مقالات وآراء

التزامات الحكومة الانقلابية الكاذبة أمام الأمم المتحدة

 

 

من الآخر

أسماء جمعة

 

الحكومة الانقلابية تحاول جاهدة أن تكسب ود العالم بعد العزلة التي واجهتها بسبب انقلابها المشؤوم، طرقت كل الأبواب متسولة ومتوسلة ولاهثة خلف الدول ولم تجد من يفتح لها باباً، حتى دول الشر التي دعمتها في الانقلاب مارست معها كل فنون الاستهبال والاحتيال ولم تجد نتيجة. وأخيراً، قررت أن تتظاهر للأمم المتحدة بالمسؤولية، فقدمت -بلا تحفظ- التزامها بتنفيذ كل ما تريده الأمم المتحدة، لكنها على أرض الواقع ملتزمة بصرامة بارتكاب جميع أنواع الانتهاكات والفوضى وعدم احترام حقوق الإنسان.

الحكومة الانقلابية التزمت أمام الأمم المتحدة بتنفيذ كل ما جاء في وثيقة الحقوق والحريات الموجودة في الوثيقة الدستورية، وتنفيذ كل الاتفاقيات الدولية الأساسية، وهي: اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية مناهضة التعذيب، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، واتفاقية حماية الأشخاص من الاختفاء القسري، والإنضمام للاتفاقيات الدولية والمواثيق التي لم ينضم إليها السودان بعد.

فولكر بيرتس_ مبعوث الأمم المتحدة لدى السودان

الحكومة الانقلابية رغم أنها غير شرعية؛ لا تملك الحق في تعديل أي شيء التزمت به للأمم المتحدة، بأن تقوم بعمل مواءمة وملاءمة للقوانين السودانية مع الاتفاقيات الدولية التي انضم إليها السودان، بإرسال التقارير الدورية التي تطلبها لجان الأمم المتحدة، وتنفيذ كل التوصيات الختامية التي أوصت بها لجان الاتفاقيات.

الحكومة الانقلابية التزمت أمام الأمم المتحدة بدعم الآليات الوطنية لحقوق الإنسان، وتحقيق سلام عادل ومستدام مع كل الحركات المسلحة، وإنهاء النزاعات القبلية، ونبذ جميع أشكال العنف، وتشجيع المصالحات، وتعزيز التعايش السلمي من أجل إرساء دعائم السلام والاستقرار، وتأمين العودة السلمية للنازحين داخلياً واللاجئين من المناطق المتضررة بالحرب، ومنع الإفلات من العقاب، وتعزيز آليات المساءلة والتحقيق في كافة الانتهاكات، وتطبيق العدالة الانتقالية، وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية.

الحكومة الانقلابية التزمت أمام الأمم المتحدة بتهيئة الأجواء لإقامة انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، وتنفيذ خطة التنمية المستدامة بتحسين خدمات التعليم والصحة، وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لخفض الفقر، والتقليل من أثر الكوارث الطبيعية، وخلق مزيد من فرص العمل للشباب والمرأة والأشخاص ذوي الإعاقة. كما التزمت بحماية حقوق المرأة، ومواصلة تمكينها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وحماية الأطفال، ومنع كل أشكال التعدي عليهم واستغلالهم، وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والمسنين وكل الفئات الضعيفة، وضمان حرية الرأي والتعبير والإعلام، وحماية الصحفيين ومراسلي الصحف ووكالات الأنباء ووسائل الإعلام وتوفير البيئة المناسبة لعملهم، وضمان حرية التجمع السلمي والتنظيم، والإقرار بأهمية دور منظمات المجتمع المدني في تطوير وترقية حقوق الإنسان، وتسهيل عملها والسماح لها بممارسة أنشطتها. وأخيراً، التزمت بحماية المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين.

السؤال المهم: هل ستحترم الحكومة الانقلابية هذه الالتزامات فعلاً؟ الإجابة: لا وألف لا. أولاً لأنها تستعين  بنهج نظامها القديم الذي ظل يقدم الوعود والالتزامات للأمم المتحدة ولم ينفذ بنداً واحداً من أي اتفاقية، ولم يحترم حقوق الإنسان، ورغم هذا بقي في السلطة (30) سنة. ثانياً لأن من يجب أن يقوم بمراقبة الحكومة وهي تنفذ هذه الالتزامات هي: منظمات المجتمع المدني، والنقابات، والأحزاب السياسية -وهذه غير مؤهلة للقيام بأي عمل ومشغولة بنفسها- وكذلك المدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان، والإعلام، والأكاديميون، وكل المهتمين بملف حقوق الإنسان -وهؤلاء يتعرضون لكثير من الظروف التي تجعل تاثيرهم على الحكومة ليس بالقوة المطلوبة-. لهذا نقول إن الحكومة الانقلابية تخدع الأمم المتحدة، وفي اليوم الذي كانت تقدم أمامها الالتزامات كانت تمارس جميع أنواع الانتهاكات ضد الشعب السوداني على أرض الواقع.

عموماً، الحكومة الانقلابية نسخة ثانية من النظام المخلوع، والتزامها للأمم المتحدة ما هو الا استهبال تعودت عليه، لأن الأمم المتحدة نفسها أصبح دورها سلبياً، ولا قيمة لأي التزام يقدم أمامها.

الديمقراطي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..