
في هذ الحلقة الأخيرة، نلملم أطراف الحديث عن العنج ، وشير المصادر إلى أن العنج هم “البلو” الذين سكنوا شرق السودان ، وإذا صحت هذه الفرضية ؛ فهذا يعني أن العنج من أصل عربي . وفي واقع الأمر، هاجرت مجموعات من هؤلاء الناس إلى غرب البحر الأحمر واستقروا في إقليم البجا ، لكن لم تنتشر اللغة العربية في تلك المنطقة كما يقول مصطفى سعد ؛ لأن لغة البجا قوية وبالتالي أضطر المهاجرون إلى تعلم البجاوية مع تحدثهم باللغة العربية ، سيما وأن البلو لم يكونوا طبقة حاكمة أو مهيمنة حتى يتأثر بها المحكومون ، ولهذا السبب يستبعد أن يكون البلو هم العنج.
من جانب آخر ، تتحدث الروايات الشفاهية أن العنج هم قبيلة الحلنقة المعروفة في شرق السودان ، بينما يقول الحلنقة أن أصلهم من قبيلة هوازن العربية وإنما تحدثوا بلسان البجا نظرا لذات السبب الذي ذكرناه آنفا بأن اللغة قوية جدا، ولذلك يضطر كل من تعامل مع البجا إلى اكتسابها ، مثلما هو حال الأرتيقة الذين هم في الأصل من حضرموت في جنوب اليمن ، وحكموا سواكن وتاجروا في شرق السودان ، ولكنهم يتحدثون لغة البجا الآن، بجانب العربية. باختصار ، يستبعد أن يكون العنج من أصل عربي، ذلك لأن المصادر لم تذكر أن العنج كانوا يتحدثون العربية ، كما أن الجميع يقول بأن العنج كانوا قوما سود البشرة وطوال القامة وهذه ليست من صفات العرب.
ومع أن المؤرخين لم يجمعوا على أصل العنج إلا أن الروايات الشفاهية تتحدث بوضوح عن قوم ذوي بنية قوية ويتميزون بالطول الفارع بحكم أحجام قبورهم كالتي وجدت في منطق الجبال البحرية كالحرازة وأم درق وجبال السرج إلى الغرب منها. ومما يعزز هذا الافتراض أن سكان الجبال البحرية هم ذوو بشرة سمراء تميل إلى السواد ولهم روايات شفاهية كثيرة ، خاصة في منطقة الحرازة ، تجمع على أن الحرازة كانت هي عاصمة لدولة ما ، ربما تكون إحدى الممالك النوبية القديمة ، بعد سقوط كوش ونبته ومروي ، فتدفق سكان تلك الممالك جنوبا عبر الصحراء الكبرى واستقر بعضهم في منطقة الحرازة وما جاورها من جبال وسار بعضهم عربا فتكونت على إثر ذلك مجموعات سكانية جديدة مثل الميدوب في شمال دارفور والبرقد وغيرهم من قبائل دارفور ، ويقال أن البعض منهم واصل سيره حتى استقر في دولة موريتانيا الحالية.
باختصار شديد ، نستطيع القول إن العنج أو الأنج ليسوا شعبا أسطوريا ولا هم من نسج الخيال الشعبي ، بل هم أناس حقيقيون وقد كان لهم دور بارز في تاريخ السودان القديم، حسبما ورد من إشارات لهؤلاء القوم في كثير من الصادر العربية والأجنبية. وهنالك آثار واضحة وقبور تنسب إلى العنج ، وكل ذلك يدل بما لا يدع مجالا للشك بأن ، العنج أو الأنج كان لهم وجود في الفترة التي سبقت قيام دولة الفونج وقبيل سقوط ممالك النوبة القديمة ، حسبما تشير إلى ذلك المصادر المتوفرة لدينا.
وبعض المصادر بحسب كتاب مملكة الأبواب وزمن العنج أن العنج فروا جنوبا عندما هاجمهم المماليك عبر بلاد تسكنها الفيلة والزواحف والنعام. ويرجح أن تكون المنطقة هي الصحراء الغربية التي مروا بها في طريقهم إلى شمال كردفان ، مما يدل على ارتباط العنج بجبل الحرازة. على أية حال ، العنج ورد ذكرهم كثيرا في معظم مصادر تاريخ السودان ولهم آثار مادية وثقافية تتمثل في بعض الكلمات الشائعة في لهجتنا الدارجة ، وهنالك طقوس وممارسات شفهية كثيرة كالجرتق وغيرها يقال إنها تعود إلى تأثير العنج على المجتمع السوداني.
وذات مرة استضاف الأستاذ الطيب محمد الطيب ، رحمه الله ، في برنامجه صور شعبية مجموعة من سكان القرى التي تقع وسط الجبال إلى الشمال الغربي من أم درمان وقد ذكروا أنهم من أحفاد العنج ، ولكنهم الآن يعيشون وسط القبائل العربية مثل الجموعية والقريات والجميعاب ؛ ولذلك يعتقد بعض من تواصلت معهم في هذا الصدد أن بعض سكان الريف الشمالي وبعض الأسر في حي شمبات في مدينة بحري ومجموعة من سكان حلفاية الملوك تعود أصولهم إلى العنج أو على أقل تقدير إلى العائلة المالكة منهم.
ومهما يكن الأمر فإن العنج كانت لهم سلطة على مساحة واسعة من الأرض السودانية ولكنهم لا يذكرون بهذا الاسم الآن، على عكس القبائل النوبية القديمة التي لا تزال لها وجود حيث هنالك مجموعات كثيرة تتحدث اللغة النوبية في الشمال والوسط ، وفي بعض مناطق دارفور بقدر من التغيير في النطق ومعاني الكلمات ؛ الأمر الذي يعني أن العنصر النوبي الذي انداح جنوباً وغرباً قد ساهم في تشكيل مجموعات سكانية ، بعدما أختلط بالسكان الأصليين للمناطق التي وصل إليها بعد انهيار ممالك النوبة ولذلك يسهل تتبع أثره في السودان ، بينما لا نجد أثراً يذكر للعنج من حيث اللغة أو التراث إلا بالنذر القليل ، فنحن لا نعلم لغتهم ولا ديانتهم ولا أسماء ملوكهم . والسؤال الذي يحتاج إلى إجابة من هم العنج ، يا ترى؟ .
إنت قالوا ليك العنج ديل راجعين ولا عاوز تورثهم ولا شنو يا قش؟ ما كفاية بقة وآخر خواطرك قلت ما فيش فايدة من تقصيهم لعدم ةجود تراث مكتوب لا في كتب التاريخ ولا في الحكاوي؟
متعك الله بالصحة والعافية يا استاذ محمد التجاني قش ارجو ان تواصل في بحثك عن العنج عسى ولعل تصل الى من هم ومن اين جاءو لاننا نريد ان نتعرف على هذا اللغز المحير وحبوباتنا زمان كانن بقولن العنج ناس طوال وكانو ينجضو السمك في عين الشمس
متعك الله بالصحة والعافية يا استاذ محمد التجاني قش ارجو ان تواصل في بحثك عن العنج عسى ولعل تصل الى من هم ومن اين جاءو لاننا نريد ان نتعرف على هذا اللغز المحير وحبوباتنا زمان كانن بقولن العنج ناس طوال وكانو ينجضو السمك في عين الشمس