من المسؤول عن موت الطفل محمد هرون رحمة وهو جائع؟

مات الطفل محمد هرون رحمة بعد تناول طعام منتهى الصلاحية في مكب نفايات مدينة نيالا بعد أن عضه الجوع سبب نقص الغذاء في معسكر (عطاش) للنازحين بولاية جنوب دارفور (دارفور 24)، 21 أكتوبر الجاري!!.

حادثة مؤسفة وجدت طريقها لدائرة الضوء وهى ضمن الكثير من حوادث الموت جوعًا بسبب الفقر والنزوح تحدث في عتمة البلد الحزين، محمد هرون رحمة فقد الحق في الحياة عندما دفعه الجوع لأكل طعام من مكب النفايات فتسمم ومات قبل أن يجد إسعاف سريع لإنقاذ حياته..

محمد كان ضمن المئات من الأطفال الذين شقوا طريقهم لسوق العمل من أجل كسب مبالغ ضئيلة تعينهم على توفير احتياجات الحياة البسيطة بعد أن عز الغذاء الذي توفره منظمة الأغذية العالمية، وفقد الحق في الحياة نفسها بعد أن فقد الحق في الاستقرار ومعقد الدراسة والحماية لسنوات عمره التي لم تتعد الـ(9) أعوام.

حادثة تجسد مأساة الحروب المتطاولة في البلد، وتقف معسكرات النزوح دليلًا ساطعًا على خيبة الكلام حول السلام الذي يملأ الآفاق، وهنا ليس المقصود الطعن في اتفاقية بعينها، بل التأكيد على أهمية تحقيق السلام بمعناه الإنساني والديمقراطي، وقضية السلام تقتضي مكاشفة سياسية واجتماعية شاملة، ففي حقيقة الأمر السلام (كم مهمل) رغم كثرة الكلام حوله، فأمره متروك لأطراف النزاع، وطاولات التفاوض لا تشهد إلا حضورهم بينما المجتمع بكل طيفه السياسي والاجتماعي والثقافي والإعلامي في شغل شاغل، لا ينتبه إلا بعد توقيع اتفاقية سلام أو انفاق إطاري حوله..

خلل بيّن حان الوقت لمعالجته بأن يُمسك المجتمع بقضية السلام بكل أبعادها الإنسانية والحقوقية، ولن يحدث ذلك إلا إذا أصبحت معسكرات النزوح مقصد زيارة الساسة وقادة العمل المدني لكسر العزلة المضروبة على النازحين ليديروا معهم النقاش ولتصبح قضاياهم ومشاكلهم معروفة ومطروقة ومحل اهتمام ومتابعة من كل الجهات، وحتى تتوفر قاعدة اجتماعية للسلام تحمل عبء المشاركة في صنعه والإشراف على تنفيذ أي اتفاق حوله، تفاديًا لأي محاولة لإفراغه من مضمونه الاجتماعي الحقوقي.

الميدان