مقالات سياسية

تقرير الأداء في الخدمة المدنيه !

الصديق النعيم موسى

تخيِّل أن تكون موظفاً بمؤسسات الخدمة المدنية وأن يكون أمام ترقيتك فقط تقرير أداء يكتبه عنك مديرك المباشر ؛ وتخيِّل أن يكون هذا المدير ( بكرهك بهناك بدون أي حاجه ) أو أن تخالفه الرأي فماذا يكون مصير ترقيتك ؟ وماذا تنتظر منه ؟ . إنَّ أسوأ ما خلّده قانون الخدمة المدنية هذا التقرير ويا له من ظلمٍ يُعرِّض الموظف ( للتكدير ) بسبب كتابة التقرير ، من طوافي على وزارات ومؤسسات الخدمة المدنية أوقفني هذا الأمر كثيراً هل تقرير الأداء ( المزعوم ) هذا هو الذي يحدد الترقيات ؟ نعم إنه كذلك ، وبكل أسف ؛ وحتى لو كان قانونياً فإن فيه ظُلم كبير . فكم من مدير لا يفهم معنى الإداره جاءت به الظروف وأصبح عدواً لدوداً للموظفين ؟ وكم من مدير لا يفهم عمله ؟ ويعتمد مباشرة على موظفيه الذين يقومون بكل شئ ثم يتربع ويكتب تقريراً عنهم ؟ هذا الأمر ليس عدلاً .

حال الخدمة المدنية في السودان سئ للغاية بسبب قرارات وأحياناً قوانين عفى عنها الدهر والقوانين الموجودة لم تُطبق ، بالصورة القانونية في كثيرٍ من الأحيان فمعنى الإدارة لا يفهمه كل مدير يا وزارة الإصلاح والعمل ، فيجب ألا يكون تقرير الأداء وحده هو الأمر النهائي في الترقيات . قوانين الخدمة المدنية تُذكرني بالصندوق القومي للمعاشات والتأمينات الإجتماعية ذات يوم كتبت عن قوانينهم فقدموا لي الدعوة للتعرّف عليها عن كثب ومعرفة عملهم ( مع إنني أعلم عملهم جيداً ) وفي إحدى الأيام كُنت في ضيافتهم وتحدثت مع إحدى المُدراء خاطبتني : ( دي قوانين دوله وقوانين قديمه ) قلت لها وإن يكن فما المانع من تغييرها لأنها ظالمة ومُجحفة في حق العاملين . نفس الأمر ينطبق على الخدمة المدنية يقولون إنه قانون ولا يعلمون أنَّ كثير منها غير عادل من ضمنها ( تقرير الأداء ) فإن كان المدير سئ وهذا ما نُشاهده في بلادنا أكثرهم فاشلون إلاّ ما رحم الله ، قد يكتب عنك تقريراً مُنافي للواقع وهنا أستحضر لي صديق عزيز يعمل في إحدى الوزارات مديره المباشر كتب عنه تقريراً سيئاً جداً وأضاع عليه حقه .

تقييم الأداء يجب أن يكون عادلاً وليس ظالماً فأن توجهتم على وزاراتنا ( تجدو العجب ) والظُلم يخيّم على الكثير من الموظفين الذين يخلِصون في عملهم ويتقنونه ، ومع ذلك يقع أكثر المسؤولون في أخطاء فادحة يدفع ثمنها الموظف والعامل . غياب العدالة الوظيفية وتفشي الضعف الإداري أمر خطير جداً ، فبلادنا منهارة أصلاً ونهضتها يتم عبر بناء خدمة مدنية عادلة يتساوى فيها الجميع . وفي هذا الصدد تاتيني الرسائل والإتصالات عن الحال المرير الذي يعيش أكثر الموظفين فيه ، قبل سنوات قليلة أخبرني أحد الموظفين يعمل في وزارة مهمة له عمل مُنتظم مع المسؤول الأول فكان يجلس معه كثيراً وذات يوم أدخل له عملاً ولم يخرج منه مرت أيام وإختفى هذا العمل المهم ثم أردفه مرة أخرى و المسؤول الأول لا يجيب ومن الطرائف يقول لي : سقط البشير وإبنعوف وجاء البرهان وظهر حمدوك ثم كوّن حكومته وبعد فترة تكوّنت حكومة أخرى وحدث الإنقلاب وسيطر برهان على الحكم ثم عاد حمدوك وإستقال هو الآخر وحتى الآن لم يعلم أين وصل عمله . هذا المسؤول نموذج لآخرين كُثر لا يقدّمون شئ للدولة ( فالحين ) فقط في مخصصاتهم وبدلاتهم وبعيدين كل البُعد عن العمل الحقيقي .

