العزيز حق قدره وظلت تحكمنا الأهواء والظروف والحسابات الشخصية الضيقة حتى اصبحت التجربة الديمقراطية عندنا ترفض الخروج من مهدها لاننا عجزنا عن الخروج من نفق الأحادية ورفضنا نسيان تقديس القبيلة والاشخاص حتى صرنا عاجزين عن ايجاد حلول لمشاكل بلادنا برغم قيامنا بثلاثة ثورات عظيمة سقط فيها شهداء سودانيون وتمكن فيها شرفاء شعبنا من ازالة ثلاثة أنظمة استبدابية..
مشكلتنا دائما ان أحزاب انتهازية و قوى سياسية وهمية هي التي تجني ثمار جهود ما نحققه من نجاحات وكل هذه الاحزاب وغيرها ظلت على مرمى حجر من دائرة كل سلطة حكمت السودان لتحافظ على وجودها من جهة ولتنال بعض المكاسب السياسية الأمنية والاقتصادية من جهة اخرى وهي امور بالرغم من اننا بتنا نعرفها جيدا لكننا نسكت عن تكرار مهازلها في كل مرة وقد عشنا البؤس والبطالة والجهل والمرض وكثير من المشاكل ونحن نرى تملق تلك الاحزاب ومزايداتها الرخيصة ووثوبها اللصوصي على جهودنا ونصمت صمت الحملان..
فبدلا من ان يبحث مثقفونا الحقيقيون عن حلول للتصدي لظاهرة فساد الاحزاب الوهمية والفساد عامة فقد اصبحوا في مقدمة الفرار الفارين بحثاً عن رغد العيش والسلامة تاركين الوطن الغالي يتلوى من شدة الالم دون ان يقدموا له الاسعافات اللازمة وظلت قوافل المهاجرين لابناء بلادى تتواصل الي كل مناحي المعمورة بحثا عن حياة كريمة عجزوا ان يجدوها في وطنهم الاسير بحراب الفساد والمفسدين والافاقين من تلك الاحزاب وقد اصبحت كثيرة لا تحصى ولا تعد وبعضها لا يزيد عدد اعضائه على اصابع اليد الواحدة وهي احزاب وهمية تحصد مكاسب كل ما يقدمه الشرفاء من تضحيات ونحن نتفرج ونصمت كالبلهاء.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..