اتفاق جوبا : دور الاسلامويين في تدمير مجتمع دار فور (4 – 8)

صديق الزيلعي
تعرضنا في المقال الأول لخلفية عامة عن التهميش ، وناقش المقال الثاني دور الحكومات الوطنية الأولي في تكريس التهميش ، ثم عرض المقال الثالث ما قام به نظام نميري من تجاهل للقطاع التقليدي ، رغم توفر تمويلات متعددة وضخمة من الدول البترولية غيرها من المؤسسات المالية الدولية ، بعد الارتفاع الهائل في أسعار النفط بعد حرب 1973. نواصل اليوم كشف الدور التخريبي الذي مارسه الاسلامويين تجاه المجتمع الدار فوري ، ويلاحظ القارئ اننا وضعنا فترة الديمقراطية الثالثة مع دور الاسلامويين ، لأنهم بدأوا تآمرهم على أهل دارفور منذ تلك الفترة.
فترة الديمقراطية الثالثة (1986 – 1989) :
تميزت الفترة بالصراع السياسي الحاد في المركز للانفراد بالسلطة واهملت الاقاليم كلها تماما وفى مقدمتها دارفور. ورغم ضغوط نواب دارفور على قيادة حزب الامة وعلى الحكومة للاهتمام بقضايا الاقليم الا ان نتائج ذلك كانت مخيبة لآمالهم ولآمال ابناء دارفور. وابرزت حكومة المركز قدرة عالية ، لا تحسد عليها، على عدم الجدية وقلة الاهتمام. كما تميزت تلك الفترة بان الهم التنموي ، بالنسبة للمواطنين ، تراجع للمرتبة الثانية بعد انفجار النهب المسلح والصدامات القبلية بشكل عنيف ، غير مسبوق ، بين بعض العرب والفور ، والتدخل الأجنبي المسلح. وقد ساهمت تلك الاعتداءات في تدمير اجزاء مهمة من البنيات الاساسية ، الضعيفة اصلا ، وعطلت الحياة الاقتصادية العادية. بالإضافة للأثر السالب على مجمل النشاط البشرى جراء اقتتال الفصائل التشادية داخل الأراضي الدار فورية ، تحت سمع وبصر السلطات المركزية ، ان لم يكن نتيجة لتواطؤها مع بعض الاطراف الليبية/التشادية ، كنتيجة مباشرة لدفع فواتير لدعم القذافي للمعارضة السودانية خلال الصراع مع نظام مايو. ليس ذلك وحسب ، بل هنالك الاثر الاقتصادي لألاف اللاجئين التشاديين الذين تقاسموا لقمة العيش مع مواطني دارفور.
حاول الاسلامويين (الجبهة القومية الإسلامية آنذاك) خلق نفوذ عن طريق استغلال الصراع وخلق حاضنة اجتماعية وسط القبائل العربية رغم استقالة اثنان من نواب الجبهة الاسلامية احتجاجا على مواقف حزبهم من قضايا الاقليم وتحالفه مع بعض القبائل العربية ضد الفور. وقد عقد النائبان في الجمعية التأسيسية فاروق احمد ادم وعبد الجبار ادم مؤتمرا صحفيا في يناير 1989 ، وقال فاروق قائلا بان هدفه الأساسي هو العمل بكل الطاقات لتحرير اهله في دارفور وانقاذهم من المؤامرات التي تحاك ضدهم في الخرطوم. وقال عبد الجبار نائب دائرة قارسيلا : “هدف الجبهة هو الحكم فقط وضرب مثلا بقضية السلام وتعطيل الجبهة لذلك بحجة الحدود ، رغم علم الجميع بان الحدود مجمدة تماما ومنذ فترة طويلة وأكد ان الجبهة ضد السلام” . وأضاف فاروق : “ان ما يجري في دارفور حاليا ليس صراعا قبليا بين العرب والفور وليس نهبا مسلحا وانما نهب سياسي منظم. وأشار انهم عندما كانوا في الجبهة تصدوا لذلك بكل وضوح وأعلنوا وجود جيوش ليبية في دارفور وكذلك عند وقوع احداث الضعين، التي لن يري التحقيق حولها النور. اما بعد تغيير الجبهة لمواقفها فتغير خطها الإعلامي وقال بان ما ينشر في الراية هو تأكيد لما يقول عن السياسة الجديدة للجبهة الإسلامية”. رغم هذه الاستقالات الا ان الجبهة الاسلامية لم تغير موقفها السياسي وكان ذلك أحد الاسباب الاساسية لغضب داؤود يحي بولاد، منذ الديمقراطية الثالثة ، ونقده المتكرر لقيادة حزبه (الجبهة الاسلامية). الامر الذي اضطر الترابي ليسافر الي نيالا ويجلس معه منفردا لمدة خمس ساعات ، ولكن بولاد لم يغير رأيه.
