مقالات سياسية

خطايا يوليو وصلاح سالم في حق السودان

أسامة ضي النعيم

 

العنوان من مذكرات الصاغ صلاح سالم عضو مجلس قيادة ثورة يوليو 1952م المصرية ، جاءت في ص22و23 كما يلي : (لم يسلك مجلس القيادة أسلوبا حكيما في التعامل مع السودانيين ، ولم يواجه زعماءهم بوجه واحد ، وإنما ترك صلاح سالم يتصرف في الامر وحده بطريقته الخاصة ، دون مناقشة جماعية مشتركة ، وبغير حرص علي الاستفادة من علاقة محمد نجيب الطيبة بكافة الزعماء السياسيين .

تعامل صلاح سالم في مقابلاته مع بعض زعماء السودان بأسلوب الضابط وليس بأسلوب السياسيين ، كما أن تجمع ضباط الصف الثاني الذين كونوا شللا خاصة لكل عضو من أعضاء المجلس حال بينهم وبين الرؤية الكاملة).

تلك هي الاسس أو البروتكول في التعامل مع السودان وساسته أو ما أسميه (انجيل صلاح سالم) للتعامل مع المسألة السودانية ، سارت بها ركبان المخابرات المصرية وعضت عليها بالنواجذ وصارت فعلا وخطيئة تُرتكب في حق السودان  علي مر العهود التالية منذ ثورة يوليو1952م. في صفحة 24 من المذكرات يبين خطل البروتكول حيث جاء فيها ما يلي : (لجأ صلاح سالم في كثير من الاحيان الي سياسة الاعانات المالية لتوزيعها علي الاحزاب والشخصيات السودانية ، وهو ما أثار اعتراضات البعض علي ذلك ولكن سارفي طريقه غير عابئ باعتراضات ، وسياسة توزيع الاموال علي السياسيين  كانت في أغلبها مفسدة ، وأدت لانهيار السياسة المصرية في السودان ولوصم المتعامين بالرشوة) .

أختلف مع الفقرة الاخيرة التي تتحدث عن انهيار السياسة المصرية في السودان بفعل الرشوة ، بالعكس فذلك يحسب نجاحا من انجازات الصاغ صلاح سالم ، الرشوة ساهمت في فوز انصار الوحدة مع مصر في انتخابات 1953م ، وهي الان بروتكول تتبعه المخابرات المصرية لفوز تيار معين في السودان بانتخابات 2023م ، الاحزاب التي نشأت في تربة تعاركت فيها مع نظيراتها من الاحزاب تستقوي بالركن المصري ، كان ساعدها وركنها الشديد صلاح سالم في 1953م وفازت الاحزاب الاتحادية ، اليوم تتجه المخابرات المصرية لنصرة حزب الامة وما به من عقليات عسكرية وطائفية ترسم لنفسها تأريخا، الهدف هو الحجر علي بذرة الديمقراطية وتداول عموم أهل السودان السلطة فيما بينهم لحكم بلادهم ، أسلوب التعامل مع الساسة السودانيين هو ما اختطه صلاح سالم في صحفه القديمة ، التعامل الفوقي والتعالي علي زعماء الاحزاب السودانية ، (الفورمونات) ما زالت تصدر من كبير المخابرات المصرية الي حاكم  عموم السودان في شكل نصائح واجبة الانفاذ ، روشته كما تلك التي يصدرها البنك الدولي.

فتحت الرشى التي بدأ بها الصاغ صلاح سالم شهية بعض الاحزاب السودانية ، سارت علي الدرب ، تضرب الزعامات السياسية أكباد الابل الي دول الخليج للحصول علي الدعم في حالتي الحكم والمعارضة ، صار التمويل الخارجي لبعض الاحزاب السودانية هو الاساس المثال أوضح في حالة حركة الاخوان ، في ستينيات القرن الماضي كانت اجدي دول الخليج تدفع اعانة شهرية لدكتور الترابي ما يعادل مبلغ الفين جنيه سوداني في ذلك الزمان ، يضع نصف المبلغ تحت تصرف أعمال نشر الفكر الذي فصل السودان الي دولتين فاشلتين ، المعارضة التي حاربت نميري كانت أيضا بأموال خليجية . الحركات المسلحة استقوت بالمخابرات المصرية وأسلوب الاعانات والدعم كما تسمي الرشاوى ، في الداخل الليبي (انبشكت) عمليات مصادر التمويل ، تمدد من النهب المسلح للبنوك والمتاجر الكبيرة في الداخل الليبي الي طلب فدية من بعض السودانيين وهم في طريق هجراتهم غير الشرعية.

صحف صلاح سالم أفسدت الحياة السياسية ونقولها نعم ، لكن بذرة الفساد كانت في جينات بعض الاحزاب السودانية ، لم تعن بمصادر تمويلها بعد مصادرة مايو لدائرتي الميرغني والمهدي ، فكرة المزارع الجماعية لتمويل الحزب الشيوعي وعضويته كانت نظريات في منشوراتهم السرية لم تنزل الي واقع أهل السودان ، خلت الساحة السودانية من أحزاب تعف عن المال الخليجي وتدبير المكايد لبعضها البعض ترسم خططها المخابرات المصرية.

اليوم تتجه وفود حزب الامة للطواف علي دوائر القرار في مصر ، كما رسمته صحف صلاح سالم يسير نهج العلاقة في التخاطب بين الضابط في الثورة المصرية وبين زعيم الحزب السوداني ، هي ليست لقاءات تحاور ندية بقدر ما هي تعليمات يصدرها السيسي لوفد قادة حزب الامة ، الهموم المصرية تتراوح بين سد النهضة وكسر شوكة ثوار ديسمبر وضرورة الابقاء علي النظام العسكري في السودان نسخة مشوهة يسقطها ظل السيسي ونظامه.

 

[email protected]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..