ارج السياق
مديحة عبدالله
انتخب التشكيليون السودانيون اتحادهم العام بسلطة الجمعية العمومية منهم (25) من مرشحي تجمع التشكيلين، وقال الأستاذ منعم خضر عضو الاتحاد لموقع الراكوبة أن قيام الاتحاد جاء نتيجة جهد كبير بدأ قبل اندلاع ثورة ديسمبر المجيدة إلا أنه أزدهر بعد أن انتظمنا وكرسنا جهدنا لعودة الاتحاد بعد سيطرة الانتهازيين والفاسدين عليه.
إنها الخطوة الصحيحة في التوقيت السليم، فوجود النقابات والاتحادات الديمقراطية هو الأساس الذي يقوم عليه العمل المدني خاصة الآن والمقاومة على أشدها للانقلاب، ولاستعادة الديمقراطية والتأسيس لبناء دولة المواطنة، حيث لا يوجد فعل ثوري دون فنون وإبداع، ونذكر جميعًا كيف شكلت الجداريات إضافة معرفية بصرية وفنية وإبداعية ثورية، أقلقت أعداء الثورة فأعملوا عليها معاول التخريب والتشويه والمسح، أولًا لأنها جسدت الفعل الثوري، وثانيًا لأنها وثقت له، وثالثًا لأنها عمل جماعي ملكيته لكل الشعب عبر عنه بكل عفوية وصدق، رابعًا لأنها خاطبت البصر والعقل والعواطف حيث رسالتها شديدة الوضوح وتفاعل معها الشعب بكل فرح وتجاوب
ما أحوجنا للفنون، والإبداع التشكيلي هو أداة مقاومة للإحباط والردة الفكرية والخواء العاطفي والروحي والإرهاب وخطاب الكراهية والعنصرية، وحدث أثناء فترة الانقاذ المظلمة انقطاع مريع عن تاريخنا التليد المرتبط أشد الارتباط بالفنون التشكيلية والأهرامات والبناء والتأسيس وكل ما يجسد معاني الحياة الإيجابية، هذا الانقطاع مقصود ليحدث فراغ ليس زمنى فقط وإنما معرفي ووجداني مع تاريخنا العريق، مع محاولة أن يقر في عقولنا أن تاريخنا يبدأ منذ الفترة السنارية فقط، وأن تنسى ذاكرتنا كيف أن أقوى الأثار وأكثرها ازدهارًا غرقت بسبب السد العالي.
البصر أقوى الحواس، إنه يشكل الذاكرة وينميها ويشحذ الخيال ويأتي الإبداع التشكيلي ليطلق الخيال ليحلق به في عوالم حرة، وأتوقع أن يقوم الاتحاد الجديد بالفعل المطلوب في مجال تخصصه، إضافة لما يشكله من إضافة إلى الاتحادات والنقابات الديمقراطية التي شقت طريقها للوجود بقوة الجمعيات العمومية وهذا هو المطلوب تمامًا كأحد أهم أدوات مقاومة الانقلاب اللعين، وجود اتحاد التشكيليين خطوة صحيحة في التوقيت السليم، ومن المؤكد أنه سيسهم في تعبيد الطريق نحو قيام مزيد من النقابات والاتحادات الديمقراطية.
الميدان