انعدمت خلال تلك الفترة المجهودات المركزية الهادفة لتطوير دارفور او توفير احتياجات المواطنين الاساسية. ومن الجانب الاخر، اصبحت الهموم الاساسية للمواطنين منحصرة في توفير الحد الادنى من متطلبات المعيشة وصارت سلع اساسية مثل السكر والجاز الابيض والجازولين غالية بشكل لا يطاق.
والأسوأ ان المنطقة شهدت تراجعا حتى عما تم تحقيقه ، رغم انه كان يشكل اقل من الحد الادنى. وكمثال قامت الحكومة ووزير تجارتها الدكتور على الحاج بإلغاء امتياز شركة الحبوب الزيتية (رغم كل النقد الموجه للشركة لقصورها عن اداء واجبها). وهكذا تم ازاحة الشركة، مما فتح الباب واسعا امام كبار تجار الحبوب الزيتية ليراكموا الارباح والثروات على حساب المنتج الصغير في غرب السودان حيث يتم الشراء منه بابخس الاسعار عند موسم الحصاد وذلك لاحتياجه الملح وعدم توفر صوامع التخزين.
فترة حكومة الاسلامويين (1989 حتى 2019):
واصلت حكومة الاسلامويين الاهمال التاريخي للغرب عامة ودارفور خاصة، ولكنها اضافت اسلوبها الخاص الذي تميزت به عما عداها الا وهو الانجاز من خلال اجهزة الاعلام وليس في الواقع. فالمشروع الوحيد الذي بدا به في الغرب صاحبه ضجيج أعلامي ضخم الا وهو طريق الانقاذ الغربي. والغريب ان هذا الطريق (ما نفذ منه) تم تنفيذه بأموال المواطنين حيث تم بيع سكر الغرب لسنوات مما حقق اموالا طائلة لإنجاز الطريق الذي لم ينجز. ثم تطايرت الاتهامات حول اموال الطريق وصرح أحد دهاقنة الانقاذ علنا ” خلوها مستورة” وهكذا “فقه السترة” يحقق الثراء الحرام والنهب المصلح ويحرم المواطنين من ابسط حقوقهم المشروعة.
وقد اصدرت حكومة الاسلامويين قانون الاستثمار لسنة 1990 والذي اعطى امتيازات واعفاءات وتسهيلات لراس المال المحلى والأجنبي. كما قنن توزيع ملايين الافدنة دون اعتبار لحقوق واحتياجات السكان المحليين من زراع ورعاة. وكمثال منحت الحكومة 3.5 مليون فدان في جنوب دارفور للتجار وكبار موظفي الخدمة المدنية وضباط القوات النظامية ورجالات الدارة الاهلية (تحوي قائمة المشاريع المصدقة حوالي 434 اسما معظمهم من الفئات المذكورة). وقد تم ذلك دون اجراء أي دراسة للآثار السالبة لتجربة مشاريع الزراعة الالية بمنطقة هبيلا بجبال النوبة.
وتميزت فترة الاسلامويين بالتراجع التنموي (ان صح التعبير) عن طريق البيع والخصخصة. حيث شهد عهد الانقاذ انهيار مشروع جبل مرة بعد ان عصفت به الخصخصة وبيعت المكاتب والمنازل في زالنجى وبيعت العربات في دلالات عربات الخرطوم. كما توقفت مدبغة نيالا ومصنع النسيج. وكذلك تراجع الاهتمام السنوي بضبط مياه الخيران (وهي تجربة ناجحة طورتها مساعدات جمهورية ساكسونيا الالمانية). وزيادة في التراجع فقد توقفت العيادات البيطرية المتحركة ومشروع تحسين الماشية وتسويق الالبان.
