مقالات وآراء

بيان الشرطة: سيناريو لتصعيد العنف والقمع

 

 

من الآخر

أسماء محمد جمعة

الثلاثاء الماضي 25 أكتوبر مرت على السودان، ذكرى انقلاب العسكر  المشؤوم  الذي جر السودان إلى مستنقع الضياع القديم، وهو على وشك الخروج منه، وقد كانت المواكب مهيبة ورهيبة وشملت كل مدن السودان كما هو الحال في كل ذكرى تمر من ذكريات الألم والمواجع والخذلان التي تسبب فيها العسكر  منذ أكثر من 50 سنة، وكالعادة خرجت الشرطة ببيان غريب تعلن فيه انها ستكون أكثر شراسة، وقد كان موضوع نقاش ونقد من عدد من الجهات القانونية واعتبرته دعوة لمزيد من القتل.

وفي الحقيقة البيان لا يمكن فهمه الا في إطار أنه تربص بالثورة والثوار، وإعلان رسمي لقمع الحراك الثوري القوي، ويبدو أنه معد مسبقا، لسببين الأول هو، انه قدم وصف لبعض المظاهر التي تمثل إجراءات سلامة متبعة في المواكب منذ أن بدأت الثورة ضد المخلوع، والثاني هو أن البيان نزل في صفحة المكتب الصحفي للشرطة الساعة 5:33 أي قبيل المغرب وهو موعد انتهاء المواكب وبداية انفضاضها الذي قد يستمر حتى العشاء، ويفترص ان القوات الأمنية غادرت بعد ذلك، فمتي تم تجميع تقاريرها من الاماكن المختلفة وكتابة تقرير موحد ثم  البيان؟.

من ضمن ماقالته الشرطة في بيانها انها تتعامل مع قوات مدربة بتشكيلات عسكرية مسلحة تتبنى العنف والتخريب وتحمل اعلام بألوان (أحمر، أصفر، أسود، أزرق) وشعارات تدعو للعنف بزي موحد لكل مجموعة  (فنايل، خوز، كمامات قفازات، نظارات) ويحملون أدوات كسر وقطع وتتبعهم دراجات نارية مجهولة وتسليح كامل وموحد بالدرق والغاز والملتوف والخوازيق المصنعة وشنط جراية في الخلف، وفي الحقيقة كل ما قالته الشرطة غير سليم، فالاعلام الملونة تحمل شعارات الثورة و صور الشهداء، والقفازات والخوز  والنظارات تستخدم للحماية من السلاح وعبوات الغاز التي يصوبها منسوبو الشرطة نحو رؤوس الثوار مباشرة، والمواتر لنقل المصابين إلى المستشفيات لانه لا توجد سيارات اسعاف، أما الشنط فهي تحوي اسعافات ونقالات تتطوى لنقل المصابين وهو أمر ليس بجديد بل متبع منذ انطلاقة ثورة ديسمبر عام 2018 مع بعض التطويرات.

أما حديث الشرطة عن أنّ المواكب بها ما يؤكد وجود جماعات منظمة ومتمرّدة متفلتة وخلايا نائمة تستخدم السلاح الأبيض والناري، وعبوات ناسفة تستهدف أمن العاصمة تحت تأثير المخدر والمواد السامة، هو حديث قديم وليس بجديد ومسرحية مكشوفة ظلت الاجهزة الأمنية تستخدمها حين تكون تخطط لجريمة إبادة جماعية، ولا اعتقد نسي الناس ما قالته قبيل فض إعتصام القيادة.

عموما بيان الشرطة هو تمهيد لسيناريو آخر لقتل الشعب يشبه سيناريو فض الاعتصام الذي مهد له بنفس الطريقة، وحقيقة ما من شيء يمكن أن يقال الا التحذير من هذه الشرطة التي أصبحت حريصة على حماية الطغاة الفاسدين أكثر من حماية الشعب، وعلى الشرطة أن تعلم أن الشعب قد حسم أمره بإسقاط الطغاة وما من شيء سيثنيه، ولتعلم وزارة الداخلية أن التاريخ لم يذكر أن هناك طغاة هزموا شعباً حتى ولو اعزل.

الديمقراطي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..