مقالات وآراء سياسية

يواجه السودان أزمة سياسية حادة .. ماهي إقتراحاتكم للخروج منها ؟

منير التريكي

لأكثر من سنة تمر البلد بإزمة حادة . لايبدو أن الإنقلابيين يدركون ما يفعلون . المستفيدون من هذا الوضع الغريب هم من لا يريدون حلاً سريعاً و عملياً . هم فلول النظام البائد الذين يستميتون للإبقاء على الاوضاع كما هي. لهذا يفشلون كل الحلول . مرة بتشجيع خصومهم لرفع سقوفات المطالب بمثالية يصعب تنفيذها. وتارة بتضييع الوقت في المفاوضات غير المثمرة. ومرة بالإستقواء بالخارجي كالمبعوث الأمريكي وبالرئيس المصري . بهذه الشواغل هم يراهنون مضي الوقت وتناقص قوة دفع الثورة. من هذه الشواغل ايضا خطابات الإنقلاب التي يعدها الفلول . قائد الإنقلاب الورطة يخاطب الشعب السوداني كما يخاطب تعلمجي اسبليطة أحدث مستجد. أي يعتقد أنه يخاطب مُجَنّد صغير السن قادماً لتوه من قريته البعيدة.  قائد الإنقلاب الذي اعاد كل السودان للوراء يتناسى كل العقلاء وجهابذة الفكر والخبراء في الخرطوم ومدن السودان وربوعه. ويخاطب الشعب بخطاب فج ومتناقض. الخطاب ساذج و ضعيف وفارغ من المضامين. تذروه الرياح ولا يبقى منه إلا بقايا كذبات بائسة . الأسباب لا تخفى على أحد . الكذب والتخبط والتناقض الشديد بين القول والفعل . لكن السبب الاول هو إن ما بني على باطل فهو باطل . فلن  يصدق الناس  شخص يتحدث عن مواصلة الثورة وهو قد إنقلب بقوة السلاح . ولن يصدق الناس من يتحدث عن المشاركة وهو قد إعتقل شركاءه المدنيين . ولن يصدق أحد إنقلابي يطلب من القوى السياسية الجلوس للحوار وهو لا ينوي ان يتنازل عن أي قرار أعاد به البلاد للحفرة التي خرجت منها بعد الثورة . إذن قائد الانقلاب إما انه لا يعي ما يقول ومُغَيَّب تماماً ممن هم حوله أو أنه يدرك ما يقوله ويكذب لكسب الوقت بأى ثمن . بالنظر لوقوعه في ظل نجومية حمدوك أثناء وقت الشراكة  فمن الواضح انه يريد إن يسير على نفس نهج سلفه المخلوع . لكن إن كان الإعلام في السابق عَتَّمَ وغَبَّش على العامة فإنهم الآن  يفهمون تماماً كل ألاعيب أجهزة السلطة. أما هذه القلة من المطبلين المنتفعين والمخدوعين فهولاء لا يعتد بهم امام جموع الثوار . وإن كان الإنقلاب يريد كسب الوقت حتى يظهر له محلياً أو دولياً ما يشغل الناس ويخفف عليه الضغط فهو واهم. هذه سياسة إستخدمها النظام البائد سنينا عددا . عرفها الناس ووعوا لها بعد ما تضرروا منها كثيراً . لكن ما يجب أن ينتبه  له الجميع هو أن الوضع الحالي هو الوضع الأمثل للإنقلابيين والإنتهازيين والأسوأ لكل السودانيين . كل يوم يمر يزداد الفاسدون ثراءاً ويخفون جرائمهم . كل ساعة تمر يتم تهريب ثروات السودانيين لصالح رفاهية شعوب أخرى. كل دقيقة تمر يتأخر السودان بفعل قرارات الإنقلابيين والفلول الذين عادوا لمراكز الدولة الحساسة . كل ثانية تمر هي خصم من وقت آلاف الخريجين والشباب الباحثين عن العمل لتأمين لقمة العيش الشريف لأسرهم . هؤلاء أصاب كثير منهم اليأس بعد أن إستبشروا بالثورة . الثورة تعني تغيير القديم