أحد الموظفين في درجة كبيرة وعند كتابتي عن حال الخدمة المدنية والظُلم أخبرني بجملة قصيرة تحمل الكثير من الظلم قال لي : ( مديري المباشر قبل سنواتٍ طويلة ظلمني في تقرير وكان يُظهر خلاف ما يُبطن معي ) وإن سألنا عن كيفية كتابة هذا التقرير وكيفية التقييم لما وجدنا إجابة من الكثيرين ( أما لو عندك إختلاف مع مديرك المباشر الضحك شرطك عادي يمكن يغدر بيك ) وهذا الأمر نُشاهده في معظم وزارات الدولة وكأنها ملك للوزراء أو الوكلاء والمُدراء وأكثرهم لم يقدموا شيئاً يُذكر وجودهم يُكلف الحكومة أعباء مالية ضخمة ( طبعاً الحكومه كلها منتهيه وفاشله وما جايبه خبر للبحصل ) ومع ذلك يقومون بيقيم موظفيهم ( بالله شوفو العوج ) هذا الأمر إنتشر كثيراً في السنوات الأخيرة وما زال وتحت هذا المُسمّى ( تقرير الأداء ) ضاعت حقوق موظفين وعاملين كُثر ويجب التوقّف عنده حتى لا يستمر الظلم الممنهج في الخدمة المنهارة ، العدل يجب أن يسود وليس سِواه . هناك نقاط كثيرة تحتاج لمراجعة يا وزارة العمل والإصلاح ، ولقد سبق وتحدثت عن الرجل الغير مناسب في المكان المناسب ثم الحسد والحقد في الخدمة المدنية فأقيموا العدل بين الموظفين والعاملين ، إن ظلمتموهم في المرتبات فلا تظلموهم من حقهم الأدبي أيضاً يكفي توليد الغبن ( بإعتماد هياكل جديدة للمرتبات لبعض الوزارات والمؤسسات الحكومية ) المُتابع لهذه الملفات والهيئات والشركات الحكومية يُشاهد كل أنواع الظُلم . ودائماً ما أقول لن تنهض بلادنا بلا خدمة مدنية متطوّرة مواكبة ومتطلّعة لخدمة البلاد والعباد .

صوت أخير :
النجاح الحقيقي للحكومات يكمن في الإستفادة من الموارد البشرية التي هي أساس النهضة لمجتمع عانى وما زال يُعاني الجوع والعطش والفقر ، وجود الخُبراء والكفاءات في مواقعهم هو الأمر الذي نفتقده . نتناول في مقالنا القادم بمشيئة الله عن الفساد المالي .

الصديق النعيم موسى

[email protected]

تعليق واحد

  1. عن هذا الامر احدثك حبيبي—( نحن مجموعة من موظفي فضائية واذاعة كسلا تمت مؤخرا ترقيات لذوي الحظوة والقربى وعديمي المؤهل وفاقدي الموهبة والدراية وسقط عمدا ترقية المنبوذين — واصحاب القدرات والمؤهلات عن عمد حتى لا يجد المدير من يكون قريبا منه في الدرجة رغم ان عمره العملي على بعد اشهر من مغادرة الخدمة لكن من تعود علي الظلم لا ينفطم منه وان كان ملك الموت ينتظره بعد نزوله المعاش بعد شهرين –المهم ظلمنا ظلم احفاد الرسول (ص) تظلمنا الى ادارة الخدمة منذ اربعة اشهر والي الان لم يصلنا ما يفيدنا بشي سواء مزيد من التطمين حتى ينزل المغضوب عليه المعاش وكل السبب في ما تم هو التقرير المزعوم فكم من مدير ادارة كتب تقريرا تشفى فيه من هو افضل منه ونال اصحاب شلة الفطور والجبنة والشاي الدرجة الكاملة مالم يتم ابعاد التقرير المشوؤم عن الترقيات سيظل الفاشلين هم المسيطرون علي الخدمة المدنية الي ان يرث الله الارض ومن عليها

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..