
يوسف السندي
الخيار السياسي هو خيار ضمن حزمة خيارات اخرى لقوى الحرية والتغيير اعلنت عنها باستمرار كوسائل لانهاء انقلاب ٢٥ اكتوبر ، الخيارات الأخرى هي المظاهرات والاعتصامات وفضح الانقلاب داخليا وخارجيا ومواجهة انتهاكاته بالسبل الجماهيرية والسياسية والقانونية.
كل هذه الخيارات هدفها واحد، هو اقامة الحكم المدني الديمقراطي ، تحقيق هذا الهدف عبر اي خيار من الخيارات هو المهم ، وليس المهم الخيار نفسه.
الخيارات المعلنة يتقدم بعضها ويتأخر الاخر حسب الواقع وتفاعل الداخل والخارج وحسب مواقف القوى الأخرى المشكلة للواقع السياسي ، ففي ظل تعنت الانقلابيين واصرارهم على الحكم منفردين فان خيار المواجهة في الشوارع هو المتقدم والخيار السياسي هو المتاخر ، وفي حال استجابة الانقلابيين للضغوط ورضوخهم لاجندة الثوار فان الخيار السياسي سيتقدم بكل تأكيد.
هذه الخيارات ظلت وستظل موجودة جنبا إلى جنب طيلة فترات النضال ضد الانظمة الشمولية ، فهي حزمة خيارات طبيعية وموضوعية لكل حزب سياسي يناضل من أجل الحرية ، فالاحزاب السياسية ليست مؤسسات ثورية جامدة، وانما مؤسسات مجتمع مدني مرنة ومتحركة ، ومحاولة إلباسها لبوس التنظيمات الثورية هو تعدي على قيمة ودور الحزب السياسي.
يقول البعض لماذا الان؟ لماذا لم تطالب قحت بالحل السياسي من قبل وتقبل به؟ والإجابة سهلة، لم يكن الحل السياسي مقبولا في الفترة الماضية لان الانقلابيين كانوا يرفضون التنازل من أجل اقامة الحكم المدني ويعملون من أجل استمرار الحكم العسكري ، أو تحقيق اتفاق يجعل العسكر قادة وليس المدنيين.
معظم المبادرات السابقة التي رفضتها قوى الحرية والتغيير كانت تعتمد وجود المجلس العسكري في السلطة السياسية والتنفيذية في موقع القيادة، جاء هذا في مبادرة حمدوك وفي مبادرة الطيب الجد وفي مبادرات الجبهة الثورية والتوافق الوطني ، وهو ما يتنافى مع رؤية الحرية والتغيير للحل السياسي والتي تستند على وجوب ذهاب العسكر للثكات.
الان المكون العسكري قبل بالعودة للثكنات ، وقبل بوجود سلطة مدنية بقيادة مدنية وليست عسكرية على المستوى السيادي والتنفيذي ، وهو ما لم يقبل به من قبل ، وكان احد اسباب انقلابه على الثورة ، وبالتالي ما حدث هو تغيير في موقف الانقلابيين وليس في موقف قوى الحرية والتغيير.
هذا التوجه الجديد للعسكر مفارق كلية لما كان يحدث سابقا ، ومختلف تماما عن موقفهم طيلة السنة الماضية، واي اتفاق كان سيحدث خلال السنة الماضية كان سيأتي بالعسكر في مواقعهم وهو ما رفضته قحت حتى انتزعت هذا التنازل من الانقلابيين، وهو ما سيقود (اذا اكتمل) عمليا إلى إنهاء الانقلاب وإقامة الحكم المدني.
طبيعي ان تلتقط قوى الحرية والتغيير القفاز الان وأن تبادر للحل السياسي كقوى سياسية مسؤولة ، فإذا أنتج هذا الحل نهاية الانقلاب وقيام الدولة المدنية (حبابه عشرة) واذا فشل فان جميع الخيارات المجربة لقحت وللشعب السوداني في مواجهة الانقلابات موجودة ومتاحة، وستصل البلاد إلى المدنية عاجلا ام اجلا، فهذا امر حتمي.
اللعب بالمصطلحات لايفيد انهاء الانقلاب يعني استمرار قوى الانقلاب في السلطة وشراكة دم جديدة والانقلابات تسقط بس و الثورة تعني التغيير الجذري وليس التسوية
(وهو ما سيقود (اذا اكتمل) عمليا إلى إنهاء الانقلاب وإقامة الحكم المدني.)
وهل تعتقد أنه اذا انتهى الانقلاب وجاء الحكم المدني فإن السودان سيتحول الى دولة مزدهرة وجميع مشاكله ستنتهي بما فيها لغة الكراهية والاقصاء والمنابيذ والاساءات والاختلافات التي تجري في دماء الساسة المدنيين؟
أنا خايف انت نفسك يا سندي- اذا توفرت في ذلك الوقت فرصة للكتابة أو حتى توفر وجود للسودان في الخريطة – تكتب للمدنيين بعد أن يستلموها بفترة قصيرة مقالا عنوانه “سلموها العسكر”.. هذا للأسف الشديد ما سيحدث
وانت في وأنا في!!
شيء طبيعي ان يعتقد الحمار أن الحمير من قيادات العسكر هم الاصلح لإدارة الدولة وممارسة السياسة والاقتصاد عكس ما يحدث في كل دول العالم لا يتم تدريب وتجهيز العسكر لغير القتال ولايجيدون غيره ولا يصلحون لغيره اما الحقيقة المؤلمة في السودان انهم يهروب من واجباتهم ويحاولون اختطاف المؤسسة العسكرية من القتال لاجل الحفاظ على الوطن وحدوده الى قتل المواطنيين ومحاولة حكمهم وقهرهم بالقوة وهذا لن يحدث في السودان بعد الآن