أخبار السودان

حمى الضنك بسمال كردفن.. المواطن يصارع المرض والصحة تتفرج

وفيات وإصابات تكذب التقارير الرسمية ومطالبات بإعلان حالة الطوارئ الصحية

 

المقابر تستقبل يومياً الموتى والمنازل عنابر، والصمت يخيم على وزارة الصحة

الحمى في معظم البيوت وارتفاع أسعار الدربات والأدوية

مواطنون يحملون السلطات المركزية والولائية تردي الأوضاع الصحية

تحقيق : معتصم حسن

المقابر تستقبل الموتى والبيوت تئن بالمصابين بحمى (الضنك) والموقف الميداني لا يخلو بيت من اثنين أو ثلاثة مصابين بالضنك، هذا المشهد في شمال كردفان، وخاصة محليات شيكان (الابيض) وأم روابة وبارا.

التجاوب والتعاطي من قبل السلطات الرسمية والصحية مع الوباء؛ لم يكن بحجم المصيبة التي حلت بالولاية.. التقارير الرسمية لا تعبر على الإطلاق عن الوضع المعاش الذي بسببه بلغ حجم الإصابة بالمرض أعداداً كبيرة ووفيات ليست بالقليلة، و تقرير وزارة الصحة بشمال كردفان في وادي والمواطن يصارع الوباء في وادٍ آخر، كل ذلك يحدث ولم تتبع وزارة الصحة الشفافية في تمليك الرأي العام المعلومات الحقيقية، قد يقول قائل: هذه الإحصائية هي التي وصلت المؤسسات الصحية، هذا لا يعفي الصحة من جمع المعلومات خارج مؤسساتها الصحية والواقع لا يكذب..

تعريف حمى الضنك:

حمى الضنك هي مرض يُنقل بواسطة الباعوض وينتشر في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية في العالم. تتسبب حمى الضنك الخفيفة في الإصابة بحمى شديدة وظهور أعراض شبيهة بأعراض الإنفلونزا يمكن أن يؤدي أحد أشكال حمى الضنك الشديدة – والمعروف باسم حمى الضنك النزفية – إلى نزيف وانخفاض مفاجئ في ضغط الدم (صدمة) والوفاة.

الفشل والصمت:

الفشل والصمت الذي يخيم على وزارة الصحة بشمال كردفان ومديرها العام الذي يقوم مقام الوزير د. إبراهيم الأنصاري، أمر محير رفضه المواطن الذي  تمثل الصحة أهم أولوياته؛ والسؤال الذي يفرض نفسه لماذا إخفاء المعلومات الحقيقية والواقعية عن الوباء؟ يحدث كل ذلك والوباء يضرب الولاية، المواطنون كانوا ينتظرون عقد مؤتمر صحفي لتبين من خلاله الوزارة كل الحقائق، ولا توجد منصة إعلامية بالشكل المطلوب توضح بشكل يومي للمواطن الحالات، من خلال النشر في المواقع والوسائط الصحفية والإعلامية، حتى يكون إنسان الولاية في الصورة تماماً حول ما يحدث، ونهج كشف المعلومات من شأنه أن يدعم تدخل المركز الذي زار الولاية متأخراً، فضلاً عن تدخلات المنظمات الطوعية والوطنية والأجنبية لإنقاذ الوضع المتردي لمعالجة الواقع الصحي الماثل بالولاية. صحيح هنالك تدخلات من الشباب وجهات طوعية وخيرية أخرى، لها التحية على مجهوداتها، ولكن إمكاناتهم أقل من الكارثة التي نزلت على ولاية بحجم شمال كردفان.

الواقع يكذب

تشهد جميع المؤسسات الصحية الحكومية منها تابعة لوزارة الصحة أو التأمين الصحي ومستشفيات الأجهزة النظامية، بجانب القطاع الخاص والخيري اكتظاظاً، هذا غير المصابين الذين يفضلون تناول العلاج من الصيدليات مباشرة أو العلاج البلدي دون الذهاب للمستشفى.

 

إذا اعتمدت الصحة الاتحادية التقارير الصادرة عن الصحة بالولاية فلن يكون التدخل المركزي بحجم الكارثة.. علماً بأن هنالك ولايات أخرى ضربها الوباء.

المقابر والبيوت.. الشاهد

تستقبل المقابر يومياً الموتى بمعدل غير الطبيعي، والمرضى بالبيوت يئنون مما يكذب ذلك ما ذهبت إليه وزارة الصحة في تقريرها الذي ينافي الحقيقة على أرض الواقع. والتقرير الحقيقي موجود من خلال بيوت العزاء المنتشرة ومعاناة المرضى بالمنازل.

زيارة وزير الصحة الاتحادي وطائرة الرش، الخطوتين لا فائدة منهما الوضع كما هو طائرة الرش لم تقض على الباعوض الناقل للمرض، بينما وزير الصحة الاتحادي حمل معه تقريراً لا يعبر عن المعاناة الحقيقية عن انتشار وتفشي الوباء بشمال كردفان.

