مقالات وآراء سياسية

هل من سبيل لاعادة الحياة لوثيقة دستور ٢٠١٩م تعديل ٢٠٢٠م ؟

محمد علي طه الملك

تقتلني الحيرة من ذلك الاصرار العنيد الذي يبديه بعض المحسوبين على قوى الثورة والتغيير ممن اعتقدهم نخبة ثقافية وسياسية بل وقانونية مؤهلة ما زالت اذهانهم عالقة  بصورة تدعو للشفقة ان لم تكن الريبة بفكرة انعاش وثيقة مزقها الانقلابيون وداسوا عليها (بابواتهم) دون ان يطرف لهم جفن او يغشى ذاكرتهم سؤال من ثلاثة كلمات (ثم ماذا بعد)؟
وثيقة الدستور الانتقالي ٢٠١٩م المعدلة ٢٠٢٠م ماتت سريريا يا من تاملون انعاشها ، ماتت هذه الوثيقة (وشبعت موت) و لن يصلح معها جرح او تعديل يعيدها للحياة  لاستحالة ذلك عمليا.
لعلك تسالني : نبرة الاستحالة دي جبتها من وين يامتر؟
اقعد اقول ليك ..
الوثيقة الدستورية فقدت مرجعها الدستوري و(السياسي) الذي نشات عليه،  ولا اقول (التاسيسي) توقيرا لمفهوم هذا المصطلح في الفقه الدستوري ، هذه الوثيقة الان بلا عائل شرعي حتى لو ادعى  ابوتها بالتبني الانقلابيون ورفقائهم من بعض مجموعة اتفاق جوبا لسلام السودان.
لان هذه  الوثيقة المراد تعديلها نصت بنفسها  على الطريقة التي تعدل بها وحصرتها في المجلس التشريعي او مجلسي السيادة والوزراء مجتمعين ،  الان لا وجود لهذا ولا ذاك ،  بالتالي اصبحت  هنالك استحالة دستورية وعملية لاجراء اي تعديلات عليها.
مفهوم ان الحركات الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان ظلت تعبر عن  مخاوفها  من دستور جديد  تسقط معه تعديلات ٢٠٢٠م الضامنه للاتفاق ، غير انها اي الحركات مخطئة في هذا الفهم لان الغاء الوثيقة الدستورية لا يلغى اتفاق جوبا ، فضلا عن ذلك فان مسودة الدستور الانتقالي المقترحة من لجنة تسيير المحامين ، اعترفت بالاتفاقية والتزمت ببنودها مع عدم اغلاق باب مراجعتها بما يحقق السلام لكل الوطن.
اعتقد لا حجة بالمطلق لمن ينافحون بمشروعية الوثيقة الدستورية وامكانية تعديلها بعد ان فقدت المرجعية السياسية بانقلاب ٢٥ اكتوبر الذي فسخ اتفاق الشراكة بين المكونين المدني والعسكري واصبح ما كان بينهما من اعلان سياسي محضور من قوى اقليمية واممية كان لم يكن.
لقد نقل الانقلاب الاوضاع السلطوية والتشريعية الي مربع القوى العسكرية وشبه العسكرية المتمثلة في حركات اتفاق جوبا ولم يعد الحال كما كان عليه.
الجدير بالذكر دشنت في وقت سابق مجموعة التوافق ميثاقا سياسيا جاءت بنوده ورؤيته الي حد التطابق مع المحاور المطروحة في مسودة الدستور الانتقالي للجنة تسيير المحامين التي نالت قبولا واسعا بين قوى الثورة وتبنته مركزية الحرية والتغيير ، مما يدفعني للقول بان تباين وجهات النظر  بين المجموعتين (مركزية الحرية والتغيير ومجموعة الوفاق الوطني) باتت محصورة  في سؤال يتيم  من شقين يدور حول مدى مشروعية الذهاب للدستور الانتقالي المقترح من تسييرية المحامين او الذهاب الي  الوثيقة الدستورية واجراء التعديلات المطلوبة عليها ، وبما ان هنالك استحالة عملية لاجراء تعديلات على الوثيقة الدستورية كما بينت اعلاه لم تعد هنالك مشروعية لحجة  التمسك بالعود للوثيقة الدستورية واجراء التعديلات اللازمة عليها اللهم الا ان كانت الغاية دعم المكون العسكري للاستمرار في السلطة.
امل ان يدرك الفرقاء ذلك حتى يكمل الثوار مسيرتهم نحو انهاء الانقلاب والعود للحكم المدني ووقف عجلة التدهور الاقتصادي والامني المنزلقة ببلادنا نحو الهاوية.

[email protected]

‫3 تعليقات

  1. من الذي فوض لجنة تسيير المحامين ،؟؟؟

    لجنة تسيير المحامين ليس لها اي تفويض و ما قامت به سطو مشلخ على حقوق الشعب الدستورية

    و كل كلامي هذا بالقانون ( بالغانووون)

    1. انت فعلا خلي الوعي هدفك لما توعى – كلامك دا يدل على غياب الوعي عندك؟ المبادرات دي اذا بفهمك غير الواعي دا معناتو الجد في جهة فوضتو عشان يقدم ليهم المبادرة باسمو؟ انت بتسمع الناس بقولو المبادرة دي وراها كذا وديك كذا – إنهم لا يقصدون بتلك الجهات جهات تفويض – بالعكس أي فرد أو جماعة يمكنهم تقديم مبادرة- ماهي مجرد اقتراح! لكن العبرة في قوتها ومقبوليتها عند الناس هي التي تعطيها الزخم الذي لا يقاوم- فلا تقل لشخص أو جهة مبادرة الفوضكم منو؟!

    2. هههههه صياغة مقترح لمسودة دستور او قانون عملية فنية بحتة يقوم بها الدارسون والمختصون في المجال وليس هنالك موانع دستورية او قانونية او اخلاقية على ذلك ولا سبيل لاثارة مسالة التفويض ومشروعيته في هذه المرحلة لان تلك المرحلة تاتي لاحقا عندما تنتقل المسودة لمرحلة الاجازة لكن كما يقول المثل المابيك بحدر ليك في الضلمة والما عنده تيلة بفتش لاي حيلة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..