الفاسد ووضع خطط للتنمية وسياسات جديدة تبني مشروعات كبرى . تَوْجِد الوظائف وتؤسس لتنمية مستدامة. تكافئ بحسب الانتاج وليس بسجلات التنظيم الحاكم . الخدمة المدنية مترهلة بمن يصرفون المخصصات والحوافز من الخزانة العامة بإنتظام مقابل مردود ضئيل جدا . هنالك الكثير من المصانع توقفت بسبب زيادة الرسوم والجمارك وإغلاق الطريق وإغراق الأسواق بالسلع المستوردة الرديئة. تعاني الزراعة بسبب زيادة رسوم كهرباء الري والجبايات . تتخبط السياحة لعدم وجود خطط واضحة وتجاهل البنى التحتية وعدم تشجيع المبادرات من المهتمين. يعاني قطاع التعليم العام والعالي والبحث العلمي لعدم إنفاذ التوصيات . هنالك دراسات متعمقة حبيسة الإدراج والحواسيب . هنالك فرص منتظمة لمنح دراسية  وتدريب ووظائف تضيع على السودان وتذهب لدول اخري تهتم بتأهيل أبنائها وبناتها . هذا قليل من كثير يضيع على  السودانيين الإنتهازيون أثرياء الأزمات وحلفاؤهم من السماسرة الدوليين يسرقون الشعب ويفقرونه. يستنزفون موارد السودان ويراكمون ديونه كل ساعة. هم الذين كانوا فرضوا الرئيس المخلوع ثلاثين سنة بالكذب والتضليل  والمماطلة وتمييع القضايا الكبرى. هم الآن يقومون بنفس اللعبة بنفس القميص بلاعب مختلف . الإنقلابيون يكذبون ويهدرون الوقت الثمين في تأمين مقاعدهم وحماية  الفاسدين . يراهن الإنتهازيون على الوقت و على تناقص كتلة الثورة بالتشظي . الثورة التي قام بها كل الشعب السوداني ضد الاسلامويين تفقد كل يوم بعض منها.
إذن ما هو الحل؟ .
الحل في إعتقادي هو تجرع الدواء المر والصبر عليه حتى تنجلي الغُمَّة ويزول المرض . للأسف الشديد يكمن الحل في القبول بتسوية رغم آلامها للخروج من هذه الأزمة . الأزمة تطاولت حتى تجاوزت السنة الكبيسة. تسوية نتجرعها تحقن الدماء وتوقف الخسائر الباهظة بشرياً ومادياً. تسوية تنظم الثورة خلالها الصفوف بتروي وتبدأ التغيير المنشود بحكمة.
الإخوان المسلمون كانوا هم سدنة نظام مايو منذ ١٩٧٧م وحتى أسقط الشعب مايو في ١٩٨٥م.
في إنتخابات ١٩٨٦م إتفقت القوى الثورية وصوتت ضد شيخ الإسلامويين فأسقطته.  تسطيع القوى الثورية أن تتناسى خلافاتها وتتفق على  حشد كل جماهيرها ضد الإنقلابيين والفلول . تفرض رأيها وتجبر العسكر على قبول رؤيتها للحل . وقتها تثمر التسوية قرارات حاسمة لصالح الشعب.
لكل شخص الحق في الإعتراض على هذا الرأي . فقط عليه أن يطرح حلاً عملياً وسريعاً يمكن تنفيذه يوقف إستنزاف الوطن .
بغير ذلك اربطوا الأحزمة وإستعدوا لطيران عشوائي لا وجهة له. طائرة لا يجيد كابتنها قيادتها ولا يهمه إن سقطت بمن فيها. هو ساقط بأي حال فلن يهمه من يسقط معه .
أسأل الله السلامة لي ولكم ولكل من لم يضرر منه الوطن.

[email protected]

تعليق واحد

  1. اتفق معك ان التسوية هي الأقرب للمعقولية في هذا الظرف لكن السؤال هل ستكون أجندة التسوية وطنية توافقية ام ثنائية تحقق مصلحة طرفين فقط هم أضعف من أن يحققوا الاستقرار المنشود في البلد.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..