للأسف خرج السودان ولم يعد

محمد حسن شوربجي
قال ساخرا لقد خرج السودان ولم يعد حتى الآن
اوصافه كالتالى…
اسمر اللون…
يرتدي جلابية بيضاء قديمة …
وعمه توتال (مكرمشه) …
ومركوب فاشري قديم…
طويل القامه…
عريض المنكبين…
من يجده يتصل بالشعب الحزين…
فالشعب حبيبي وشرياني…
أعطاني بطاقة شخصية…
المهنة بناضل باتعلم…
تلميذ في مدرسة الشعب…
المدرسة فاتحة على الشارع…
والشارع فاتح في قلبي…
وأنا قلبي مساكن شعبية…
نعم لقد خرجنا في ثورة ديسمبر بحثا عن هذا الوطن ولم نجده حتي الآن…
خرجنا في كل شوارع السودان…
في كل الحواري والازقة والفرقان…
خرجنا في البوادي والوديان…
وأذ بأحدهم يصرخ وسط الجموع ” اللهم يا جامع”
وكل حوله يدعو الله ان يجمعنا بهذا السودان الرجل الصالح…
ثم يطل علينا بعض الباحثون عنه ليقولوا انهم قد رأوه تائها في بعض محاور الدنيا…
وان بعضهم قد رأوه اسيرا للدولة العميقة في بيوت الاشباح…
فرفعنا اكف الضراعة داعين الله ان يعيده لنا…
وانشاء الله يرجع بالسلامه بدون عنا…
فما أحلى عودته إلى احضاننا…
وما اجمله ان يعود الي حدقات عيوننا…
نعم خرج السودان ولم يعد …
فهى الدنيا حين تتأرجح ما بين فرح وحزن…
فالفرح مباح ولم لا وقد عاشت الشعوب افرحا واحزانا وحروبا في عصر ديونيزوس وسقراط وكونفوشيوس وموسى والمتصوفة والمسيحيين وصولا الى المسلمين وحتي كل العصور…
فلقد كتب الفلاسفة كثيرا عن ضياع الاوطان ومنذ الحضارات القديمة…
ولا زال العالم والى اليوم يستمع للفلاسفة فيتأمل ان الحياة لا تستقيم دون فرح او حزن بالاوطان…
وقد ربط بعضهم الفرح بالوطن بالحكمة فرأوا ان الانسان الحكيم يعيش الفرح والحزن بالوطن في كل الظروف…
ويميز بعضهم ما بين الفرح والحزن فقالوا ان كليهما شيء واحد…
فلا خير في أوطان دون فضيلة…
لذلك لا يحتاج المرء الباحث عن افراح الاوطان الا الى الفضيلة المطلقة والدرجات السامية في الوطنية…
ويرى البعض انه لا خير للانسان سوى ان يفرح وتطيب نفسه بكل شيء الوطن…
فكل انسان يأكل ويشرب ويذوق هناء تعبه في وطنه
لان ذلك عطية من الله…
وعند أغوسطينوس حب الحياة من اوطان وغيرها هي الحكمة والغاية من الحكمة هي السعادة التي تفضي الى طمأنينة النفس ولا سبيل الى ادراك حقيقة هذه السعادة إلا بمعرفة الانسان لنفسه بنفسه…
وهو فرح يقرب الناس من الله والوطن…
والتعبير الافضل عن الايمان الديني بالاوطان لابد ان يكون بقلب طاهر نقي…
أما الفرح بفضل الله وبرحمته ونعمه وإحسانه في اوطاننا فهذا شي جميل يحبه الله وقد قال :
قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [يونس:58]…
ففي السودان تجدنا نبكي كثيرا على ضياع الوطن دون اعادته..
فتجدنا نعيش الكثير من الكوارث والفيضانات والسيول وألامطار والحروب القبلية والمؤامرات الداخليه والخارجية والعنصريه البغيضة والجهويه والاحقاد والكراهية…
فلا قدرة نمتلكها للخلاص…
فكم نتمني ان تظللنا سحائب الأفراح مبشرة بعودة هذا الوطن…
اللهم افرحنا باوطاننا…
اللهم ادم علينا اوطاننا…
فلا حزن يدوم ولا سرور …
ولا بؤس عليك ولا رخاء…
إذا ما كنت ذا قلب قنوع…
فأنت ومالك الدنيا سواء…
فكلنا ثقة ان السودان سيعود يوما…
وان اضاعوه…
وكلنا ثقة ان السودان سيعود يوما…
وان ذبحوه او آذووه…
وكلنا ثقة ان السودان سيعود يوما…
وان شردوه او قتلووه…
وكلنا ثقة ان السودان سيعود يوما…
وان سرقوا موارده وهربوا خيراته وباعووه…
وكلنا ثقة ان السودان سيعود يوما…
وان شتتوا قبائله او فرقوا ابنائه وغيبووه…
وهنا لا نملك الا الدعاء لهذا الوطن…
وعد لينا ياليل الفرح
داوي القليب الإنجرح
خليهو يفرح مره يوم
طول عمرو ناسيهو الفرح
عد لينا ماتبكي العيون
الشاربه من بحر الخجل
عد لينا ماتعدي دروب
ريانة بتسيل بالامل
عد لينا قبال الخريف يرحل
يسيب ايامنا للصيف للمحل
يمكن تصيب اشواقنا يوم
وودادي لي شوقك يصل
اللهم افراحنا يوما بعودة الوطن …