مقالات وآراء

كرامة الكيزان وحيرة البرهان

 

من الآخر

أسماء جمعة

يوم 29 أكتوبر الماضي، خرجت كوادر الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، تجار الدين والفتن، في موكب هزيل توجه نحو  مقر بعثة الأمم المتحدة بالمنشية. الهدف من الموكب -كما عكسته دعواتهم وخطاباتهم- هو رفض التدخل الأجنبي، ورفض وجود بعثة الأمم المتحدة المكلفة بدعم عملية التحول الديمقراطي في السودان، وطرد رئيسها الذي أحرقوا صورته. وكأن مشكلة السودان كلها في البعثة ورئيسها، وليس في الانقلاب ورئيسه الذي أوقف حال البلد ودفعها نحو مزيد من الفوضى التي يريدون لها أن تستمر. فالفوضى توفر لهم نفس المناخ الذي تهيأ لهم في ظل النظام المخلوع (30) سنة فأفسدوا حد السفور، ورغم هذا ما زالوا جوعى للفساد يتشوقون إليه شوق الظمآن للماء.
كذلك لموكب الكيزان هدف آخر أهم، وهو المطالبة بتمكينهم من السيطرة على المشهد السياسي لإنقاذ البرهان من الجريمة التي ورط نفسه فيها، وتجاوز الشارع بكل قوته وهيبته، هكذا زينوا له الحل. ولكن من حيرته، طلب منهم أن يصنعوا شارعاً يقنع المجتمع الدولي حتى يتمكن من الإقدام على المغامرة، مثلما فعل حين أراد أن ينقلب على الفترة الانتقالية، وقتها اقترحوا عليه مسرحية اعتصام الموز التي أكدت ألا كرامة لهم.
الأسئلة المهمة: كيف يقنعون المجتمع الدولي بأن شارعهم أكبر من شارع الثورة، وهم يهتفون ضده ويطالبون بعدم تدخله، وطرد البعثة الأممية؟! كيف يقنعونه وهم يعلنون الحرب ضده بصراحة؟! أي غباء هذا الذي يتعامل به هؤلاء المجرمون؟! ثم إن كانت لهم كرامة فعلاً لماذا خرجوا أساساً لإقناع المجتمع الدولي؟! أليس من الأفضل إقناع الشعب، فهو أيضا يطالب بالكرامة؟! أم لأن كرامتهم تختلف عن الكرامة التي يطالب بها الشعب ويريدون للمجتمع الدولي أن يخرج حتى يمارسونها بطريقتهم الخاصة كما فعلوا في ظل النظام المخلوع؟!
الغريب في الأمر، اختاروا للموكب شعاراً يتناقض تماماً مع أخلاقهم وتاريخهم، فقد أسموه (موكب الكرامة) رغم أنهم يجسدون كل معاني الذل والدَناءَة والمهانَةٌ والهَوان، فقد خرج تحت حماية أجهزة (البشير – البرهان) المدربة على انتهاك كرامة الشعب. وكالعادة، كلف الموكب من الأموال ما كلف لزيادة عدد الحضور، لذلك أعلنوا عنه يوم عطلة ربما يأتي الناس من باب الفضول. ثم قالوا إنها مليونية، ولكن القنوات الفضائية حينما حضرت لم تجد غير ألفين أو ثلاثة على أعلى تقدير، وأظهرت الصور من أعلى حجمه الذي أثبت للعالم بوضوح أنه أقل من موكب دعائي للثوار في حي واحد. وأظنهم أحرجوا البرهان حين قالوا إنه طلب منهم صناعة شارع موازٍ، فهذا اعتراف بأنه يقوم بمؤامرة أخرى، ويتلاعب على المجتمع الدولي، رغم أنه التزم في الجمعية العامة للأمم المتحدة بكل شيء تطلبه.
عموماً، قائد الانقلاب لا يتعلم أبداً من أخطائه، وما زال يعتقد أن بقاءه في السلطة مرهون باستغلال هذه المجموعات عديمة الكرامة المتوفرة عند الطلب، التي يستأجرها لتؤدي له الأدوار الاحتيالية، ثم يخرجون بكل قوة عين يتحدثون عن الكرامة. فأي كرامة تلك التي تجعلهم يرفضون بعثة الأمم المتحدة والسودان جزء من منظومتها، ويسكتون عن تدخل إسرائيل والسعودية والإمارات ومصر وروسيا؟! أي كرامة تلك التي جعلتهم يهربون إلى تركيا ودول أجنبية أخرى خوفاً من العدالة؟! إنها حقاً كرامة الكيزان وأتباعهم التي تخالف كل معاير الكرامة التي يعرفها البشر.

الديمقراطي

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..