ولم تنشئ الحكومة أي مشروع تنموي حقيقي بدارفور وهو من أكثر اقاليم السودان التي اهملت في الماضي ، ولكنها على استعداد لصرف 3 مليار دولار لإنشاء سد مروي لإنتاج الكهرباء. وهنا يجدر بنا ان نتعرض لحجة عدم توفر الامكانيات في ظل رفع الدولة ليدها عن كل الخدمات الضرورية ، رغم انها أكثر حكومة فرضت ضرائب بمسميات مختلفة على المواطنين. وهنا يقفز للذهن سئوال عن مصير مليارات الدولارات التي نتجت عن استخراج البترول وتصديره لمدة عشرة اعوام كاملة؟ .
أما أكبر اسهامات حكومة الاسلامويين في تعميق التهميش بدارفور هو ما قامت به لتغيير الخارطة السكانية بالإقليم. ابتدأ هذا في عام 1990/1991 بإقامة ادارات لقبائل عربية قادمة من تشاد داخل أراضي المساليت وتعيين امراء لتلك القبائل ومنحهم حق توزيع الأراضي على مواطنيهم وعندما احتج المساليت تم قمعهم بعنف مفرط. ثم امتد المخطط لقبيلة الفور عن طريق دعم بعض القبائل العربية لمواجهة الفور تحت شعار مواجهة التمرد المسلح. وخلال تلك الحملة تم حرق مزارع الفور واقتلاع اشجارهم المثمرة ونهب ممتلكاتهم وقتل حيواناتهم وحرق قراهم وقتل ابناء القبيلة. وهكذا انفتحت ابواب الجحيم على دارفور.
اما مجارز التطهير العرقي واستخدام طائرات الانتنوف ضد المواطنين العزل، فهي موثقة ومعروفة لكل العالم ، ولا يسمح المجال بتفصيلها هنا. ولكن الخطورة انها اعادت الإدارة الاهلية وأطلقت على كوادرها التي فرضتها لفظ الامراء ، وصار اهم واجباتهم تجييش القبيلة في الحرب الاهلية، وحشدها لتأييد رأس النظام. وهو ما حدث في كل انحاء السودان ، الامر الذي جعل القبيلة وحدة سياسية وقتالية تعمل لنصرة أبنائها لنيل المناصب في منافسة ومواجهة حادة مع القبائل الأخرى. وما نراه الان مما يجري وسط القبائل وبينها والقبائل الاخرى هو نتاج طبيعي لتلك السياسة الاجرامية.
أكبر جرائم الاسلامويين هو ترفيع الجنجويد وتحويلهم لما يسمى بالدعم السريع ، وتبنيه شخصيا من رأس النظام ، وإصدار قانون خاص له من المجلس الوطني للنظام.
يا استاذ
80 بالمائة من الكيزان هم من دارفور حتى ان دارفور تم وصفها ب دار كوز
ف ليه اهلنا في دارفور يقولوا الشماليين كتلونا و الشريت النيلي كتلونا و ظلمونا
ليه ما بيقولوا الكيزان كتلونا و ظلمونا
و الكوز كان كان شمالي او دارفوري او غيره ما بيمثل اهله بيمثل نفسه
و الكيزان كتلوا اهل دارفور و اهل النيل الازرق و كردفان و الشرق و كجبار و بورتسودان
كلام التهميش و الظلم دا كفاية
و خلينا نلتف حول هدف واحد هو اسقاط العسكر و تاسيس دولة المواطنة و القانون
دولة ليس فيها كيزان و لا جنجويد
دولة يعيش فيها ابنائها من الجنينة و الى بورتسودان و من حلفا الى كوستي في سلام و محبة و تعايش و حرية
ثم ماذا بعد؟
ث
___________________________
وأما ما قولك أيها المنا: لم تنشئ الحكومة أي مشروع تنموي حقيقي بدارفور وهو من أكثر اقاليم السودان التي اهملت في الماضي ، فهو كذب صراح وهل انشأت هالحكومة مشاريع تنمية في الشمالية أو ولا ية نهر النيل أو القضارف أو البحر الاحمر!؟
أما سد مرروي الخردة فلم تضف مليما في خزينة الولاية الشمالية وهو كان مشروع دعائي فاشل بدليل ان الكهرباء لم تصل لكثير من قرى وبلدات الولاية الشمالية.