ويرى عدد من المواطنين أن طائرة الرش لم تقض على البعوض، بدليل تواجد المرض وسط المواطنين حتى اليوم.

حالة الطوارئ الصحية:

كان من الأجدى إعلان حالة الطوارئ الصحية بشمال كردفان والمناشدة بالتدخل بشكل جاد لإنقاذ الموقف، وتمليك المركز تقريراً عن إحصائية تشمل الرسمي منها والميداني المجتمعي الذي يمثل الواقع الذي لا يكذب بدلاً من الاكتفاء بتقرير المؤسسات الصحية. وهنالك وقفات احتجاجية ومطالبات من المواطنين ولجان المقاومة بإعلان حالة الطوارئ الصحية بشمال كردفان لتدارك الوضع الصحي بالولاية.

استئناف الدراسة

استئناف الدراسة في ظل هذا الوضع قرار غير موفق الأمر الذي يهدد التلميذ والطالب والمعلم والعامل في المؤسسات التعليمية.. وهل تم نظافة وتعقيم المدارس بالشكل المطلوب قبل استئناف الدراسة.

ولايات أخرى بالبلاد تعاني من نفس الوباء (حمى الضنك) تعاملت بجدية وشفافية عكس شمال كردفان التي عكست معلومات غير واقعية عن المرض انعكس ذلك سلباً في تجاوب وتدخلات السلطات المركزية ومنظمات المجتمع المدني تجاه الولاية لمقاومة الوباء الذي لا يستطيع أحد إنكاره وانتشاره بشكل واسع خاصة في مدينة الأبيض.

صوت وشكوى المواطن:

يعيش المواطن فقراً وضنكاً في العيش في كل الاتجاهات فزادت المعاناة أكثر بحمى الضنك التي تضرب الولاية هذه الأيام.. استطلاعات واسعة وسط المرضى والمواطنين من داخل المنازل والشارع؛ حيث الشكوى المرة عن كارثة كبيرة اجتاحت الولاية..

قال المواطن الطيب محمد: لم يسلم من الحمى أحد من بيتي، ومازال اثنان من أسرتي مرضى، وسأل الله أن يرفع البلاء من كل السودان.

وقالت عائشة عبدالرحمن: أطفالي ثلاثة أصيبوا بالحمى الشديدة لدرجة التشنج، وعادت لهم الحمى مرة أخرى؛ وفي المركز الصحي (يدونا الدواء بدون فائدة).

إبراهيم أحمد، طالب قال: من يوم فتح المدارس لم اذهب إليها بسبب حمى في المساء و النهار استعمل البندول واجلس في البيت، والدي واخواني مصابون بنفس الحمى.

وقالت ربة منزل: أنا كل يوم في المستشفى مع أحد أولادي، وهي تعاني كذلك من الحمى.

وقال عدد من المرضى بمدينة الأبيض (طائرة الرش ما عملت أي حاجة.. الباعوض قاعد معانا، ولكن الرش المنزلي أحسن بكثير لأنه أكثر تركيزاً على قتل الحشرات) .

فيما حمل آخرون حكومتي الولاية والمركز تردي الأوضاع الصحية، مطالبين بالتدخل العاجل لاحتواء الوباء بشمال كردفان.

المريض إسماعيل آدم شكا من  المعاناة وارتفاع أسعار الدربات والأدوية، مطالباً الحكومة بتوفير العلاج مجاناً، حتى في المراكز غير الحكومية لمصلحة المواطن.

وقال آخر إن التجاوب من قبل وزارة الصحة بشمال كردفان غير فاعل، وهي غير موجودة في الميدان ولم تملك الحقائق للمواطن وهنالك تعتيم أضر بالوضع الصحي بالولاية.

النزفية.. بمركز العزل:

بمركز العزل بالأبيض قالت السستر فاطمة حماد إن الأعراض التي يشكو منها المرضى صداع وآلام في المفاصل والظهر، واستفراغ ونزيف، وقالت: الموجود الآن (10) حالات، وأن العددية التي دخلت مركز العزل حتى الآن في حدود (80) مريضاً، وعن الحالات النزفية قالت؛ موجودة بالمركز وأغلبهم من الأبيض.. علماً أن مركز العزل يستقبل حالات حمى الضنك الحادة والنزفية.

إفادة مدير مستشفى الأبيض:

أفاد المدير العام لمستشفى الأبيض التعليمي د. مصطفى قدري قائلاً إن حمى الضنك بدأت منذ شهر يوليو الماضي وكانت بإعداد كبيرة ثم انخفضت، وكان النظر لها على أنها ملاريا والوزارة أرسلت عينات وبعدها بدأ التحرك الجاد وتكوين مركز للعزل وفريق للمتابعة بالتنسيق مع إدارة الأوبئة بالوزارة، وكانت الأعداد كثيفة، و فوق سعة المستشفى، والحالات كانت خفيفة وحالات الحمى النزفية بسيطة يتم تحويلها لمركز العزل والآن الحالات في انخفاض، وهنالك مجهودات لأمانة الحكومة ووزارة الصحة والمنظمات المجتمعية.

