صدق من سأل: أين القضاء السوداني..!

مسألة
د. مرتضى الغالي
نؤيد بلا حدود ما اطلعنا عليه من بيان صدر من عدد من لجان المقاومة حول أوضاع القضاء والعدالة في السودان تحت سلطة الانقلاب..وهو بيان يحمل مبادرة موفقة تكشف عن مرمى خبيث من مرامي الانقلاب والفلول وتضع يدها عل السبب الأصيل في هذه الفوضى العارمة والموجة الهوجاء التي تضرب الصميم من مفاصل الدولة..بل تجعل منها (لا دولة) في غياب حُكم القانون حيث يعمل الانقلاب حالياً ليلا ونهارا على تمكين اللصوص والمُجرمين في المرافق الحيوية وخلق حالة من الاستباحة العامة بإعادة الحرامية الذين نهبوا البلاد بعد هروبهم..بل ووضعهم في مواقع حماية الأمن وإدارة المال العام ورئاسة المصارف..وباختصار فإن هذه المبادرة تسلط الضوء على اقل تقدير على هذا الخلل الجسيم وترفض بصوت مُبين أن يكون القضاء أداة في أيدي الانقلاب..!!
ونحن نرى في هذه المبادرة جانباً مهماً يجب الالتفات إليه والالتفاف حوله من جميع قوى الثورة المدنية والسياسية حيث أن غياب القضاء والعدالة هو المدخل الوخيم والسبب الرئيسي في استمرار الانقلاب..وفي عربدته وعنطزته..!!
هذه المبادرة لم تأت من أجواز الفضاء والفراغ والخلاء إنما هي مبادرة (بنت ضرورتها) وقد جاءت في وقتها (بل ربما تأخرت وتأخرنا عنها) وهي قراءة صائبة لواقع القضاء والعدالة في البلاد بعد انقلاب الإنقاذ الثاني (انقلاب لجنة المخلوع الأمنية والفلول) فلا ينبغي أن يصمت القضاء صمت القبور والأسماك عن الجرائم وعن الانتهاكات الفظيعة للأرواح والحقوق والحريات..أما النيابة فهي لا تكتفي بالصمت فحسب ..بل نرى من داخل أسوارها (ما هو أسوأ من الصمت)..! ومن هنا جاء هذا البيان وهذه المبادرة التي يجب على كل المواطنين الأحرار ومن أجل ثورتهم المجيدة أن يتبنوها ويسيروا في ركابها ويناصروها بكل ما أوتوا من قوة مدنية سلمية..فمن غياب القضاء تأتي جميع الشرور ويستمد الأشرار والمجرمين واللصوص زخمهم ويقوى نهمهم ويزدادوا طغياناً وشراسة وشراهة..واستهانة بأرواح الناس إلى حد إطلاق سراح القتلة وفتح الطريق لنهب موارد الدولة والجرأة على الحُرمات الشرعية والوطنية والإمعان في الخراب والتخريب وانتهاك كل القيم والقوانين والمحظورات..! وهذا هو مسلك الفلول الآن تحت إمرة كرتي وإيلا وغندور وقوش والبرهان والمليشيات وأزلام المؤتمر الوطني المقبور الذين أصبحوا يتحدثون في منابر الدولة وقاعاتها الرسمية عن اجتماع مجلسهم القيادي الملطخ بالعار وبدماء الشهداء..والبرهان يقول في كدباس ( ما تخلوهم يغشوكم يقولوا ليكم نحن بندعم حزب المؤتمر الوطني)..! أين يعيش هذا الرجل وكأنه يظن انه يخاطب قطيعاً من الوعول..!! أي طوف من (أطواف الطرور) يريد به هذا الرجل عبور الأطلنطي…!!
