مقالات وآراء
الموت في النيل الأزرق مسؤولية سلطة الانقلاب

خارج السياق
مديحة عبدالله
كل يوم جديد تعكس صحيفة الأحداث المؤلمة في السودان فشل سلطة الانقلاب في إدارة شؤون البلاد، وليس هناك ما هو أبلغ من الموت الجماعي والعنف والنزوح نتيجة القتال بين مكونات اجتماعية في ولاية النيل الأزرق، فسلطة الولاية وعلى مستوى المركز لم تسع لمعالجة أسباب القتال، ولا يحلو لها الكلام وإطلاق النداءات بوقف القتال إلا بعد وقوع الكارثة وفقد المئات لأرواحهم ونزوح ألاف المواطنين وتعطل الحياة، وكل ما تقوم به هو إعلان حالة الطوارئ من أجل (هدنة) هشة ومحاولة للسيطرة خائبة على الوضع!
ما يحدث يقع في السودان فقط، فالنزاعات تتفجر كل يوم ورغم أن أسبابها معلومة للكل ألا أن التعامل معها يكشف عن خلل وعجز من قبل سلطة الانقلاب وكأنها تحكم بلد آخر، والمثير للعجب تطلق النداء للمكونات الاجتماعية هناك لوقف القتال، أي قررت أن تقوم بدور الأب الرقيب الحكيم الذي ينهي عن القتال بين الابناء!! حقًا أنه أمر مستفز، فالموت والمواجهات الدامية لم تحرك قادة الانقلاب للذهاب للولاية بينما لا يتوانى قائد الانقلاب عن حضور عقد قران جماعي أو إهدار الزمن في استقبال ووداع سفراء دول من المؤكد أنهم في حيرة من أمر السلطة في السودان.
كل ذلك يؤكد غربة سلطة الانقلاب عن واقع البلاد وأهلها، وإن كل يوم تبقى فيه على سدة الحكم يكون خصمًا على البلاد وأهلها وحقوقهم ابتداءً من الحق في الحياة، وليس هناك ما هو أقوى مما يحدث من نزاعات دامية في مختلف مناطق البلاد ليشكل حافزًا للعمل يد واحدة من قبل قوى المعارضة من أجل إسقاط الانقلاب واستعادة الحكم المدني الديمقراطي ومحاسبة القتلة وكل من تسبب في نزاع النيل الأزرق الذي يؤشر لخطر مجتمعي يهدد تماسك الولاية ويفتت وحدة المجتمع ويعمق الانقسام ويعزز خطاب الكراهية والعنصرية وتداعياته القريبة والبعيدة ستتأثر بها كل أنحاء السودان اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا، مما يستوجب أيضًا تدخل القوى السياسية والمدنية والإعلام ليس لتقديم المساعدات الإنسانية للمواطنين هناك فقط، وإنما لمخاطبة جذور الأزمة المسببة للقتال الدامي فلا أمل في استعادة الحكم المدني الديمقراطي والموت يحصد أرواح المواطنين في أي بقعة من أرض الوطن الحزين!
الميدان