مقالات سياسية

إتفاق التسوية و الإذعان – و ما أدراك ما هو؟!

م/ التجاني محمد صالح 

 

التسوية كما تبدو وتروج له الحرية والتغيير هي إتفاق يهدف إلى حل نزاع على حق يدعيه طرفان هما العسكر من جانب والمدنيين من الجانب الآخر. والصحيح هو أن هناك ثورة قام بها الشعب ضد عهد مباد مارس كل صنوف القهر والإستبداد على مدى ثلاثة عقود . لقد وصل الحال ببعض دعاة التسوية إلى عقد المقارنات بين ما حدث في رواندا والسودان لعله يجد سببا يسوق به عملية التسوية الجارية. ففي رواندا قامت حرب أهلية شاملة بين مكونين إثنيين من المجتمع الرواندي ، سالت فيها الدماء من الجانبين. وفي النهاية أدرك الجانبان ألا منتصر في حربهما الأهلية وذلك لم يحدث مثله في السودان. كما جرت في رواندا محاكمات للمجرمين من الطرفين وبعدها تم العفو المتبادل بين الإثنيتين. أما في السودان فالمجرم معروف سفك الدماء وسرق موارد البلاد ولا يزال على سدة الحكم ومع ذلك يراد من المظلوم أن يتنازل عن حقه في المطالبة بمحاكمة عادلة. تلك هي القسمة الضيزى عينها.

يلاحظ أن بعض السودانيين من دعاة التسوية كثيرا ما يتمادون في خطأ المقارنات والمقاربات هذا حتى وصل بالبعض أن يورد عفو النبي عليه السلام عن أهل مكة في فتح مكة دليلا. ذاك عفو جاء بعد إكتمال أركانه من توفر المقدرة التامة على لجم الظالم وإستسلامه الكامل غير المشروط و هو ما لم يحدث مثله في السودان. ذلك لأن الذي يطلب المصالحة و التنازل له لا يزال بيده القوة والسلطة. وهنا يتجلى لنا الموقف الأخلاقي الذي يرفض المساومة على التسوية وذلك لأنها إن حدثت تكون عطاء من لا يملك لمن لا يستحق و تنازل من المظلوم للظالم بلا ثمن. وفي هذا تشجيع للمجرم للإستمرار في إرتكاب المزيد من الجرائم الكبرى من شاكلة التعدي على الدستور وإزهاق الأرواح البريئة وإهدار الموارد القومية. إن عدم تفعيل مبدأ المساءلة على الأفعال تحت بند عفا الله عما سلف الذي ظل يتكرر على مدى يزيد على 6 عقود هو المسؤول عن عدم المساءلة الذي أدى لإستشراء الشعور العام بعدم المسؤولية. لكل هذا ولغيره يصبح من اللازم و الحتمي أن ترسي هذه الثورة القواعد الصحيحة للحكم حتى يعلم كل من يريد أن يتسنم سدة الحكم في هذه البلاد ألا عاصم له من المساءلة وحكم القانون.

إنه هذا الطريق الوعر طريق التغيير الشامل الذي إختارته الثورة ليس في حسبانه التوقف في منتصف الطريق والإكتفاء بنصف ثورة التي لا تبني وطنا بل هي ضارة ومضرة بمستقبله. الثورة قرار وفعل واع يقوم به المؤمنون بها. هم حداتها وأصحاب أسهم كما قال نيتشة ذهبية يرمون بها وهم على موعد مع التاريخ. قال تعالى لرسوله الكريم في لحظة فارقة من التاريخ: “لا تكلف إلا نفسك”. إنه لثمن غال نذر شباب السودان حياتهم له ولجان المقاومة حادي الركب أهل لذلك وزيادة. أما أصحاب الهبوط الناعم فهم في كل زمان ومكان كالضباع يتشممون موائد الثورات ويقتفون آثار النعم التي لم يدفعوا أثمانها فهم رمامو الثورات و “جقاواتها”.

[email protected]

تعليق واحد

  1. أيوة كده علموا الجقاوة ديل – الكاتب من الثقاة الذين تطمئن لفهمهم ومنطقهم وتتفق معهم على أي خلاصة يصل إليها منطقهم وتتعلم منهم وتتأكد من صحة فهمك منهم لما يجب. كتر الله من أمثاله. وفي الحقيقة الذين تقرأ لهم كلاماً ملتوياً لا رائحة فيه ولا طعم ولا منطق ولا تطمئن نفسك في آخره أو تقنع به كغثاء أغلب كتاب المقالات الراتبة المعلومين شيباً وشباباً غراً الذين تحس قبل أن تقرأ لهم بأنهم مدفوعي الأجر أو مدفعوين بالغرض، فهم ليسوا مدلسين بقدر ما هم جهلة معطوبي الرؤية والفهم ليس إلا، وقبل أن نتهمهم بالخبث والتدليس يجب أن نعلم بأنهم جهلة كالذي رد على احتجاج الفلول الجهاليل واعتراضهم على مبادرة المحامين لافتقارها للبسملة مستشهداً بصلح الحديبية بين النبي الكريم وكفار قريش! فتأمل مدى الجهل وعدم النضج – وذلك عوضاً عن الرد عليهم ببيان ماذا استفدنا من بسملات دساتيرهم والآيات التي يكتبونها مغلوطة في شعاراتهم الكاذبة التي يرفعونها ويمشون عكس مضامينها طوال حياتهم 30 سنة حتى استبان تماماً نفاقهم ولعبهم بالدين وشعاراته وبتنا نعرف نواياهم العكسية بمجرد هتافهم لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء وما كان فهمنا لهم هذا نظرياً أو ظنياً فقد رأينا في أرض الواقع وفي واقعنا وما حلّ بنا من جرائها – كذب وفساد وتعالٍ جاهل وظالم واستهانة بالأرواح والأعراض وبحقوق الإنسان والحيوان والنبات والمياه والتراب – كلها لم تسلم من أذاهم وبسملااتهم!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..