مقالات وآراء
مؤشر السودان …كيف يتحقق السلام؟

خارج السياق
مديحة عبدالله
يشغل السودان الدرجة 154 بمؤشر السلام العالمي الصادر من معهد الاقتصاد والسلام في نسخته ال (16)، يقع السودان في موقع هشاشة إقليمي فيما يتصل بالنزاعات، وجاء ترتيبه بعد الصومال، العراق، واليمن، إلا أن الدرجة التي تشغلها البلاد تكشف خطورة الوضع وكالعادة هذا الخطر لم تشر إليه سلطة مركزية ولا ولائية ولا المجتمع المدني بطيفه الواسع ولا وسائل الإعلام، ويرجع ذلك لأسباب عدة حسب تقديري..
أولًا: رغم الوعب الواسع بأهمية السلام، إلا أن العمل لاستتبابه متروك لأطراف النزاع المباشرة (سلطة مع حركات مسلحة) أو أطراف مواجهات دامية بين المكونات الاجتماعية في مناطق مختلفة من السودان، على الأقل لم نشهد عمل مدنى إعلامي يصاحب حتى تلك المفاوضات المقصورة بين أطراف السلام وبشكل مؤثر يُجبر المفاوضين على الاستماع لصوت الشارع.
ثانيًا/ تحقيق السلام لا يمكن أن يتم في فراغ اجتماعي فمن تأثروا مباشرة بالحروب تم عزلهم في معسكرات (كنازحين) وربما يرجع ذلك لظرف موضوعي لحظة اضطرارهم ترك قراهم طلبًا للحماية إلا إن استمرار العزلة واستغلال ذلك من الأجهزة الأمنية لفرض حالة من الحظر والإجراءات المعقدة أمام كل من يريد سواء أفراد أو منظمات للتواصل مع المواطنين داخل تلك المعسكرات.
ثالثًا/ هذا الطوق العازل أفسح الطريق لرسم صورة غير حقيقية عن المواطنين داخل المعسكرات وأخفى نضالهم ومقاومتهم ووعيهم بحقوقهم وسعيهم الدائم من أجل السلام واسترداد الحقوق وقدرتهم الفائقة على إعادة ترتيب أوضاعهم حتى يحصلوا على لو جزء من حقوقهم وأولها الحق في العمل، فوصفهم بالنازحين أخفى هويتهم الاجتماعية كمزارعين ورعاة ومهنيين وحرفيين ومبدعين… الخ، ولهم تصورهم للسلام بما يخاطب مصالحهم الاجتماعية.
رابعًا/ السلام قضية اجتماعية وحقوقية وسياسية وإنسانية، وهو مسؤولية كل أفراد المجتمع، ولا بد أن تتوفر له قاعدة اجتماعية مساندة من ناحية إعلامية وفنية وتواصل ولقاءات وحوارات مع المواطنين المتأثرين مباشرة بالحروب، ويكون ذلك هو الشغل الشاغل للمجتمع حتى يتحقق السلام الذي يتطلب تضحيات وجهد جماعي سياسي وفني.
خامسًا/ هذه القاعدة الاجتماعية تتأسس على ركيزة أن السلام ببعده الديمقراطي والعدالة الاجتماعية لا بد أن يضمن في اتفاقيات السلام واحترام رغبات أصحاب المصلحة الأولى وهم المواطنين المتضررين مباشرة من الحروب اللعينة، ولن نصل لهذه الغاية دون رقابة ومشاركة مجتمعية واسعة وجعل قضية السلام هم كل المواطنين السودانيين.
الميدان