إلى ذلك أقر د. قدري أن البيوت مكتظة بالمرضى والوفيات كثيرة، ولكن قال إن حديثه عن المستشفى الوضع يختلف عما كان عليه في الأيام السابقة، مبيناً أن هنالك انخفاض في التردد إلا أنه قال؛ البيوت مكتظة بالمصابين بالحمى.

 

فتح المدارس ورأي المستشفى:

وفي منحى آخر؛ قال المدير العام للمستشفى: هنالك نقص كبير في الكوادر الطبية والتمريض العالي، ولمعالجة الوضع تم الاستعانة بالأطباء في الحوادث. وعن فتح المدارس قال د. قدري كان من الأفضل فتح المدارس بعد أسبوع من تاريخ استئناف الدراسة؛ لأن البيوت مكتظة بالمصابين، ذلك للاطمئنان على الوضع وأنهم في المستشفى لم يتم إشراكهم وأخذ رأيهم في التقرير، مشيراً إلى أن بناء القرارات يتطلب إشراك كل الجهات المعنية بالأمر، وأنهم جزء من مركز العزل وأن بياناتهم يمكن أن تغير القرار أو تسنده، وقال: لم يتم دعوتنا للاجتماع، وأنهم كجهة منفصلة عن الوزارة لهم رأيهم ولم يتم إشراكهم.

الطوارئ ومكافحة الأوبئة:

أفاد مدير الإدارة العامة لإدارة الطوارئ الصحية ومكافحة الأوبئة د. إيمان مالك أن الإدارة تتلقى المعلومات من مصدرين، الأول المؤسسات الصحية والمصدر الثاني المجتمعي عن طريق المجتمع للتقصي عن المعلومات بالمنازل وتحليلها.. وأوضحت أن حمى الضنك وباء، وأن الوزارة تعمل على وضع التدابير والتحوطات حتى لا يكون المرض مستوطناً مثل الملاريا. وقالت إن البيئة مواتية للمرض، وأن معالجة الأمر لا يتم عبر الوزارة ولا المحلية، ولكن عبر المواطن وأن التحدي يكمن في المكافحة التي تكون من داخل البيوت للقضاء على الأطوار المائية لوجود مصادر المياه داخل البيوت.

أول حالة :

وقالت د. إيمان أول حالة كانت في 4/ 10 وتمت بلاغات عن زيادة حالات الملاريا، وتم إرسال عينات للمركز وتشخيصها والتحليل التفريغي أكد حمى الضنك، وأضافت.. كل المستشفيات مهيئة أن تكون فيها مراكز عزل.. وأكدت أن هنالك عملاً ميدانياً جارياً في المجتمع عن طريق مجموعات عبر الاستمارات وحصرها وتحليلها، وصولاً للمعلومات عن المرض عبر مصدر المجتمع، وقالت : فتح المدارس يساعد في التوعية وطالبت بعودة يوم الخدمة، وقالت مدير إدارة الطوارئ الصحية ومكافحة الأوبئة هنالك لجنة بالوزارة تجتمع يومياً ولجنة أخرى عليا على مستوى الولاية.

 

الوضع المتردي مسؤولية من:

وحمل مواطنون بشمال كردفان السلطات المركزية والصحة الاتحادية وحكومة ووزارة الصحة بشمال كردفان مسؤولية تردي الأوضاع الصحية التي يعيشها المواطن جراء انتشار وتفشي وباء حمى الضنك والتراخي في مجابهة الوباء في وقت مبكر، مطالبين بالتدخلات العاجلة لإنقاذ الوضع الصحي بالولاية.

من المحرر:

من خلال هذا التحقيق الاستقصائي عن وباء حمى الضنك التي تفشت بشمال كردفان واستطلاع المواطن والزيارات الميدانية للمنازل ومستشفى الأبيض التعليمي ومركز العزل وعدد من المراكز والوحدات الصحية بمختلف تصنيفاتها، وكذا زيارة المقابر وإفادات الجهات الرسمية ذات الصلة.. وضح جلياً أن شمال كردفان وتحديداً مدينة الأبيض انتشرت فيها الحمى بشكل كبير وواسع، وكثرت سرادق وبيوت العزاء مما يؤكد أن المعلومات والبيانات التي حملها تقرير وزارة الصحة بعكس الحقائق على أرض الواقع الذي يعيشه إنسان الولاية.. مما يتطلب الأمر خروج السلطات الرسمية والصحة بالولاية للإعلام لإبلاغ المواطن والرأي العام بكل وضوح وشفافية عن ما يجري جراء الوباء المتفشي وسط المواطنين، لتوحيد كل الجهود – ولائية ومركزية ومنظمات مجتمع مدني، بجانب التحركات الشبابية والطوعية الجارية – لتدارك الموقف والوضع الصحي المتردي للحفاظ على سلامة وصحة إنسان شمال كردفان.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..