مقالات سياسية

وزير الداخلية فوق القانون!

الصديق النعيم موسى

قبل ثلاثة أعوام تقريباً أحالت قوات الشُرطة أكثر من ألف ضابط للمعاش في مشهدٍ إنتقامي بكل ما تحمله الكلمة من مَعنى ؛ ليس هذا فحسب بل لم يُعرف مَن أحالهم للمعاش وأصبح الأمر سِجال ما بين وزارة الداخلية والمجلس العسكري ولكنّ الزمن كفيل بكشف الحقائق وتم هذا الأمر في عهد المدير العام الأسبق عادل بشائر . أكثر من ألف ضابط خارج الشُرطة بين ليلة وضُحاها وبفهمنا البسيط لمجريات هذه الأحداث ونعلمُ عِلم اليقين أنَّ الكشوفات الدورية التي تأتي كل عام لا تتراوح ما بين مائتي وثلاثمائة ضابط وهي إجراءات روتينيه في كل القوات النظامية ؛ ولكن كان للفريف أول عادل بشائر ومن معه رأي آخر ( ألف ضابط في فدَ مره يبقو هوامل يبقو هوامل ) في تلك الأيام لم يستطع مدير عام الشرطة بشائر تحمله المسؤولية وهو الرجل الوحيد الذي يُسأل والضُباط المُحالون للمعاش لم يعرفوا من فعل ذلك و المجلس العسكري لا يعلم ومدير عام الشُرطة لا يعلم هكذا ينظرون للمسائل التي كَتبت تأريخاً و وصمة عار لكل من شارك في هذه العملية القَذرة التي سطّرت أياماً سوداء ؛ وبدأ الضُباط في مرحلة التقاضي عبر المحاكم المتخصصة حيث ألغت محكمة الطعون الإدارية في المحكمة العليا من نوفمبر 2020 ، قرارات إنهاء خدمة ضباط الشرطة المحالين للمعاش في كشف عام 2019م ، وتأمر وزارة الداخلية بإعادة الضباط المُحالين للمعاش للخدمة فوراً و قد تولّى الترافع عن الضباط حينها اللواء شرطة حقوقي د . الطيب عبدالجليل حسين والعقيد شرطة عبدالوهاب مكي المُحامَيين.
واصل الضُباط ( المغضوب عليهم من قوات الشرطة ) مرحلة التقاضي وفي 30/8/2022 سلّمت المحكمة العليا وزارة الداخلية قراراً نهائياً بعودة ضُباط الشرطة المفصولين في العام 2020م وألزم القرار وزارة الداخلية بعودة الضُباط للعمل فوراً وصرف جميع مُستحقاتهم المالية وإعتبار المُدة التي قضوها خارج الخدمة مدة متصلة فيما أرسلت صورة من القرار للمجلس السيادي . تمّ التدرُج في الحكم بجميع مراحل التقاضي إلى أن صار حكماً نهائياً واجب النفاذ ومع هذا لم تتخذ وزارة الداخلية الخطوات الإيجابية تُجاه التنفيذ مما دفعهم  إلى رفع دعوى ضد الوزارة حيث أصدر مولانا طارق خليل عبد الحافظ قاضي المحكمة العليا قراراً تأريخياً تم بموجبه رفض كل الطلبات التي تقدمت بها هيئة المُستشارين الممثلين لوزارة الداخلية قبل أن يأمر بتنفيذ القرار وعودة الضُباط للخدمة فوراً مع صرف جميع إستحقاقاتهم المالية المستحقة وإعتبار المدة التي قضوها خارج الخدمة مدة متصلة كما ذكرنا آنفاً.
على ذات الصعيد وفي 20/9/2022 أصدر مولانا طارق خليل قاضي المحكمة الادارية قراراً بتغريم مدير عام الشُرطة وزير الداخلية المُكلّف الفريق أول عنان حامد ، مبلغ 100 ألف جنيه يومياً على أن تُدفع من ماله الخاص يسري هذا الأمر لحين إعادة 199 من الضُباط المفصولين وأمرت المحكمة برفض الطلبات المقدمة من وزارة العدل ورئاسة الشُرطه المتصلة بوقف تنفيذ قرار إعادة الضباط . سار الضُباط المفصولين بتسلسل التقاضي محكمة تلو الأُخرى إلى أن تم إنصافهم بجميع المراحل ولكنّ لوزارة الداخلية وإدارة الشُرطة رأي آخر ( ركوب راس شديد ) وهذا التحدّي أمام القضاء ولكم أن تنظروا في ذلك هذا الوزير المنوط به حفظ القانون لم يُحرّك ساكناً في قرار المحكمة النافذ وهو بلا شك مَسلك خطير يَضرِبُ بقرارات المحاكم عرض الحائط ، وعندما يفعل مدير عام الشُرطة ذلك ولا أحد يسأله ( هنا تكمن الطامة الكُبرى ) ، وفي أذهاني قرار المحكمة الشهير بإلقاء القبض على مدير شركة الكهرباء لعدم إنفاذ قرارات المحكمة القاضي بإعادة المفصولين ، فهل تصمت المحكمة على هذا الأمر ؟ أم لا تستطيع إتخاذ قرارت أُخرى لحفظ القانون الذي يجب أن نكون فيه سواسية كأسنان المِشط ، قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) سورة المائدة ؛ القانون والعدالة هو ما قاله رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه ( إنما أُهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سَرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وأيم الله : لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) أذكّرك يا مدير عام الشُرطة – وزير الداخلية المُكلّف بقول الله تعالى ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) سورة الحديد ، العدالة ليست مِنة من أحد .
صوت أخير:
إذا كانت رئاسة قوات الشُرطة التي تعمل في حقل القانون وتقوم بتنفيذه ومع هذا مدير عام شُرطتنا السودانية وحتى كتابة هذا المقال لم يُنفّذ أمر المحكمة بعد ؛ فعن أي قانون سنتحدث فيه ؟ و وزير داخليتها يضرب بالقوانين عرض الحائط ؟ لأنه يعلم عِلم اليقين لا أحد يسأله . جاء فى الصحيح أنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم – قال إن الله تعالى قال فى الحديث القدسى : « يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم مُحرّمًا ، فلا تظالموا » هؤلاء الضُباط تعرّضوا لظلمٍ كبير نعلم إنه ليس في عهدك ولكنك الآن موجود ومنوط بك إعادتهم لجبر ضررهم عبر المحاكم التي فصلت في هذا الأمر بحكم نهائي ونافذ .
إحالة هذا العدد الكبير يجب ألا يمر مرور الكرام والواجب التحقيق مع كل من شارك في هذه المجزرة التأريخية التي هزّت رئاسة قوات الشُرطة.
ختاماً ما يفعله الفريق أول عنان يؤكّد بوضوح أنه فوق القانون.

تعليق واحد

  1. لعلمك ي كاتب المقال عنان مسنود من جهة عليا (أعلى سلطة) هي التي تحرضه على عدم تنفيذ القانون.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..