مقالات وآراء
قمة المناخ .. أين قضايا السودان وأولوياته؟

خارج السياق
مديحة عبدالله
يشهد العالم الآن حدث يشغل موقع متقدم في أجندة الدول والحكومات المنظمات المدنية هو قمة المناخ (كوب27) حيث تجتمع 200 دولة في مصر من أجل النظر في قضية تغير المناخ والأضرار الناجمة عنه، ويبدو واضحًا أن القمة ستشهد جدلًا عميقًا وصراع مصالح بين الفقراء والأغنياء حول مسألة صناديق التعويضات المفترض دفعها من الدول الغنية للدول الفقيرة فهي معرضة لأكبر المخاطر رغم أنها لم تساهم في الانبعاثات الضارة المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض إلا بمقدار لا يتجاوز 20% من حجم الانبعاثات.
الجلسة الإجرائية كشفت أن الدول الغنية أبدت نوعًا من المرونة تجاه صناديق التعويضات وقبلت أن تُدرج ضمن جدول أعمال القمة، وهذا تقدم يفترض أن تستثمره الدول الفقيرة، فالدول الغنية رفضت في القمة السابقة (26 في غلاسكو) مقترح تأسيس كيان تمويل الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ، ويبدو أن الضغوط التي تعرضت لها أجبرتها على قبول المقترح في قمة (27).
الصراع حول قضية تغير المناخ ليس بين الفقراء والأغنياء، بل بين الأغنياء أنفسهم، فالرئيس الأمريكي سيحضر القمة وفقًا لما هو معلن، بينما يغيب عنها الرئيس الصيني، والكل يعلم مدى التنافس والتوتر بين الدولتين لأسباب سياسية واقتصادية، وبلا شك سينعكس ذلك على القمة وما ستخرج به من توصيات وقرارات.
في السودان يغلب علينا الغرق في مشاكلنا المحلية المعقدة، إلا أن تغير المناخ يقع ضمن أهم قضايا المرحلة في البلاد، فلم يعد من الممكن أن لا نضع قضية البيئة في قمة أولويات عملنا السياسي والمدني والإعلامي، فارتفاع درجات الحرارة الملفت وظاهرة الفيضانات المدمرة والسيول وتمدد الزحف الصحراوي من نتائج تغير المناخ، منها ما هو ناجم من تأثر بنشاط الدول الغنية وما هو ناتج من نشاط داخلي نقوم به دون مراعاة التوزان البيئي وحق البشر في الحياة وأول ذلك النزاعات المتفاقمة وحركة النزوح الدائمة وما يترتب عليها من أضرار يدفعها الفقراء في المقام الأول.
إنها قضية سياسية واجتماعية من الدرجة الأولى ترتبط بمصالح أغلبية شعب السودان خاصة المزارعين والرعاة أي أنها ليس صراع بين الأغنياء والفقراء على مستوى العالم وإنما على المستوى المحلى وقضية العدالة الاجتماعية، لذلك لا يمكن تركها للوفود الرسمية التي تحضر المؤتمر والتي غالبًا تكتفي بكتابة تقارير رسمية غير معلن عن تفاصيلها.
الميدان