استمرار غياب القضاء والقانون هو الأصل في كل هذه الأضرار الوخيمة التي ترتكس بالبلاد يوماً بعد يوم..والسبب في ذلك هو هذا الانقلاب الأثيم الذي لا يقيم وزناً للعدالة وحكم القانون..إن الإسراع باستنقاذ استقلال القضاء هو واجب الساعة الذي لا يقبل التأجيل..!!
ونحن لا نتجنى على احد ولا على هيئة أو مؤسسة أو جهاز عندما نتساءل عن هذا الصمت الذي يحيط بأجهزة العدالة..!! إنه الواقع الحارق الذي جعل الوطن يفتقر إلى مجرد لمحة من الأمن والأمان أمام هذا الانفلات والفوضى العارمة.. ولولا لطف الله وطبيعة إنسان هذا الوطن الأبي الكريم وشبابه الباسل المستنير لوقعت بلادنا في براثن كارثة ماحقة لا تذكر بجانبها أهوال خراب الدول والأمصار والقيامة التي تدور الآن في أوكرانيا..موقف أجهزة القانون والعدالة تجاه أفاعيل هذا الانقلاب الفاجر أمر يدعو إلى حيرة كبرى و(استرابة واسعة) بلا ضفاف..!! الله لا كسب الإنقاذ..!
الأخ العزيز المناضل دكتور مرتضى الغالي قراءت لك كثير من المقالات عن القضاء ولاحظت أنه تغيب عنك معلومة مهمة ربما لأنه لا يلم بها غير القانونين متخصصين او من لديهم معرفة جيدة بعمل القضاء فالقضاء ليس له دور يلعبه قبل عرض الخصومة أمامه لأنه جهة( مستقلة) ليس من وظيفته مكافحة الجريمة أو جمع الأدلة او خلافه… فالقضاء لا يتدخل قبل عرض الشكوى او النزاع أمامه وحتى في نظر لهذه الشكوى او النزاع يجب ان يقف موقف الحياد بين الخصوم ولا يتدخل أكثر من الفصل في الدعوى من خلال البينات المعروضة أمام وإلا إتصف بعدم الحياد والإنحياز لأحد طرفي لخصومة وفي هذا الحالة يوصف القضاء بأنه منحاز وغير محايد (biased)، أكثر من ذلك القضاء ليس له دور يعلبه لمنع ( القتل خارج القانون) مثل القتل الذي يحدث في المظاهرات قبل عرض النزاع أمامه ، فهذا دور الشرطة في حمياة المتظاهرين ودرو النيابة في تحريك الإجراءات ضد أي خروقات للقانون اوتجاوز السلطة ،لذلك أول شيئ يقوم به المجرمين هوالإدعاء بتشكيل لجنة (لتحقيق في التجاوزات) ولكنها تموت في مهدها قبل إجراءا التحقيق واتخاذ الاجراءات القانونية من تحديد المتجاوزين وتحريك الاجراءات ضدهم ولعل السبب في ذلك معلوم للجميع ….فالمطلوب هو تطهير الاجهزة العدلية في البلاد ابتداء من الشرطة فالنيابة وانتهاءً بالقضاء بصفة مستعجلة ودون تردد ودون التفات لمثل مبررات (مولانا عبد القادر محمد أحمد) التي أفسدت عمل لجنة التمكيتن ومنحة الفرصة للفلول لإلتقاط انفاسهم.
فقد روي عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) : الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: اثْنَانِ فِي النَّارِ، وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ: رَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَلَمْ يَقْضِ بِهِ، وَجَارَ فِي الْحُكْمِ، فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ لَمْ يَعْرِفِ الْحَقَّ، فَقَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ، فَهُوَ فِي النَّارِ. رَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
فحينما جاءت الانقاذ احالت كل القضاة الشرفاء للصالح العام ثم بعد ذلك جاءت بقضاتها المرتشين ومكنتهم فاستتب لهم الحكم بعد ان وظفت قضاتها الفجرة
تصويب قرأت تكتب الهمزة على الالف وليست على السطر